الجمهورية: مجلس الوزراء اليوم لـتعيينات الضرورة والمنطقة الخالصة وتقرير وليامز حول 1701 يلحظ قلقاً على المحكمة

تنطلق حكومة الرئيس نجيب ميقاتي اليوم في أولى جلسات مجلس الوزراء بعد نيلها الثقة، عابرة حقل ألغام خارجي خطر يتمثل بالتطورات الإقليمية المحيطة بلبنان، وآخر داخلي لا يقلّ خطورة عنه، ويتمثل بالحملة التي تستعدّ المعارضة لشنّها عليها وبالمشكلات الكثيرة الماثلة.

وسيشكّل الوضع السوري أحد عناصر القلق لدى الحكومة والأكثرية التي جاءت بها في ظلّ السجال المستجدّ بين الإدارة الاميركية والقيادة السورية. ففيما قال الرئيس الاميركي باراك اوباما أنّ الرئيس السوري بشّار الأسد "فوّت فرصة تلو الأخرى لتقديم برنامج إصلاح فعلي"، وأنّه "يفقد شرعيّته بشكل متزايد في نظر شعبه". أكّد الاسد التزامه أهمّية الحوار بين دمشق وواشنطن، مشيرا إلى "أنّ سوريا تتطلع الى تغيير السياسات في اميركا، ولا يعنيها تغيير الرؤساء". وقال:

"اختلفنا مع إدارات اميركية لزمن طويل. والآن ربّما يكون خلافنا مع الإدارة الاميركية، هو الأكبر" .

الإنتربول والمذكّرات

وعلى وقع هذه التطوّرات وإعلان المعارضة نيّتها إسقاط الحكومة في ما أعلنه زعيمها الرئيس سعد الحريري، تنطلق هذه الحكومة في ورشة أعمالها رسميّا تحت مراقبة دوليّة لأدائها وتصرّفاتها، وسيف المحكمة الدولية المصلت عليها، خصوصا بعد تسلّم لبنان أسماء المتّهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومذكّرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الدولية في حقهم. وفي هذا الإطار، أعلنت الشرطة الدولية (الإنتربول) أمس أنها أصدرت "نشرات حمراء" في شأن أفراد مطلوبين لعلاقتهم باغتيال الحريري، وذلك بناء على طلب المحكمة، وعمّمتها على البلدان الأعضاء الـ 188 جميعا وتضمّنت "معلومات أساسية تتيح تحديد هويّة الأشخاص المطلوبين، كالصور وبصمات الأصابع".

وعلمت "الجمهورية" أنّ مذكّرات التوقيف لن تناقش في أيّ جلسة لمجلس الوزراء، بل ستأخذ مجراها القضائي والأمني، وقد اتّفق على أن تُنفّذها الضابطة العدلية بمؤازرة قوى الأمن الداخلي، على أن لا يتدخّل الجيش اللبناني في هذا الأمر غير المنوط به لا من قريب ولا من بعيد.

حزب الله

وكرّر"حزب الله" موقفه الرافض للمحكمة، معتبرا أنّها "في واقعها المسيَّس من رأسها إلى أخمص قدميها لا علاقة لها لا بالعدالة ولا بالاستقرار في لبنان".

وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: "كم توقعت بعض الشخصيات ووسائل الإعلام أن يحصل أمر عظيم وخطير في لبنان بعد أن يصدر القرار الاتّهامي، صدر القرار، وذهب إلى الإنتربول الدولي، وصدرت تهديدات على مستوى محلّي وإقليمي وعالمي. بالنسبة إلينا لم يحصل شيء، هي عبارة عن مناقشة إعلامية سياسية، ومنازعة في مواقف ليس لها انعكاس ولا تأثير على الأرض، إذاً لا علاقة لهذا الأمر بالاستقرار ولا بالعدالة". وأعلن أنّ الحزب سيتعامل مع المحكمة "كجزء من الاستهداف الأميركي ـ الإسرائيلي الذي سيتابع مساره لسنوات وسنوات، ولا علاقة لهذه المحكمة، لا بالاغتيالات ولا بالحقيقة ولا بالعدالة".

فرنسا

وقد عبّرت فرنسا على لسان سفيرها دوني بييتون عن تمنياتها في مواصلة التعاون مع الحكومة اللبنانية و"لا يوجد أيّ سبب لحصول أيّ تغيير على هذا المستوى". لكنه لاحظ "أنّ البند الرابع عشر من البيان الوزاري في شأن المحكمة الدوليّة لا يحقّق تماما ما كنّا نأمله". وأضاف: "تمّ تسليم الحكومة اللبنانية أسماء المتّهمين وسنراقب ما سيحصل، وسنحكم على أساس تصرّفات الحكومة، ولكنني أودّ القول إنّنا سواء في ما يتعلق بفرنسا أو بالاتّحاد الأوروبي حرصون جدّا على استمرار التعاون مع لبنان ومع هذه الحكومة".

تقرير وليامز

وإلى ذلك، واصل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مايكل ويليامز جولته على الوزراء والقياديين، فزار ميقاتي والرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، جامعا الملاحظات حول التقرير النهائي حول القرار 1701الذي سيرفعه الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الاجتماع المقرّر عقده لمجلس الأمن في 21 تموز الجاري.

وقالت مصادر تواكب حركة ويليامز إنه يستطلع المواقف من القرار 1701 والسبل الفضلى للاستمرار في تطبيقه بكلّ مندرجاته بالتنسيق مع الجيش اللبناني، وما يمكن الجهود المبذولة أن تؤدّي إليه لاستعادة الجزء اللبناني من بلدة الغجر الى وصاية الأمم المتحدة تمهيدا لبسط سلطة الدولة اللبنانية عليها. وأضافت أنّ ويليامز سيعكس في تقريره سيلا من الإيجابيّات تتّصل بالتنسيق المتقدّم مع الجيش اللبناني وبقيّة القوى الأمنية والسلطات المدنية. ولن يخفي قلقه على القرارات الدوليّة الأخرى، ولا سيّما منها القرار 1757 المتصل بالمحكمة الدولية، وهو لن يكون مطمئنا قبل أن تقرّ الحكومة دفع المتأخّرات من الحصة اللبنانية في تمويل المحكمة. وسيشير الى أنّ وقف الدعم أو عدم تأمين حصة لبنان لن ينعكس على عمل المحكمة وأنّ دولا أخرى مستعدّة لتغطية الأموال البديلة، وأنّ الخيارات مفتوحة أمام المحكمة لتوفير ما تحتاج إليه وفق الموازنة المقرّرة لهذه السنة وللسنوات المقبلة. لكن الأمر يتّصل برأي المحكمة ومن ورائها المجتمع الدولي في تراجع لبنان عن التزاماته الدولية، وهو أمر سيحال لاحقا الى مجلس الأمن، ولن يكون عندها القرار لمصلحة لبنان.

التعيينات والنفط

وفي ظلّ تنامي مؤشّرات التصعيد السياسي، تحضر الملفّات "الناريّة" على طاولة مجلس الوزراء اليوم وسط انقسام أفرقائها حول ملفّ التعيينات التي سمّيت "تعيينات الضرورة" بين داعٍ الى إقرار المُلحّ منها والضروري، وآخر داعٍ الى إقرار كلّ هذه التعيينات سلّة واحدة، تشمل التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتعيين مديرعام جديد للأمن العام ورئيس لأركان الجيش اللبناني ومدير عام لرئاسة الجمهورية.

وقالت مصادر مطّلعة إنّ حزب الله يربط بين تعيين مساعد مدير المخابرات في الجيش العميد عباس إبراهيم في المديرية العامة للأمن العام وبين التجديد لسلامة لولاية كاملة مدّتها 6 سنوات، وتعيين العميد وليد سلمان رئيسا لأركان الجيش وأنطوان جورج شقير مديرا عاما لرئاسة الجمهورية.

وذكّرت هذه المصادر أنّ رئيس الجمهورية ميشال سليمان وميقاتي ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون اقترحوا تأجيل تعيين مدير الأمن العام الى جلسة لاحقة، وتحديدا إلى ما بعد العشاء الماروني الى مائدة رئيس الجمهورية في عمشيت السبت المقبل، لكن حزب الله ومعه حركة "أمل"عارضا الفكرة الى درجة أنّ الوزير جبران باسيل حاول التوسّط لديهما لكنه عاد خائباً.

وفي معلومات لـ"الجمهورية" أنّ قوى الأكثرية متمسّكة بتمرير تعيين إبراهيم مديرا عاما للأمن العام في جلسة اليوم، لأنّ هذا الأمر تعتبره ملحّا جدّا ولا يتحمل الانتظار، وإلّا فلتُرجَأ كلّ التعيينات المطروحة اليوم.

رأي دستوري

وفي هذا الإطار قال المرجع الدستوري الدكتور حسن الرفاعي لـ"الجمهورية": "صحيح أنّ الدستور لا يعطي أيّ صلاحية لرئيس الجمهورية منفردا، إنّما أعطاه بصفته رئيسا للدولة سلطة واسعة لتأمين موازين الحياة بكلّ مرافقها في البلد الذي هو رئيسه، ومنها التوازن وإعطاء الحقوق لمستحقيها في الوظائف العامة وهو الوحيد المخوّل والمسؤول عن لجم تمادي الحكومات في تصرف يخلّ بالتوازنات، وبالتالي الاستقرار في البلد. وفي طليعة هذه الأمور توزيع الوظائف ومنها المحافظة على إعطاء الوظيفة للموظف الكفي وتحصينه من أيّ كيدية او افتراء، وأيضا بالنسبة الى الوضع اللبناني المحافظة على إعطاء الطوائف حقوقَها. فمثلا على رئيس الجمهورية اتّخاذ القرار في ما إذا كانت الأوضاع الداخلية تفرض أن تعطى مديرية الأمن العام للطائفة المارونية أو لسواها. وهذا لا يخرج في الأصل عمّا فرضته أحكام المادة 95 من الدستور. ولا يجوز أن يقال إنّ قرارات مجلس الوزراء تتخذ في موضوع التعيينات الفئة الاولى بأكثرية الثلثين. وانّ هذه المادة توجب على رئيس الجمهورية الالتزام بما قرّره مجلس الوزراء، لأنّ الدستور أيضا جعل من رئيس الجمهورية حامل الميزان في كلّ الأمور التي تؤمّن الاستقرار والعدالة في الوطن، وفي مقدّمها توزيع الوظائف، ولا سيّما منها موظفي الفئة الاولى. فإذا وقف رئيس الجمهورية في وجه شطط مجلس الوزراء، ولو اتخذت قراراته بالاكثرية، فإنه لا يُلام إن خالف في سبيل تحقيق المصلحة العامة. فالمصلحة العامة التي هو الحارس والمسؤول الأوّل عن تأمينها تعطيه السلطة بفرض رأيه، وفي إمكانه ايضا أن يتوجّه الى مجلس النواب بعرض الوضع عليه".

الملفّ النفطي

إلى ذلك علمت "الجمهورية" أنّ مجلس الوزراء سيقرّ اليوم مشروع قانون "تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة وإجراءات سيادة الدولة اللبنانية عليها" تمهيدا لإحالته على مجلس النواب لدرسه وإقراره سريعا ليرسل الى الأمم المتحدة تمهيدا لترسيم حدود لبنان البحرية، بعدما كان وقع قانون البحار منذ العام 1993. على ان يعاود التفاوض مع قبرص التي أبدت رغبة بذلك من أجل تعديل الاتفاقية المعقودة معها، ومنع إسرائيل من قرصنة حدود لبنان البحرية وثروته النفطية.

وعشيّة مجلس الوزراء، ترأس ميقاتي اجتماعا وزاريّا خصّص للبحث في الملف النفطي، وجرى خلاله شرح أوّلي لجوانب هذا الملفّ، واطّلع المجتمعون من الخبراء المشاركين في الاجتماع على وضع المياه الإقليمية اللبنانية وخريطة الحدود التي تمّ رسمها مع قبرص. وتمّ التوافق على الخريطة التي وضعتها مديرية النقل في وزارة الأشغال في شأن الحدود البحرية، والتي سبق للبنان أن أرسلها الى الأمم المتحدة، ولقيت إشادة محلية ودولية، فيما بقي تنفيذها رهنا بالموقف القبرصي الذي يفترض به أن يحترم الاتفاقية التي وقعها مع لبنان عام 2007.

تعيينات أمنية

من جهة ثانية أصدر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي "برقيّة مهمّة" فصل بموجبها عدداً من الضباط الى عدد من المواقع والوحدات الأمنية، وكلّفهم مهمّات إمرتها بعد إطلاع وزير الداخلية مروان شربل وموافقته على مضمونها.

وعلمت "الجمهورية" أنّ الذين شملتهم البرقية بلغ عددهم 12 ضابطا، ومن بينهم العقيد ناجي المصري الذي عيّن قائدا للشرطة القضائيّة.

السابق
كاسيزي :المحكمة لحظة مصيرية للبنان والعدالة لاتتحقق من دون مساعدته
التالي
البناء: الاعتداء «الإسرائيلي» أمام مجلس الوزراء اليوم .. والصفدي يردّ على غُبار الحريري السياسي والأسد يقول ان الإصلاحات التي نقوم بها تهدف لبناء دولة حديثة وديمقراطية