في 2045..الكمبيوتر أذكى منا !!

كشف راي كورتس فايل طالب في السابعة عشر من عمره عن سر خالج نفسه طويلاً في خلال برنامج تلفزيوني يقوم باستضافة مشاهير يحاولون كشف سر ما· فعزف كورتس فايل مقطوعة موسيقية على البيانو واتضح ان هذه المقطوعة هي من تأليف جهاز الكمبيوتر· وأشار هذا الفتى إلى جهاز صنعه بنفسه وقد أعجب الجميع بجهازه بل وبعمره اليافع أكثر من أي عمل قام به· قد يمضي بقية حياته يبحث في معنى هذا الاختراع لأن الفن لطالما كان يخص الإنسان وحده فهو وسيلة للتعبير عن النفس ولا تستطيع ان تتقن هذا الفن إذا لم تكن لك نفس· وقد ترى عبر هذا الإختراع أن جهاز الكمبيوتر الذي اخترعه ابن السابعة عشر من عمره قد خطف الإبداع وكل أعمال الإنسان ولترى بأم عينك هذا الخيط الرفيع فاصلاً بين الذكاء البشري والذكاء المصطنع · وها هو الآن كورتس فايل يصدق اننا سنشهد زمناً لن يصبح فيه الحاسوب ذكياً وحسب بل سيصبح أذكى من الإنسان· وعندما يحدث هذا سنكون بأجسادنا وعقولنا وحضارتنا قد بدلنا دون عودة· وهو يصدق ان هذا أمر محتوم وسيحدث بحسب تقديراته عندما تنتهي البشرية بعد 35 عاماً تقريباً·وبما أن أجهزة الكمبيوتر تتطور بسرعة هائلة فهي ستختلق نوعاً من الذكاء المصطنع وتصبح قادرة على القيام بأمور مقارنة للذكاء البشري وستتعدى أعمال الكمبيوتر المهام إجراء الحسابات بسرعة فائقة أو العزف على البيانو ليقوم بقيادة السيارة وتأليف الكتب وتقييم اللوحات الرائعة· وعندما تبدأ بتصديق هذه الفكرة، لا شيء يردع التفكير بأن أجهزة الكمبيوتر تزداد قوة، وستتطور بشكل أسرع حتى من مخترعيها الذين يفكرون بشكل <بطيء>·

قد يكون مستحيلاً توقع سلوك أجهزة الذكاء ما فوق البشري التي ستشاركنا يوماً ما كوكبنا· وتعددت النظريات التي تناقش هذا الموضوع ولكن قد تندمج مع هذه الأجهزة كي تتمتع بذكاء يفوق الطبيعة مستعملين الكمبيوتر لنطور إمكانياتنا الفكرية· فلنقل إن هذا الذكاء المصطنع قد يساعدنا في معالجة آثار التقدم في العمر وفي تمديد فترة عمرنا بل أكثر فقد نجري مسحاً لوعينا عبر الكمبيوتر ونعيش فيه كبرنامج معين وربما تشغلنا أجهزة الكمبيوتر أو تبيدنا· تعددت النظريات لكنها تجتمع كلها عند نقطة واحدة هي التغير المحتوم للإنسان وتحوله إلى شيء لا تستطيع تمييزه· ويدعى هذا التحول <التفرد> وهو نظرية حول مستقبل الحياة على كوكب الأرض· وعندما يأتي دور تقبل فكرة تواجد أشخاص خالدين يفوقون الطبيعة بذكائهم بكل ما للكلمة من معنى يمسي الأمر أكثر تعقيداً· فبينما يظهر التفرد وكأنه منافياً للعقل، هو في الواقع عملية تتطلب تقييماً رزيناً ودقيقاً·

التفرد هو الأحدث في عام 1965 وصف عالم رياضيات بريطاني ما يسمى <انفجار الذكاء>· وتعريف الآلة ما فوق الذكية هو آلة تستطيع ان تتخطى جميع النشاطات الفكرية التي قد يقوم بها الإنسان مهما كان ذكياً· وبما أن تصميم هذه الآلات هو أحد الآمال الفكرية فهذا يعني أن الآلة ما فوق الذكية قد تصمم آلات أفضل منها بعد، وبالتالي سيحدث <انفجار الذكاء> وسيترك حينها الذكاء البشري على صدى·

من هنا نستنتج ان إختراع إحدى الآلات ما فوق الذكية هو آخر ما قد يرغب فيه الإنسان·

وفي الثمانينات قام فيرنور فينج كاتب روايات الخيال العلمي بربط كلمة التفرد بسيناريو انفجار صناعة المنتجات الذكية· وفي عام 1993 أعلن فينج أنه <في خلال ثلاثين عاماً ستحصل على الوسائل التقنية التي ستمكننا من اختراع الذكاء ما فوق البشري بعد نهاية البشرية>·

وفي اثناء هذا الوقت كان كورتس فايل منكباً على التفكير في التفرد أيضاً وبعد ظهوره الأول في البرنامج التلفزيوني وبعد ان حصل على دعم لا بأس بها كمخترع ومهندس أسس شركته الأولى للبرامج ثم باعها وهو لا يزال في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا· وبعد؟؟ صنع الآلة الأولى لقراءة المكتوب المخصصة لفاقدي البصر· وقد حصل على 39 شهادة براءة اختراع وعلى 19 شهادة دكتوراه· وفي عام 1999 منحه الرئيس الاميركي بيل كلينتون الميدالية الوطنية للتكنولوجيا·

ولم يكتف كورتس فايل بذلك، بل كان يبحث عن عمل آخر كمتنبئ للمستقبل ونشر افكاره المتعلقة بالمستقبل وببني الآلات لعشرين عاماً وأحدث منشوراته هو كتاب عنوانه: عام 2005·

وهكذا، بدأ يتزايد اهتمام كورتس فايل بمصير التكنولوجيا والمعلوماتية منذ عام 1980· واحتاج إلى وسائل لقياس سرعة تطور التكنولوجيا· حتى أعظم الإختراعات قد تفشل إذا صدرت قبل وقتها وأراد أن يتأكد أنه عندما سيصدر اختراعه سيكون في الوقت المناسب· وقد تسارعت الأرقام الدالة على سرعة تطور التكنولوجيا وكانت تتضاعف في بعض السنوات· لقد راجع كورتس فايل كل التفاصيل وعالج الموضوع من جميع الزوايا· وتطرأ إلى تكنولوجيا علم الأحياء وإلى انخفاض تكاليف تجزئة الحمض النووي ووجد في نهاية المطاف النتيجة عينها في كل ما بحث فيه، وجد النتيجة عينها وهي التسارع الجنوني والمستمر للتطور التكنولوجي· وبعد أن رسم الخطوط البيانية الدالة على هذه السرعة بدا واضحاً أنها بدأت بانحناءات بطيئة ثم تزايدت السرعة بشكل هائل وامتدت انحناءاتها التصاعدية إلى ما لا نهاية، وتدل هذه البيانات إلى أننا سنتمكن من قلب العقل البشري في منتصف العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين· وفي نهاية هذا العقد ستصل أجهزة الكمبيوتر إلى مستوى الذكاء البشري· وقد حدد كورتس فايل تاريخ التفرد الذي سيحصل في عام 2045· وفي هذا العام بما أن قوى الحوسبة ستتزايد وبما ان تكاليف صناعتها ستنخفض كثيراً، يُقدر ان تصل كمية أجهزة الذكاء المصطنع إلى مليون مرة أكثر من مجموع الذكاء البشري المتواجد في أيامنا هذه·

إذن التفرد ليس مجرد فكرة بل هو يشد الناس ويربطهم ببعضهم البعض ليشكلوا حسب كورتس فايل مجتمعاً بحذ ذاته· وعندما تقرر أن تأخذ موضوع التفرد بعين الإعتبار، ستجد نفسك ضمن مجموعة مفكرين يتشاركون الأفكار نفسها هم التفرّديّون· حيث يؤمن هؤلاء بقوة التكنولوجيا التي ستشكل التاريخ ولا يطيقون من يعيشون حياتهم بشكل طبيعي وكأن ثورة الذكاء المصطنع لن تغيّر التاريخ ولن تقلب الكون رأساً على عقب·

قمة التفرد بالإضافة إلى جامعة التفرّد التي ساعد كورتس فايل في تأسيسها نضيف معهد التفرّد للذكاء المصطنع في سان فرانسيسكو· ويجري هذا المعهد مؤتمراً سنوياً يدعى <قمّة التفرّد>· وفي خلال القمّة التي حصلت في آب 2010 في مدينة سان فرانسيسكو لم يقتصر الحضور على علماء الكمبيوتر فحسب بل حضر القمة أيضاً علماء نفس وعلماء الأعصاب وخبراء تكنولوجيا النانو وعلماء أحياء الجزيئيات وخبير في أجهزة الكمبيوتر التي يمكن ارتداؤها ومدرّس في طب الطوارئ وخبير في التعرّف إلى طيور الببّغاء رماديّي اللون بالإضافة إلى جيمس راندي ساحر محترف وكاشف للزيف· وبعد الحديث عن الذكاء المصطنع تداولت القمة موضوع تمديد العمر المتوقع· فلنأخذ مثلاً الإنحطاط الفيزيائي المرافق للتقدّم في العمر وهو مرتبط بالتيلومير الذي يشكل جزءاً من الحمض النووي ولوحظ أنه عند انقسام الخلية يصبح هذا الجزء أقصر وعندما يختفي من الخلايا لا تستطيع الخلايا ان تنقس مجدداً وبالتالي تموت· ولكن للتيلومير أنزيم يسمى التلوميراز وهو يقلب هذه العملية ولهذا السبب تعيش الخلايا السرطانية فترة طويلة·

ووصف أوبري دو غراي وهو عالم أحياء بريطاني التقدم في العمر على أنه عملية تراكم الأضرار وقسّمها إلى سبع فئات وقال: <لقد بدأ الناس يعتقدون أن التقدم في العمر لا يتغير، لكن جسم الإنسان آلة تعددت وظائفها وهي تراكم عدداً من الأضرار على أنها أعراض جانبية للعمل الطبيعي الآلة· وبالتالي يمكن في المبدأ تصليح الضرر بشكل دوري· من هنا أقول ان الطب يرتكز على التلاعب في ما هو محتوم ليتمكن من جعله غير محتوم>·

ويفكر كورتس فايل في موضوع تمديد الحياة بجدية أيضاً· فقد ورث عن أبيه الذي توفي بسبب مرض في القلب ميله إلى الإصافة بالمرض، ونشر كتابين عن نظرته إلى تمديد العمر المتوقع عبر اخذ اكثر من 200 حبة دواء ومقويات في النهار· وبالرغم من أن عمره الفعلي يبلغ 62 عاماً إلا أن عمره البيولوجي هو أصغر بعشرين سنة· ولكن هدف كورتس فايل يختلف عن هدف دو غراي فهو لا يقتصر على الحفاظ على الصحة إنما هو موضوع البقاء حياً حتى يأتي التفرد· وعندما تتطور أجهزة الذكاء المصطنع الخارق المدرعة بتكنولوجيا النانو ستحول عقولنا إلى قنوات أكثر ثباتاً كأجهزة الكمبيوتر والإنسان الآلي· وهو يرى أنّ موضوع تمديد العمر المتوقع يخلق معاندة في الناس أكثر من منحنيات سرة التكنولوجيا ويقول: <أناس كثر راضون على اختراع أجهزة كمبيوتر أذكى منهم>·

الذكاء المصطنع؟ يرتبط الذكاء المصطنع بسؤال يخالج النفوس· هل يمكن لجهاز الكمبيوتر أن يصبح ذكياً؟ إنّ اجهزة الذكاء المصطنع المتوفرة حالياً تجيد العمل في مجال واحد فقط فهي لا تجيد أكثر من تفسير الأبحاث أو لعب الشطرنج· ولكنها لا تمارس المهام الإجتماعية التي نقوم بها نحن البشر· وهذه الأجهزة ذكية إذا عرّفنا الذكاء بمجاله الضيق· ولكن الذكاء المصطنع الذي نتحدث عنه لم يتم اختراعه بعد·

منذ خمس سنوات لم يكن ليكترث 600 مليون إنسان للحياة الإجتماعية عبر شبكة الكترونية واحدة· أمّا الآن أصبح الـ <فيسبوك> بمتناول الأيدي· وها قد قام حتى الآن 30000 مصاب بمرض باركينسون بزراعة الأعصاب هذا بالإضافة إلى 2000 رجل آلي يحاربون في أفغانستان إلى جانب المجموعات البشرية·

وهكذا، فلنقل مثلاً أننا اخترعنا جهاز كمبيوتر يتصرّف ويتكلم تماماً كما الكائن البشري· أهذا يعني أن جهاز الكمبيوتر واع كالإنسان؟ أم هذا مجرد شخص آلي ميكانيكي معقد للغاية من دون أن تشتعل فيه شرارة الوعي نهائياً؟ وكيف لنا أن نعرف؟ د· مصري ضمن هذا الإطار، التقت <اللــــــواء> البروفسور مروان مصري رئيس جمعية الشرق الأوسط لزراعة الأعضاء لمعرفة رأيه فيما أوردناه، وبالتالي عمّا إذا كنا سنشهد زمناً سيصبح فيه <الكمبيوتر> أذكى من الإنسان، يقول: <كلنا يعلم أن <الكمبيوتر> أذكى من الإنسان، يقول: <كلنا يعلم أن <الكمبيوتر> عندما يتعطل فهو يؤثر على العديد من أعمالنا، وكما تعلمين أيضاً فإن مختلف الأديان السماوية تشير إلى أن العالم سينتهي في يوم من الأيام دون تحديد هذا اليوم أو أسباب هذه النهاية· لأن قدرة الخالق والطبيعة هي التي تؤثر، إلا أننا كشعوب أصبحنا نعتمد على <الكمبيوتر> أكثر مما نعتمد على بعضنا، علماً أن الإنسان هو من يضع برنامج <الكمبيوتر> لكن رغم ذلك لا أحد منا يعلم في السنوات المقبلة عما إذا كان هذا <الكمبيوتر> هو نفسه سيبرمج <كمبيوتراً> آخر· الحقيقة أننا نفقد السيطرة، لكن هذا لا يعني أن هذه نهاية العالم، لكن مما لا شك فيه أن التكنولوجيا تتقدم بشكل سريع والدليل على ذلك الطائرات التي تعمل دون طيار من خلال <الكمبيوتر والريموت كونترول>·

كذلك الأمر بالنسبة للطبيب الذي يجري عملية في أميركا لمريض في العراق أو في مكان آخر من الجبهة، وذلك من خلال الـ <روبوت>·

ومما لا شك فيه أن باستطاعة <الكمبيوتر> القيام بأمور يعجز الإنسان عن القيام بها، لكن يبقى هناك دائماً إنسان وراء هذا <الكمبيوتر> كي يوجهه· ربما في المستقبل تتغير المعطيات لكننا لا نستطيع أن نتكهن>·

يضيف: <إذا أخذنا الديناصور، كلنا يعلم بأن الديناصور انقرض بواسطة نيزك ضرب الأرض تبعاً لِمَا يقوله العلماء، وبالتالي ظهر شيء جديد بعدها· اليوم ممكن أن تتم العملية نفسها لكن متى وكيف لا نستطيع أن نجزم ذلك، فعلمياً ليس هناك أية معلومات وكل الأمور مرهونة بالمستقبل>·

وحول نظرية التغير المحتوم للإنسان وتحوله إلى شيء لا نستطيع تمييزه، يقول: <نحن اليوم جميعاً نتمول، طريقة معيشتنا تتمول، طريقة تفكيرنا تتمول، بينما اليوم الناس لم تعد ترى بعضها البعض عكس ما كان سائداً في السابق· وعلى صعيد المثال، كان لدي محاضرة في <مونتريال>، فأقمت المحاضرة من لبنان دون الذهاب إلى هناك، أي أنني أصبحت متفرداً وهذا التواصل يغير الشخصية· كما أن العلم أصبح يحفزنا على تركيب أطراف جديدة منها ما هو الكتروني أو <بيونيك> وبالتالي أصبح بإمكاننا أن نخلق إنساناً جباراً من خلال زيادة هذه الأطراف· معنى ذلك أننا نخلق مهجنات جديدة يسيطر عليها <الكمبيوتر>·

وعن رأيه بأن الطب يرتكز على التلاعب بما هو محتوم ليتمكن من جعله محتوم يقول د· مصري: <اليوم نحن نستطيع أن نزرع قلباً جديداً، هذا القلب نستطيع من خلاله أن نغير نوعية الحياة· لكننا لا نستطيع أن نمد في هذه الحياة أو أن نحد منها لكن ما يحصل أننا نغير نوعية الحياة· ربما في المستقبل نغير الكبد أو الكلية··· كما يحصل مع السيارة فنحن نقوم بعملية الصيانة لكننا مع ذلك نحافظ على عدد قليل من السيارات بتغيير قطعها دوماً لكن ان نظرنا للعالم أجمع فهناك دائماً تجديد· معنى ذلك أننا مهما حققنا من تطور فلا يمكننا أن نغير المحتوم· لكن هناك حالات نادرة ربما نتمكن فيها من إطالة حياة الإنسان من خلال إجراء عملية ما لكن هذه ليست مسألة عامة بل هي حالات إستثنائية وبشكل محدود>·

وهنا لا بد من أن نلفت إلى أن الطب يحاول تغيير المحتوم سواء من خلال إجراء عمليات زرع الخلايا الجذعية أو أطفال الأنابيب وغيرها·· نحن نحاول تغيير المحتوم إلا أننا لم نصل إلى مرحلة السيطرة>·

وعما إذا كنا سنصل إلى مرحلة يصبح فيها <الكمبيوتر> واع كالإنسان، يقول: <حالياً ما زال <الكمبيوتر> يحتاج إلى الطاقة كي يعمل وينتج وهذه الطاقة يستمدها من الكهرباء، ربما في الغد يستمد طاقته من الشمس أو الهواء، أي أن مركز الطاقة سوف يتغير في المستقبل، هذا التغير سوف يكسبه حرية أكثر مما هو عليه اليوم· إلاّ أن العاطفة والإحساس ما زالا غير موجودين فيه، وإن شاء الله لا نصل إلى هذه المرحلة>·

السابق
كاميرا السرعة تلتقطك مرتين في دقيقة
التالي
الجوز للتحكم بالكوليسترول