كفى مزايدات …

عندما يعود رئيس الحكومة من "ويك أند" التقاط الأنفاس، من الطبيعي أن يتذكَّر الأولويات الملحَّة، والحاجات التي لا تحتمل المزيد من التأجيل، والاستحقاقات الكثيرة المنتشرة داخل المؤسَّسات والدوائر، بلوغاً إلى المناطق والأقضية… وكل مواطن خفير.
كل لبنان وكل اللبنانيين يحتاجون معاً، في هذه الظروف المدلهمَّة، الى اهتمام خاص وزائد وسريع من كبار المسؤولين وصغارهم، الى كبار الرجالات والمرجعيّات وصغارهم.

وقبل الغرق في متاهة المطالب الانتقامية لهذا المَوتور الذي لا يرى أبعد من شخصه وشهواته ومكاسبه، وقبل الرضوخ لمشيئة ذاك التكتل أو تلك الكتلة أو ذياك التجمّع، وقبل السقوط في حفرة الثأر والكيديات و"قطع" رؤوس بعض الموظفين المرموقين، أو قطع أرزاق ثلة من أصحاب الكفاية والمؤهَّلات قد يشكِّلون عثرة تعرقل مخطّطات "المتغطرس الاول" ووكيل أعماله المعروف بطاووسيته، والمكلَّف مهمة خرب البيوت وخرب البلد اذا لزم الأمر.
وقد ظهرت البوادر، وأخذ كثيرون علماً بها.

والمطلوب حالاً وسريعاً الشروع في ايجاد حلول ومعالجات لهذا الوضع المأسوي، بمجمل "فقراته"، وفصوله، وعناوينه. من الضائقة المعيشيّة والماليّة الخانقة الى الدوائر المعطَّلة، الى البطالة، الى الجمود، الى "نضوب" السيولة من الجيوب المفخوتة، الى الفاقة، الى الهجرة التي تبتلع الاجيال بالجملة، الى احتكار بعض "الأقوياء" والفاجرين والمتاجرين بالبيضة والتقشيرة.

ثم، لا بدَّ ولا مفرَّ من اقتحام مغارة أو مغارات علي بابا، "والتعرف" عن كثب الى الادارة المهترئة، المسوَّسة، المعشَّشة بالفساد والمحاسيب والأزلام والسماسرة، وبناء على خطة إصلاح وتطهير، وتعيين الرجل المناسب في الموقع المناسب.

وربما أتاح الوقت للوزراء المعنيين الالتفات الى غير المشاريع الجاهزة…

كمثل الانصراف فوراً الى ملف ثروة لبنان المائية والبحرية، وما تحت الماء من كنوز نفط وغاز، والمهدَّدة بالقضم والقرصنة من بنيامين نتنياهو الذي بدأ يسنُّ اسنانه لالتهامها

هذه الدعوة، هذه المناشدة، هذه الصرخة ليست موجّهة للحكومة والاكثريَّة الجديدة وحدهما، ولا للمعارضة والاقلية الجديدة وحدهما، بل لكل هؤلاء معاً. ولكل 14 آذار ومتفرعاتها، كما 8 آذار وتشعُباتها، ومعهما 18 آذار و24 آذار و28 آذار وحتى34 آذار، فضلاً عن الشعوب والقبائل الموزَّعة والمفسَّخة والممزَّقة والمشلَّعة بين هذه الأودية والشعاب.

كفى لبنان مزايدات ومبالغات وسجالات ونزالات حول المقاومة وسلاحها، وحول المحكمة الدولية والقرار الاتهامي والمحققين والمنظرين والمبصّرين… وجنس الملائكة.
ومن الفجر إلى النجر.

السابق
النهار: الحكومة تنطلق بتعيينات وتطويع وتصريف ولبنان يبرز اعتراضه على الحدود البحرية
التالي
محاكمة بن علي ضرورة… ولكن!