الراي: جنبلاط مع عدالة القدر ينتظر على ضفاف النهر… جثة عدوه لبنان: معارضة الداخل واعتراض الخارج بالمرصاد لحكومة ميقاتي و… سلوكها

عشية انعقاد جلسة العمل الاولى لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي غداً التي ستبدأ رحلتها مع كمّ هائل من المشكلات والقضايا المتراكمة منذ اشهر طويلة بدت هذه الحكومة في مواجهة شديدة التعقيد مع نمطين متلازمين من الاستحقاقات، الاول يتعلق بملف المحكمة الخاصة بلبنان حصراً والاخر بالادارة المرتقبة للملفات الداخلية في مختلف وجوهها وقطاعاتها.

وتعتبر مصادر سياسية واسعة الاطلاع ان مجمل المعطيات التمهيدية لانطلاقة الحكومة لا يساعد على توقع فترة سماح معقولة تعطى لها، مما يعني حتماً مع المعادلة الاتية: تمكنت قوى الاكثرية في لحظة غير محسوبة اطلاقاً من انجاح مشروعها الذي بدأته بالانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري فشكلت الحكومة الميقاتية، لكن هذه الحكومة ستكون امام واقع انها تكاد تكون الاولى من نوعها التي لن تجد اي فسحة زمنية تتيح لها فرصة الافلات من المحاسبة. وانطلاقاً من ذلك تلفت المصادر على سبيل المثال لا الحصر انه ما ان ادرجت الحكومة في جدول اعمال جلستها المقررة غداً دفعة ضيقة من التعيينات تشمل التجديد لولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتعيين رئيس اركان الجيش والمدير العام لرئاسة الجمهورية حتى انطلقت حملة متصاعدة من جانب المعارضة (14 آذار) تطالب باعادة موقع المدير العام للامن العام الى الطائفة المارونية وعدم تعيين شيعي جديد فيها، وذلك على قاعدة العودة الى العرف الذي كان سائداً على هذا الصعيد قبل ان يكسره الرئيس اللبناني السابق اميل لحود بتعيين اللواء جميل السيد (شيعي) في هذا المنصب.

وتقول المصادر لـ «الراي» ان هذا النموذج يدل على شدة تربّص المعارضة هذه المرة بدور الحكومة بحيث قد يكون المشهد السياسي امام نمط مختلف وأشد حدة في سياسات القوى المناهضة للحكومة حين كانت بدورها معارضة، مع فارق اساسي ان المعارضة الجديدة لن تتوسل تعطيل المؤسسات.

واذا كانت 14 آذار ستتكفل من الداخل ان تُشعر الحكومة من اللحظة الاولى بأنها تقف لها بالمرصاد عند كل شاردة وواردة من اصغر الملفات حتى اكبرها، فان المصادر نفسها تقول ان المجتمع الدولي بدوره لا يبدو متسامحاً كثيراً بازاء السياسات الحكومية المرتقبة بعدما شكلت مسألة المحكمة وموقف الحكومة منها في بيانها الوزاري «نقزة» واضحة لدى المجتمع الدولي حيال الحكومة. وقد تبين ذلك عبر مجموعة مواقف اوروبية واميركية مما يعكس ان اي اتجاه حكومي فعلي الى التنصل من مسؤوليات لبنان حيال التعاون مع المحكمة او الالتفاف عليها لن تمر مروراً آمناً على المستوى الخارجي خصوصاً.
يضاف الى ذلك ان الانطباع العام الداخلي والخارجي بان الحكومة التي تنفذ سياسات من لون واحد تجد نفسها من اليوم الاول امام واقع انها لا تحظى باي فترة سماح وانه يتوجب عليها ان تقيس كل خطوة ستتخذها سواء في الملفات الداخلية الصرفة او تلك المتصلة بالعلاقة مع المجتمع الدولي.

وهكذا، عشية جلسة مجلس الوزراء، بدا شبه محسوم بت طلب التمديد لقوة اليونيفيل في الجنوب، وتعيين العميد وليد سلمان رئيساً لأركان الجيش، وتجديد تعيين رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان، وتعيين الدكتور أنطوان شقير مديراً عاماً لرئاسة الجمهورية.

اما في موضوع تعيين العميد عباس ابراهيم مديراً عاماً للأمن العام، فبدا ان هذا الملف مرتبط بمحاولة زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون القيام «بما عليه» في معرض الظهور وكأنه سعى ولو بلا نتيجة الى استعادة هذا الموقع للمسيحيين، رغم ادراكه صعوبة تخلي «حزب الله» وحركة «امل» عن هذا الموقع الامني «الحساس» نظراً الى أدوار سبق ان اتضح ضلوعه فيها ابان كشف ما عُرف بـ طخلة «حزب الله» في مصر.

وقد ذكرت تقارير صحافية في بيروت أن الرئيس نبيه بري سبق أن أبلغ الى عون أن هناك ثلاثة مراكز أمنية رفيعة في لبنان، هي قيادة الجيش التي يشغلها ماروني، والأمن العام، وقوى الأمن الداخلي التي يعود مركز المدير العام فيها لسني، وان الطائفة الشيعية يمكن ان تتخلى عن الامن العام وتعيين ماروني مقابل حصولها على منصب قائد الجيش.

وفي موازاة ذلك، وقبيل «اول الكلام» للرئيس سعد الحريري مساء امس منذ 13 مارس الماضي وما أعقبه من نيل حكومة ميقاتي الثقة وصدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال والده، استبق رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط الاطلالة التلفزيونية لزعيم المعارضة الذي رسم خريطة طريق عملها للمرحلة المقبلة وردّ خصوصاً على ما طاوله لجهة موافقته على التخلي عن المحكمة الدولية ابان مبادرة سورية – السعودية التي سبقت اسقاط حكومته.

فجنبلاط، ومن على الشاشة نفسها التي ظهر عبرها الحريري (ام.تي.في)، رسم معادلة جديدة مختلف عن التي كان وضعها قبل نحو عامين. فبعد اعلانه الشهير «اذا كانت العدالة تؤدي الى فتنة نكتفي بالحقيقة»، قال مساء الاثنين «نحن مع التلازم بين الاستقرار والعدالة التي نرفض وقف تمويلها او سحب القضاة اللبنانيين منها لان هذا سيكون خطأ كبيراً، اما الحقيقة فربما من الافضل النسيان لبعض الوقت».

واكد الزعيم الدرزي، الذي سبق ان اغتيل والده «المعلّم» كمال جنبلاط العام 1977، ان هناك نوعين من العدالة: «المحاكم الدولية وما يمكن ان تجره في اطار لعبة الامم وهناك عدالة القدَر، وأنا من الذين يؤمنون بالقدر، أجلس على ضفة النهر وأنتظر، ولابد ان يوماً ما ستمرّ جثة عدوي من امامي».

وقال انه لم يتخل عن المحكمة الدولية «ولا اخون رفيق الحريري ولا غيره»، موضحاً «كنا بعنصر صغير في حزب الله وصرنا في قلب الماكينة الأمنية والسياسية للحزب» (في اشارة الى المتهَمين الاربعة باغتيال الحريري)، استعاد موضوع سعي الرئيس سعد الحريري لتأجيل القرار الاتهامي «(…) تلاقت مصالح دول كبرى لتعطيل الـ سين سين».

وجدد دعوته الى الحوار، مطالباً الحريري بالجلوس مع «حزب الله» الى الطاولة، وداعياً الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله الى «التوجه الى شريحة كبيرة من اللبنانيين والسنّة»، مؤكداً انه لا يوافق على ما سبق أن قاله نصر الله من انه لا يريد الحوار، معلناً «انا مع مؤتمر مصارحة ومصالحة وربما مسامحة، لان ذلك يعني ان هناك اتهاماً».

وكشف انه زار السيدة بهية الحريري في منزلها في مجدليون يوم الاحد الماضي، لافتاً الى «اننا سنرفض الكيدية في مجلس الوزراء والانتقام، ومدافعاً عن رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بازاء موقفه من القرارين اللذين سببا أحداث 7 مايو 2008 وعن رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وسام الحسن وادائه ولا سيما بكشف شبكات التجسس.

السابق
بدر الدين قديس المجاهدين وخادمهم
التالي
العرب وإيران.. مرة أخرى!