قضية جامعة ··· في زمن التفرقة!

عقدت الحكومة الميقاتية أولى جلساتها مع جدول أعمال مثقل بالمواضيع الخلافية أهمها سلة التعيينات تحت مجهر المعارضة الحاضرة للإنقضاض عند أول زلة قدم، وفي وقت يشهد الوضع الاقتصادي تراجعاً كبيراً، نظراً لحالة عدم الاستقرار المخيمة على المنطقة ككل، وعلى الساحة اللبنانية المترقبة للفترة المقبلة بحذر شديد، بعدما غابت الدولة ومؤسساتها عن معالجة الحاجات المعيشية الملحة لما يقارب الستة أشهر·

ولكن جعبة الوطن الصغير لا تخلو من التحديات التي يمكن أن تلعب دوراً جامعاً للشركاء المتناحرين، أولها حماية الحدود البحرية والاستعداد لخوض المعركة الدبلوماسية لدى الأمم المتحدة، فترسيم الحدود البحرية كخطوة أولى قبل البدء بالتنقيب عن الثروة الطبيعية من نفط وغاز هي قضية بالغة الأهمية بالنسبة لمستقبل لبنان الاقتصادي ودوره الإقليمي، لدرجة انها لا بد أن تستقطب جميع الأفرقاء دون استثناء، وتكون حافزاً لتناسي الخلافات، وعدم إضاعة الوقت بالتناحر والكيدية، كما حصل في الحكومات السابقة·

فبعدما قامت حكومتا الرئيسين السنيورة والحريري بإبلاغ الأمم المتحدة بالتعدي الإسرائيلي، جاءت سياسة التعطيل لتعيق استكمال هذا الملف وإقرار الخطوات الفعلية لترسيم الحدود، والتحرك الدولي الذي يجب أن يرافقها، خاصة مع قبرص·

فكان أن انقض العدو الصهيوني كعادته مستغلاً غياب التضامن الداخلي اللبناني لتحصيل الحقوق وانعدام الرؤية الاستراتيجية الموحدة للدفاع عن الوطن ومقوماته!

إن الإمعان في التعطيل، والتمادي في ترسيخ الشرخ الداخلي، لم يخدم يوماً سوى أعداء لبنان، وقد أثبتت هذه السياسة عقمها منذ بداية الخلاف بين الرئيس لحود والرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث تعطلت رؤيته الاقتصادية والمشاريع المتممة لها تحت ذريعة محاربة الفساد وتقليص الدين العام، دون أن تستبدل بما هو أكثر فاعلية وإنتاجية، فكان المواطن الخاسر الأكبر·· وغابت لغة الحوار وانزلق الأفرقاء في سياسات كيدية، دفع لبنان الوطن والشعب فاتورتها الباهظة،

لقد أثبتت التجارب الأخيرة في دول الجوار أن الثورات الشعبية العفوية قد نجحت في إسقاط بعض الأنظمة، إلا أن الخطوة بقيت ناقصة بسبب غياب الرؤية الموحدة والخطط الواضحة لمرحلة ما بعد سقوط النظام·

والدرس نفسه ينسحب على الواقع اللبناني، فقد نجحت الأكثرية الجديدة في تأليف حكومة اللون الواحد، ولكن إنجازاتها ستبقى معطلة، خاصة في الموضوع <اللاخلافي> الذي يتناول الحدود البحرية، في حال لم تتضافر الجهود، وتستثمر العلاقات الدولية مع مختلف المحاور، لتحقيق مصلحة الوطن العليا، واستغلال القواسم المشتركة لتوحيد الصف، والترفع عن الخلافات الضيقة·

فهل تجمع الحدود البحرية من فرقتهم سياسة المحاور؟

السابق
إطلالة الحريري: جميلة أنت.. لو لم تتكلمي
التالي
نتن.. ياهو