الاخبار: الحكومة تبدأ خطوتها الأولى… عرجاء

اظهرت معطيات أمس، أن مصير جلسة مجلس الوزراء اليوم، سيحدد مسار حكومة الأكثرية الجديدة: إما التصدي التدريجي للملفات العالقة، أو تأجيل أي موضوع قد يثير الخلافات، والاكتفاء بالتالي بمناقشة طلبات قبول الهبات

قبل أن تبدأ الجلسة الأولى لحكومة «كلنا للوطن كلنا للعمل»، طار من جدول أعمالها بندان، وكادا يكونان ثلاثة، لولا الخوف من خلق «نقزة» مالية والحرص على عدم توجيه رسالة اقتصادية سلبية في هذه الظروف. فبحسب جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد في قصر بعبدا بعد ظهر اليوم، كان من المقرر تجديد تعيين رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان، وتعيين رئيس لأركان الجيش ومدير عام لرئاسة الجمهورية. وبحسب المعلومات، طالب حزب الله وحركة أمل بسلة تعيينات رباعية الدفع تشمل إلى التعيينات الثلاثة، تعيين العميد عباس إبراهيم مديراً عاماً للأمن العام، الأمر الذي لم يحظ بموافقة من رئيس الجمهورية ميشال سليمان والعماد ميشال عون، اللذين يفضلان ضمناً إعادة هذا الموقع إلى الطائفة المارونية.

وهكذا وجد المعنيون أنفسهم أمام معضلة جديدة، إما تأجيل التعيينات الثلاث، وبالتالي بدء الحكومة بدعسة ناقصة، أو محاولة التوصل إلى تفاهم في موضوع المدير العام للأمن العام وطرحه من خارج جدول الأعمال، وخصوصاً أن سليمان وعون، بحسب مصادر متابعة للاتصالات، لا يمانعان تعيين إبراهيم إذا جرى إيجاد مخرج لا يحرجهما مسيحياً. لكن الاتصالات والمساعي التي استمرت طوال مساء أمس، لم تتوصل إلى اجتراح هذا المخرج، وأمام إصرار حزب الله وحركة أمل، جرى التوافق على تأجيل التعيينات، باستثناء تجديد تعيين حاكم مصرف لبنان، وذلك إلى حين التوصل إلى توافق يشمل المواقع الثلاثة: رئاسة أركان الجيش، المديرية العامة لرئاسة الجمهورية والمديرية العامة للأمن العام.

ورغم هذا التعثر، رفض مصدر رفيع في الأكثرية الجديدة وصف التأجيل بالدعسة الناقصة، طالباً إعطاء مهلة للحكومة الجديدة «فهذه جلستها الأولى»، وتوقع انطلاق عملها بزخم في فترة شهر «على أبعد تقدير»، معلناً أنها ستعقد جلسة ثانية مطلع الأسبوع المقبل و«سيكون فيها تعيينات».

إسرائيل تستغل كلامنا

الموضوع الثاني، وهو محاولة القرصنة الإسرائيلية لثروة لبنان النفطية، كان محور اجتماع ترأسه ميقاتي أمس، وشارك فيه الوزراء: محمد الصفدي، غازي العريضي، جبران باسيل، فايز غصن، وليد الداعوق، شكيب قرطباوي، نقولا نحاس، عدنان منصور وبانوس مانجيان، ورئيس لجنة التنسيق مع قوات اليونيفيل اللواء عبد الرحمن شحيتلي ومديرون عامون وخبراء مختصون. واستمع الحضور إلى شرح من المختصين عن عملية ترسيم الحدود البحرية وكيفية متابعة هذا الأمر مع الهيئات الدولية المختصة ومع قبرص لتأكيد حق لبنان في الحفاظ على حدوده وحماية حقوقه. وأكد ميقاتي «حق لبنان في الحفاظ على حدوده وحمايتها من أي اعتداء وحقه في استثمار ثرواته الطبيعية». وقال إن الموضوع سيناقش في مجلس الوزراء اليوم «لاتخاذ القرار المناسب بشأن خطة التحرك لمواجهة الأطماع والتهديدات الإسرائيلية».

وسبق الاجتماع لقاء للغاية نفسها بين ميقاتي وباسيل، نوّه بعده الأخير بسرعة تحرك الحكومة «في مواجهة التصرفات الإسرائيلية»، مطمئناً إلى أن ما يجري إعداده «سيكون كافياً ليبدأ لبنان بالتحرك (…) لإثبات حقنا وتمسكنا بسيادتنا وحقوقنا». وانتقد التصريحات التي تحدثت عن خطأ لبناني في الترسيم مع قبرص، مشيراً إلى أنه كلام إعلامي غير مسؤول وخفة سياسية؛ لأنه كلام أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المجال «لكي يستند إليه ويقول إن لبنان مخطئ ويحملنا أخطاءً لسنا نحن مسؤولين عنها، بل دولة أخرى». ورأى أن هذا الموضوع يتطلب تعاملاً إعلامياً وسياسياً ودبلوماسياً رسمياً مسؤولاً وجدياً «فنحن أصحاب الحق وأصحاب الأسبقية بإرسال ما يجب إرساله إلى الأمم المتحدة».

وقد حظي تحرك الحكومة والإجراءات التي ستتخذها بدعم مسبق من حزب الله الذي قال نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أمس: «ليكن واضحاً أن لبنان لن يتسامح على الإطلاق بأن يؤخذ من نفطه أو غازه أو مياهه أو أرضه، وسيبقى بالمرصاد ليستعيد كامل الحقوق غير منقوصة مهما كلف ذلك». وأعلن دعم الحزب للموقف الوطني الذي يدافع عن هذه الحقوق البحرية، وللحكومة «في ترسيمها وفي خياراتها وفي متابعتها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي»، مردفاً: «وما تقوله الحكومة اللبنانية أنه حق للبنان نتبناه ونعتبره حقاً للبنان، لن تخيفنا التهديدات الإسرائيلية، ولن نغير موقفنا المتمسك بحقوقنا، وإسرائيل تعلم أن تهديداتها لا قيمة لها في لبنان بعد أن خاضت التجارب المرة في مواجهة الصمود اللبناني، وفي مواجهة العنفوان والعزة في لبنان».

14 آذار تريد إسقاط الحكومة

في هذا الوقت، حظيت الحكومة بثلاثة مواقف غربية إيجابية، حيث أعلن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامز، بعد زيارته رئيس الحكومة أمس، أنه نقل له ولحكومته «أطيب التمنيات والنجاح في خلال الأيام والأشهر المقبلة في معالجة التحديات والمسائل المتعددة التي تنتظر لبنان واللبنانيين»، قبل أن يضيف أنه أعاد تأكيد ضرورة استمرار لبنان بالتزاماته بالقرار 1701 وسائر القرارات الدولية، وأتبع ذلك فوراً بالقول: «وأذكر في هذا الإطار أن جلسات الحوار الوطني لم تعقد منذ تشرين الثاني العام الفائت، وآمل عقد هذه الجلسات مجدداً»، وكأن هذه الجلسات مطلب في القرارات الدولية.

كذلك تلقى ميقاتي من نظيره التركي رجب طيب أردوغان برقية تهنئة بنيل الحكومة الثقة، لفت فيها إلى «أهمية الحفاظ على أجواء السلم الأهلي والاستقرار في لبنان» خلال «المرحلة الانتقالية الحساسة والمضطربة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، آملاً «أن يمضي لبنان بخطى ثابتة نحو مستقبل زاهر»، وأكد استمرار الدعم التركي للبنان.

كذلك أكد سفير فرنسا دوني بييتون، بعد زيارته الوزير محمد الصفدي، أن فرنسا والاتحاد الأوروبي «حريصان جداً على استمرار التعاون مع لبنان ومع هذه الحكومة»، وأنه «لا سبب لحصول أي تغيير على هذا المستوى»، لكنه ذكر بموقف بلاده من بند المحكمة الدولية في البيان الوزاري، من أنه «لا يحقق تماماً ما كنا نأمله»، مردفاً: «الحكومة الجديدة سُلِّمت أسماء المتهمين، وسنراقب ما سيحصل وسنحكم على أساس تصرفات الحكومة».

لكن منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد، أعلن بعد الاجتماع الأسبوعي للأمانة العامة، أن هذه القوى بدأت العمل «من أجل إسقاط هذه الحكومة ومواجهتها بكل الوسائل»، مؤكداً أن التحرك الشعبي وارد في برنامج عملها «وبالتالي لن تختبئ وراء إصبعها، إذا دعت الحاجة إلى تحرك شعبي فلن نخاف ولن نتهاون؛ لأننا سنحترم القوانين ومبدأ الديموقراطية»، وحدد موعداً للقيام «بكل الخطوات اللازمة» حين إعلان مضمون القرار الاتهامي في آب المقبل «وإذا تفلتت الدولة من التزاماتها في موضوع المحكمة الدولية ومواكبة التحقيق».

السابق
البناء: الاعتداء «الإسرائيلي» أمام مجلس الوزراء اليوم .. والصفدي يردّ على غُبار الحريري السياسي والأسد يقول ان الإصلاحات التي نقوم بها تهدف لبناء دولة حديثة وديمقراطية
التالي
النهار: تعقيدات مبكرة في ملف التعيينات تدهم الحكومة لجنة وزارية تعد ملفاً كاملاً للترسيم البحري