النهار: تعقيدات مبكرة في ملف التعيينات تدهم الحكومة لجنة وزارية تعد ملفاً كاملاً للترسيم البحري

على رغم توافق قوى الأكثرية على المراكز الثلاثة المدرجة في بند التعيينات في جدول أعمال الجلسة الأولى لمجلس الوزراء بعد ظهر اليوم، بدت الحكومة في مواجهة مبكرة مع تعقيدات ملف التعيينات الذي كاد يطغى في الاتصالات البعيدة من الاضواء بين هذه القوى على أولوية مواجهة ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل.

ومعلوم ان جدول الاعمال يتضمن التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتعيين رئيس الاركان في الجيش المتوافق عليه وهو العميد الركن وليد سليمان، والمدير العام لرئاسة لجمهورية المتوافق عليه ايضا انطوان شقير.
بيد ان التفاهم على المراكز الثلاثة اصطدم عشية الجلسة ببروز اتجاه لدى بعض قوى الاكثرية الى ربط اقرار الدفعة الاولى من التعيينات ببت تعيين مدير عام للأمن العام بالاصالة تزكية لاسم المساعد الاول لمدير المخابرات العميد عباس ابرهيم الذي يدعم تعيينه "حزب الله" وحركة "امل".

وابلغت مصادر معنية لهذا الملف "النهار" انه على رغم تأكيد رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون علناً قبل يومين ان لا مشكلة في بقاء منصب المدير العام للأمن العام للطائفة الشيعية، فان تجاذباً ضمنياً حصل حول هذا الأمر، اذ بدا عون راغباً في استعادة المنصب للمسيحيين. وقالت ان الساعات الاخيرة أبرزت اتجاها لدى "حزب الله" و"أمل" الى التعجيل في بت هذه العقدة انطلاقاً من تمسكهما بالمنصب وتعيين العميد ابرهيم فيه، ولذا أجريت مشاورات واتصالات سعيا الى توافق، لكنها لم تؤد الى نتيجة، وخصوصاً بعد التلميح الى ان اقرار التعيينات في المراكز الثلاثة المقررة سيؤجل الى حين الاتفاق على منصب المدير العام للامن العام لتصدر في رزمة واحدة. وهذا الامر شكل مؤشراً أولياً لخلافات ضمنية بين قوى الاكثرية على هذا الملف.

واذ اكدت معطيات عدة حصول هذا الربط مما يضع بند التعيينات اليوم امام احتمال التأجيل، نفت مصادر وزارية "وسطية" ذلك، وتوقعت بت التعيينات المقررة على ان تستكمل الاتصالات لاحقاً للاتفاق على حل لعقدة الامن العام.
ولم يقتصر الخلاف على هذه العقدة على قوى الأكثرية، اذ بدت قوى المعارضة ضاغطة في اتجاه استعادة المنصب للمسيحيين. واثار مرجع قيادي في قوى 14 آذار دوافع البحث عن مشكلة في تعيين مدير عام للامن العام، فيما يتولى المهمة حالياً المدير العام بالوكالة العميد ريمون خطار، الذي قال المرجع انه "ينتمي الى السلك ومشهود له بمناقبيته وكفايته".

وذكر بأن الموقع كان مخصصا للمسيحيين حتى عام 1998 عندما عمد الرئيس السابق اميل لحود إلى تعيين شيعي على رأس المديرية العامة بحجة انه "لا يجوز ازاحة شخص كفي من مكانه بسبب انتمائه الطائفي، وان الحل الأمثل لهذه القضية يكون بتثبيت المدير العام بالوكالة في منصب المدير العام بالاصالة".

واثيرت قضية أخرى تتصل بتعيينات أمنية جرت في الساعات الاخيرة، وتعرض بسببها وزير الداخلية مروان شربل لهجوم حاد من الوزير السابق وئام وهاب، الذي اعتبر ان "هذه الحكومة ستكون حكومة انتقامية وكيدية غير عادلة"، متهماً الوزير شربل "بالضغط لتسليم العقيد ناجي المصري قيادة الشرطة القضائية".

لكن الوزير شربل اوضح لـ"النهار" ان المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي هو صاحب الصلاحية في الاجراء الذي اتخذه امس، والذي قضى بمناقلات شملت 12 ضابطا بينهم تعيين العقيد ناجي المصري قائداً للشرطة القضائية بالوكالة خلفا للعميد صلاح عيد، الذي أحيل على التقاعد في انتظار صدور مرسوم تعيين أصيل كونه عضوا في مجلس قيادة قوى الامن. وأكد شربل ان ريفي اتخذ الاجراء "وأنا وافقت عليه وباركته وأنا لا أمشي إلا بالقانون وهذه الخطوة قانونية مئة في المئة وهي ليست من صلاحية الوزير بل من صلاحية المدير العام لقوى الامن الداخلي". وأضاف: "هذا الامر يتعلق بمؤسسة قوى الامن ولا يمكننا ان نسمح لأي مدني ان يتدخل فيها، وعلى السياسيين ان يعتادوا ذلك. اننا نراعي الظروف السياسية الحساسة في البلاد لكنني أعرف الضباط وأعرف اين أضع الضابط المناسب في المكان المناسب وعلى السياسيين أن يعتادوا عدم سؤالنا عما نفعل. بامكانهم أن يقترحوا، لكنهم لا يمكن ان يفرضوا علينا ماذا نفعل".

ملف الترسيم

في غضون ذلك، شرعت الحكومة في الاعداد لخطوات استكمال مواجهة القضم الاسرائيلي للمنطقة الاقتصادية البحرية في اجتماع رأسه رئيس الوزراء نجيب ميقاتي وضم وزراء المال محمد الصفدي والاشغال العامة والنقل غازي العريضي والطاقة والمياه جبران باسيل والدفاع فايز غصن والاعلام وليد الداعوق والعدل شكيب قرطباوي والاقتصاد نقولا نحاس والخارجية والمغتربين عدنان منصور ووزير الدولة بانوس مانجيان، وعدد من الضباط والخبراء والمديرين العامين وتركز البحث في الاجتماع على عملية الترسيم وطرق متابعتها مع الجهات الدولية ومع قبرص لتأكيد حق لبنان في حدوده وحماية حقوقه. علما ان الموضوع سيطرح اليوم في جلسة مجلس الوزراء.

وصرح وزير الخارجية عدنان منصور لـ"النهار" بأن "الاجتماع كان تأسيسيا لبداية عمل لمواجهة الاجراء الاسرائيلي بالاعتداء على حقل تابع للبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة". وأضاف أن "اللجنة الوزارية المعنية ستحضّر ملفاً تقنياً قانونياً وديبلوماسياً للخطوات المقبلة لنتوجه في ما بعد الى الامم المتحدة".

وعلمت "النهار" ان ملامح تفهم دولي لموقف لبنان من الاعتداء الاسرائيلي بدأت تتبلور وهذا ما يستدعي وفقا لنصيحة الامم المتحدة اجراء ترسيم للمنطقة اللبنانية وفقا للقانون الدولي وقانون البحار. وعلم ان أحد الضباط شرح للمجتمعين في السرايا على الخريطة حدود مساحة الاعتداء الاسرائيلي التي تبلغ 780 كيلومترا من الحقل التابع للبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة.

الإنتربول

على صعيد آخر، أعلنت الشرطة الدولية "الانتربول" امس في ليون رسميا انها أصدرت نشرات حمراء عن افراد مطلوبين لعلاقتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وذلك بناء على طلب المحكمة الخاصة بلبنان. وقالت في بيان ان "النشرات الحمراء عممت على البلدان الاعضاء الـ188 جميعا وتضمنت معلومات أساسية تتيح تحديد هوية الاشخاص المطلوبين كالصور وبصمات الاصابع".

وقال الامين العام للانتربول رونالد نوبل ان "الخطوتين اللتين اتخذتهما المحكمة الخاصة بلبنان، وهما أولا ضمان ادراج المعلومات المتعلقة بهؤلاء الافراد في قواعد بيانات الانتربول وثانيا طلب اصدار نشرات حمراء في شأنهم، ستحدان على نحو كبير من قدرتهم على اجتياز الحدود الدولية سعيا الى تفادي كشفهم، الامر الذي يشكل أداة فاعلة للمساعدة على تحديد مكانهم وتوقيفهم".

السابق
الاخبار: الحكومة تبدأ خطوتها الأولى… عرجاء
التالي
اللواء: رئيسا الجمهورية والحكومة وجنبلاط يعارضون العودة إلى ملف شهود الزور ومعادلة التعيينات تهزّ أول جلسة لمجلس الوزراء