الاخبار: ملف النفط ينقذ جلسة الحكومة من الوسطيّة

يتربع ملف الحدود البحرية ومحاولة القرصنة الإسرائيلية لحقوق لبنان النفطية، نجماً وحيداً على طاولة مجلس الوزراء في جلسته الأولى بعد غد الخميس، رغم امتلاء جدول أعمال هذه الجلسة بـ74 بنداً ليس بينها أي واحد دسم

خيبت الجلسة الأولى للحكومة الجديدة، آمال عدد من الوزراء، حتى قبل انعقادها بثلاثة أيام، وذلك بمجرد توزيع جدول أعمالها الحافل فقط بعدد البنود التي بلغت 74 بنداً. وإن لم يطرأ أي بند من خارج الجدول يحمّي المناقشات، فإن قصر بعبدا سيكتفي بعد غد الخميس باستضافة جلسة «وسطية» حرص مختارو مواضيعها على ألا تتضمن أي بند يستفز الخصوم أو يثير الخلافات بين الحلفاء، في ما بدا أنه «تحمية» لضمان إقلاع سليم وآمن.

فالبنود «الأدسم» على جدول أعمال الجلسة، محسومة قبل بدء الجلسة، وهي: طلب التمديد لقوات اليونيفيل في الجنوب لمدة سنة إضافية، تعيين العميد وليد سلمان رئيساً لأركان الجيش، تجديد تعيين رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان، تعيين الدكتور أنطوان شقير مديراً عاماً لرئاسة الجمهورية

، وهو الذي كان قد كلف في عام 2008 تسيير أعمال فرع الأمانة العامة في المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، بعد إحالة ناجي أبو عاصي على التقاعد، إضافة إلى بند «تقديم عروض استبدال كامل أو جزء من سندات الخزينة بالعملات الأجنبية، بما فيها اليوروبوند المستحقة، وإصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية مقابل السندات».

أما باقي البنود، فمنها 25 تتعلق بطلبات قبول هبات، أبرزها واحدة مقدمة من الرئيس سعد الحريري، هي عبارة عن تجهيزات وبعض المفروشات المكتبية لرئاسة مجلس الوزراء، وطلبات من وزارة الزراعة موزعة على 12 بنداً، إضافة إلى متفرقات منها مشاريع مراسيم بإلغاء تراخيص معطاة للبنانيين باكتساب جنسيات أخرى، وتطويع تلامذة ضباط.

وقد وصف عدد من الوزراء هذا الجدول بأنه «أمر مخيب لجلسة أولى للحكومة الجديدة؛ إذ ليس فيه ما نقدمه للناس».
الأمر الوحيد الذي قد يضفي بعض الحيوية على الجلسة هو ملف ترسيم الحدود البحرية، الذي شدد رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أمس، على ضرورة أن يكون موضع بحث ودرس في الجلسة الأولى للحكومة «لاتخاذ الموقف الرسمي على مستوى السلطة الإجرائية الذي يحفظ سيادة لبنان على أرضه وموارده»، محذراً من «أية قرارات أحادية تتخذها إسرائيل في موضوع الحدود البحرية خلافاً للقوانين الدولية على جاري عادتها في العديد من المواضيع». وأكد «إصرار لبنان واستعداده للدفاع عن أرضه وحدوده البرية والبحرية وحماية حقوقه وثرواته بكل الوسائل المتاحة والمشروعة».

وقد أكد وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور أن وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، سيقدم ملفاً عن هذه القضية إلى مجلس الوزراء في جلسته الأولى، مشدداً على ضرورة التحرك بجدية وسرعة. وأعلن رفض لبنان لمحاولة إسرائيل فرض أمر واقع وتكريس خرقها للمنطقة الاقتصادية الخالصة له، وكذلك اعتراضه على الاتفاق القبرصي ـــــ الإسرائيلي؛ لأنه «اتفاق بين اثنين على حساب واحد». واستشهد بمسألة ترسيم الحدود بين 5 دول حول بحر قزوين، حيث «لغاية الآن لا تلجأ أي دولة إلى اتخاذ قرار بمعزل عن الدول الأربع الأخرى». وأكد أنه بعد وضع دراسة عن مدى الانتهاك الإسرائيلي وتحديد المنطقة ومساحتها بدقة، ستتخذ الحكومة الإجراء المناسب وتتحرك الدبلوماسية اللبنانية مع الأمم المتحدة والهيئات الدولية «لمطالبة إسرائيل بالإذعان للقانون الدولي ولقانون البحار».

ونبه إلى أن الإجراء الإسرائيلي «مثّل بؤرة توتر جديدة في المنطقة، ويهدد السلم والأمن في المنطقة كلها»، مشدداً على أنه «لا يحق لأي شركة أن تقوم باستثمارات في منطقة متنازع عليها؛ لأنه لم يبت الأمر فيها نهائياً». ورأى أن إسرائيل «تريد أن تغطي تجاوزاتها وارتكاباتها وخرقها للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان من خلال التهديد والوعيد»، مردفاً بأن «التهديد والتهويل لا ينفعان مع لبنان».

وكان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامز، قد سئل عن الموضوع بعد زيارته وزير الداخلية مروان شربل، فقال إنه لا تفاصيل لديه عن القضم الإسرائيلي لحقوق لبنان، لكنه شدد على أن «النقطة المهمة هي أن أي بلد في هذه المنطقة، كما في أي مكان آخر، يجب أن يتمتع بحق الاستفادة من الموارد البحرية التي تقع ضمن أراضيه، وآمل أن أرى الشعب اللبناني يتمتع في المستقبل بالنتائج التي ستوفرها الموارد البحرية الموجودة هنا».

وإذ عكست المواقف وجود إجماع لبناني على هذا الموضوع، برزت بعض الآراء التي تشير إلى محاولات استثماره في ما يخدم حملات داخلية؛ فمع مطالبة النائب عمار حوري بأن يهبّ كل لبنان «هبة واحدة ليقوم بما هو لازم» للدفاع عن حقوق لبنان، وتأكيد زميله في الكتلة رياض رحال ضرورة الاستعانة بأصحاب الخبرات والخرائط لتوثيق هذه الحقوق، برز قول الثاني «إن التوتر يأتي من خلال مجاهرة البعض بأن الحق لن يأتي إلا عبر سلاحه».

وإذ أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الوقوف خلف الحكومة لتثبيت الحدود البحرية والحقوق الاقتصادية، وعدم القبول بمجيء أي شركة تنقيب إلى المنطقة «ما دام لبنان معترضاً»، شدد على أن تمسك الحكومة وحدها بهذا الملف؛ «إذ لا يمكن أن يكون هناك قراران استراتيجيان ضمن البلد الواحد». أما المكتب السياسي الكتائبي، فغمز من القناة نفسها، لكن في مجال آخر، حيث إنه مع دعوته إلى الإسراع في إجراءات تثبيت حقوق لبنان، مردفاً بأنه «لا يجوز أن تنتهج الحكومة سياسة انتقائية في تعاملها مع القرارات الدولية».

جنبلاط والمحكمة

وفي حديث إلى محطة «أم تي في»، تناول فيه كل مواضيع الساعة، طالب النائب وليد جنبلاط بالاستفادة من الموجود؛ لأنه «غداً «يشفط» اليهود الغاز ونكون ما زلنا بالنقاش». وفي موضوع التعيينات دعا إلى تثبيت الوضع كما هو في ما خص طائفة المدير العام للأمن العام، مؤكداً أن «لا خوف من الكيدية ويجب احترام الكفاءة، ورغم كل تحفظات البعض وقد يكون هناك خلاف على وسام الحسن لا يجب أن ننسى ما قدمه للكشف عن شبكات التجسس وقام بعمل جبار بهذا المجال».

وإذ أكد أنه ملتزم بالمحكمة الدولية، وصف هذه المحكمة بأنها إحدى أدوات الصراع وتصفية حسابات مع حزب الله، محذراً من وجود خطر على السلم الأهلي «وقد نبدأ بمحكمة ومفاعيلها وقد تنتهي بشيء آخر». ولفت إلى أن التسريب بدأ «بعد حرب تموز وزادت التسريبات تباعاً، قالوا إن هناك مجموعة صغيرة ربما ارتكبت جريمة الاغتيال وانتهينا أمس بمجلس النواب نناقش ظرفاً مغلقاً، لكن سربت الأسماء ونناقش الأسماء، وكنا بغملوش عنصر صغير بحزب الله وأصبحنا بقلب الماكينة الأمنية للحزب». وقال: «لا أحد في هذا البلد يلغي الآخر، وعندما حاولنا إلغاء الآخرين فشلنا، ونحن نتهم أشخاصاً قد يكونون غير موجودين، وسنرى ما تخبئ لنا المحكمة ومن حقي أن أشك في ما تخفيه المحكمة».

ومع تنبيهه إلى أن «المطلوب رأس حزب الله في لعبة أكبر منا»، أيد العودة إلى طاولة الحوار والاتفاق على استيعاب سلاح المقاومة تدريجاً داخل الجيش، مشيراً إلى أن القول لطائفة أساسية عانت من الاحتلال ولم تحرر بعد كفرشوبا: أعطينا سلاحك وتهددها كأنها جسم غريب «من حقها أن تشك في أن هناك أناساً مع محاور دولية تحضر لاجتياح ثان للبنان من قبل إسرائيل». وذكر أن كل الفئات التي تحدثت في جلسات الثقة عن السلاح «كانت مشتركة بشكل أو بآخر بالسلاح وأولهم وليد جنبلاط».

ووصف العلاقة مع العماد ميشال عون بأنها جيدة، ومع الرئيس أمين الجميّل ونجله سامي «العلاقة العائلية جيدة»، ولا علاقات مع القوات اللبنانية، وكذلك لا تواصل مع 14 آذار «فهم أخذوا قراراً بالمقاطعة، وهم ربما محرجون بأن يروني وأنا لا أريد أن أحرجهم».

وفي موضوع الثورات العربية، قال جنبلاط: «لا خوف في مصر ولا في سوريا، ولا بد من الإسراع بنهاية القذافي في ليبيا». وأكد أن لا اتصالات لديه مع المعارضين السوريين ولن يكون. ورأى أن هناك سباقاً مع الزمن بين الأمن والإصلاح «ولتكن الأولوية للإصلاح والانتباه إلى إمكان التخريب من بعض الدول». وقال للذين يراهنون على خراب سوريا: «هذا خطأ، سوريا لا تستطيع العودة إلى ما كانت عليه، ولكن إذا كان هناك من يراهن على حرب أهلية في سوريا وأن يكون لبنان بمنأى عنها، فهو مخطئ كثيراً».

في مجال آخر، استقبل العماد عون أمس، السفير السوري علي عبد الكريم علي، على مدى أكثر من 90 دقيقة، لم يدل بعدها علي بأي تصريح.

السابق
البناء: سليمان يؤكد استعداد لبنان للدفاع عن حدوده وثرواته بكل الوسائل المتاحة والمشروعة اللقاء التشاوري يُمهّد للمؤتمر الوطني ويُعلن بيانه الختامي اليوم
التالي
رحلة صاحب القلم الأبيض