خامنئي يعلن الحرب على “مهدوية” نجاد

الخميس 14 تموز 2011
منذ انتخابه رئيسا للجمهورية خلفا للرئيس محمد خاتمي في العام 2005، بدأ الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يركز في مسيرته الرئاسية على انه يمهد في سياسته لظهورالامام المهدي، وعبّر عن هذا التوجه الصريح في كثير من المواقف السياسية الداخلية والخارجية، لا بل بدأ يتناقل الايرانيون اخبارا عن لقاءات يجريها الرئيس نجاد مع الامام المهدي بشكل دوري، وقيل الكثير في هذا الصدد مما لم يكن مألوفا على مستوى ادارة السلطة في الجمهورية الاسلامية. كما اثار هذا الخطاب استغرابا لدى اوساط سياسية ودينية داخل ايران وخارجها، رأت فيه استغلالا لعقيدة شيعية ومحاولة لاستثمارها لمصالح سياسية وشخصية.
قبل ايام نقل موقع الانتقاد الالكتروني التابع لحزب الله موقفا لافتا للمرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي، يحذر فيه من " الممارسات الساذجة وغير المستندة والمرتكزة على الأوهام والتي تؤدي الى التمهيد لأدعياء المهدوية الكذابين وإبتعاد الناس عن حقيقة الإنتظار". موقف هو الاول من نوعه في مواجهة هذه الظاهرة، التي بدا ان صمت المرشد الاعلى عنها ودعمه العلني للرئيس نجاد لتجديد انتخابه لولاية رئاسية ثانية قبل عامين، كان نوعا من القبول ان لم يكن التبني لها. لاسيما في ما احاط بها من استخدام سياسي وديني. وربما هذا ما جعل المطلعين على سيرة السيد الخامنئي الفكرية والدينية والسياسية غير مقتنعين بصمته حيال هذه الظاهرة، باعتباره بعيدا عن هذا المنحى في فهم المهدوية، وتتنافى مع الممارسات التي كانت تحيط بحركة الرئيس نجاد ومريديه في هذا المضمار الغيبي.
معنى هذا الصمت الذي شجع على انتشار هذه الظاهرة في اوساط المحافظين ، هوالتحدي السياسي الذي فرضه الاصلاحيون على السلطة داخل ايران، فجوهر مطلب الاصلاحيين ، يقع في جدل ولاية الفقيه المشروطة و المستبدة، بمعنى اوضح كان الاصلاحيون ولا يزالون يسعون الى تقييد صلاحيات الولي الفقيه في ايران بمواجهة الصلاحيات المطلقة التي يوكلها اليه الدستور. منطلقين من فهم ديني يتبناه الكثيرون من الفقهاء الشيعة، مؤداه ان شرعية السلطة تأتي من الشعب في مواجهة نظرية ولاية الفقيه التي تعتبر ان شرعية السلطة هي شأن ديني او امامي.
وبما ان كل صراع سياسي في ايران يحتاج الى مشروعية دينية، كانت المهدوية كظاهرة سياسية واجتماعية، احدى وسائل تدعيم نظرية الحكم في ايران، ولم تكن المغالاة في التعبير عنها محل اعتراض من قبل انصار ولاية الفقيه ومؤيديها، بل بدت احدى مصادر قوتها. فماذا تغير كي يشير السيد الخامنئي اليوم "الى الأدعياء الكذابين طيلة التاريخ الذين طبقوا على أنفسهم أو على الآخرين بعض علامات الظهور" مضيفا : "ان جميع هذه الحالات خاطئة ومنحرفة لأن بعض المفاهيم حول علامات الظهور غير قابلة للاستناد وضعيفة، والمفاهيم المعتبرة لا يمكن بسهولة تطبيقها".
يأتي هذا الكلام في وقت اتهمت أوساط سياسيه وروحيه مقربه من مكتبه أن الرئيس نجاد وصهره ومستشاره رحيم مشائي يتزعمان تيارا يروج للمعتقدات المهدويه القائله أن على المؤمنين حاليا الاستعداد لظهور الامام المهدي عن طريق التمهيد له بدوله اسلاميه يكون هما وأنصارهما من قادتها لا المؤسسه الدينيه الحاكمه حاليا باسم ولاية الفقيه.
وفيما وصف مصباح يزدي تلميذه احمدي نجاد بأنه مسيّر من قبل مشائي، بدأت تتسع دائرة الذين يعتبرون الرئيس الايراني شخصية عقائدية من النمط الاقرب الى السذاجة. وباتت الاستهانة بما كان مقدسا في خطاب نجاد، محل تشكيك وادانة.
موقف السيد خامنئي اليوم يفتتح علنا مستوى متقدما في معركة اقصاء نجاد وتياره، يستهدف القضاء على فرص توسع دائرة هذا التيار داخل "المحافظين" وفي السلطة، وقد بدأ بمعركة انهاء رموزه خصوصا مستشاره مشائي او "الساحر" على ما يصفه خصومه، قبل موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية بعد عامين. لذا ورغم تراجع حضور التيار الاصلاحي في ايران، الا ان العديد من المراقبين يتوقعون ان السيد الخامنئي قد يضطر الى محاولة فتح باب السلطة مجددا امام رموزه، في وقت لا يغيب خيار التعاون الانتخابي بين نجاد والاصلاحيين. ولاية الفقيه في ايران ليست في معرض التهديد او الخطر، لكنها تواجه مشروعية دينية مقابلة عنوانها المهدوية. بعد ان اقصت الى حد بعيد الشرعية الشعبية عن الحكم.

السابق
وهاب: لن نتعاطى مع المحكمة حتى لو استمروا بتأييدها 600 عام
التالي
كاسيزي :المحكمة لحظة مصيرية للبنان والعدالة لاتتحقق من دون مساعدته