النهار: القضم الإسرائيلي يتقدّم أولويات الحكومة في إقلاعها 17 كيلومتراً بحرياً محور المواجهة في الأمم المتحدة

مع ان المواجهة اللبنانية – الاسرائيلية على الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية بدأت قبل أشهر في ظل الحكومة السابقة، فإن اقدام الحكومة الاسرائيلية أمس على اجراء أحادي ارادت من خلاله تكريس قضمها لحقوق لبنان في موارده الطبيعية من الغاز والنفط عجّل في تقديم هذا الملف كأولوية اساسية لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
وبات من المرجح ان تدرج الحكومة، التي تستعد للجلسة الاولى العملية لمجلس الوزراء الخميس المقبل، هذا الملف الطارئ في جدول اعماله عقب عودة الرئيس ميقاتي من اجازته في الخارج، بعدما فرضته اسرائيل امراً واقعاً اقتضى استنفاراً لبنانياً على مستويات ديبلوماسية ووزارية عدة.

وقالت مصادر ديبلوماسية لـ"النهار" إن لبنان الذي أعد العدة لمواجهة هذا الملف مع حكومة الرئيس سعد الحريري لم يفاجأ كثيراً بالخطوة الاسرائيلية امس، والتي تظهر سعي اسرائيل الى اقتناص لحظة لبنانية واقليمية وتوظيفها في قضم الحقوق اللبنانية الاقتصادية من جهة ومحاولة التسلل الى الازمة الداخلية في لبنان من جهة اخرى. لكنها اضافت ان ملف القضم الاسرائيلي لا يمكن ان يشكل عامل انقسام لبنانياً بدليل ان الحكومة الحالية ستكمل المسار الذي وضع في ظل الحكومة السابقة بتثقيل الملف اللبناني لدى الامم المتحدة بما يحتاج اليه من مستندات ووثائق اضافية. ولم تبد قلقاً كبيراً من نجاح اسرائيل في محاولاتها لقضم الحقوق اللبنانية، خصوصاً ان ثمة حقيقة تعرفها اسرائيل قبل اي طرف آخر وهي ان الشركات العالمية للتنقيب عن النفط لا تعمل في مناطق متنازع عليها.

وكان مجلس الوزراء الاسرائيلي أقر في جلسته الاسبوعية أمس ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بموجب اتفاق كانت وقعته مع الحكومة القبرصية وادخلت ضمن حصتها المفترضة منطقة يرجح وجود نفط وغاز طبيعي فيها على رغم احتجاج لبنان ورفضه استغلال اسرائيل تلك الموارد واعتباره اياه انتهاكا فاضحاً للقانون الدولي وتعدياً على وحدة السيادة اللبنانية.
وادعى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان الحدود التي رسمها لبنان لمنطقته الحصرية وعرضها على الامم المتحدة "تتعدى على منطقة اسرائيل وتناقض الاتفاق الذي وقعه مع قبرص عام 2007"، فيما اتهم وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان لبنان وبضغط من "حزب الله" باثارة توترات قائلا: "لن نتنازل عن اي شبر مما هو ملكنا".
وفي المقابل، نفى وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور ان يكون لبنان تلقى أي تحذير اسرائيلي بواسطة واشنطن يتعلق بالخطوط البحرية التي صادق عليها مجلس الوزراء الاسرائيلي أمس. واوضح لـ"النهار" "اننا في صدد تحديد خريطة ثابتة وتبني خريطة واضحة تؤكد حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة". واذ اكد ان ليس من اشكاليات بين لبنان وقبرص في الاتفاق الموقع بيننا حول استثمار الثروة الطبيعية"، لفت الى "اننا تركنا في المنطقة 23 من خريطة الاتفاق خطاً طوله 17 كيلومتراً من دون ترسيم ضمته اسرائيل الى منطقتها وهذا ليس من حقها". واشار الى انه "لا يجوز وضع اتفاق إلا بموافقة الاطراف الثلاثة، وبما ان لبنان في حال عداء مع اسرائيل وليس من اتصال بينهما، فقد طلب من "اليونيفيل" المساعدة على انجاز ترسيم خط بحري مع اسرائيل ورفضت اليونيفيل ذلك باعتبار انه لا يدخل في نطاق مهمتها". واعلن ان لبنان سيعترض على التثبيت الدولي لحدود اسرائيل البحرية من جانب واحد حتى لو اقرت المنظمة الدولية ذلك، منبهاً الى ان ليس في امكان اي شركة استثمار للغاز والنفط في مناطق بحرية متنازع عليها امنياً وسياسياً وقانونياً.

كذلك أكد وزير الطاقة والمياه جبران باسيل في تصريحات عدة مساء أمس ان "لبنان رسم حدوده البحرية بالاستناد الى اتفاق الامم المتحدة لقانون البحار وعلى اسرائيل ان توقع هذا الاتفاق قبل ان تتحدث عن القوانين الدولية". وقال: "ليس لدينا موقف مسبق، لنر ما الذي سترسله اسرائيل الى الامم المتحدة، فاذا احترمت القانون الدولي لا مشكلة". إلا أنه رأى في الكلام الاسرائيلي "استباقا لاعتداء كما اعتدنا مع اسرائيل في اعتداءاتها على بحرنا ومياهنا وسمائنا وبرنا والآن على الحقوق النفطية". ورد على ليبرمان قائلا: "اذا أرادت اسرائيل الاعتداء علينا فليس حزب الله معنيا فقط بل كل لبنان هو المعني. لا لبناني يقبل بالتخلي عن حقوق نفطية او حقوق بحرية". ونبه بدوره الى ان على الشركات العاملة مع اسرائيل في مجال التنقيب "أن تدرك ان كل المناخ الاستثماري في المنطقة وفي حوض المتوسط سيكون مضطربا اذا حصل تعد على الحقوق".

الحريري
أما على صعيد المشهد السياسي الداخلي، فيكتسب الاسبوع الطالع أهمية من حيث اتضاح طبيعة اقلاع الحكومة في جسلتها الاولى المتوقعة الخميس في ملف التعيينات وبداية برمجة أولوياتها.
كما أن ثمة محطة سياسية بارزة تتمثل في المقابلة التلفزيونية التي ستجرى مساء غد مع الرئيس سعد الحريري في باريس والتي ينتظر أن يتناول فيها معظم القضايا الساخنة التي جرى تداولها أخيرا ولا سيما منها ملف المحكمة الدولية والحكومة.
وعلمت "النهار" ان الحريري سيعرض لمسار المفاوضات التي أجريت مدة طوية وانتهت باسقاط حكومته عقب رفض فريق 8 آذار الاتفاق التركي – القطري، وسيرد على الانتقادات التي وجهت اليه في موضوع التنازل عن مسائل أساسية. ووصف الكلام الذي سيطلقه الحريري بأنه بمثابة رسم خريطة طريق لتحرك المعارضة في المرحلة المقبلة والأهم انه سيخاطب قاعدته ويدعوها الى التزام نهج المعارضة السلمية والديموقراطية وتجنب الاستدراج الى الفخاخ.
يشار في هذا السياق الى ان رئيس "كتلة المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة زار أمس المملكة العربية السعودية والتقى وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل وعرضا التطورات في لبنان والمنطقة.

فيلتمان
في غضون ذلك، نفى مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان في اتصال مع "النهار" من واشنطن ان تكون لديه نية لزيارة لبنان في هذا الوقت.
وقال إن الموقف الاميركي من المحكمة الخاصة بلبنان ومن وجوب التعاون اللبناني معها معروف ولا حاجة الى زيارة جديدة لبيروت لهذا الغرض.

السابق
زيارة سفيرين في جمهورية الخوف
التالي
الجمهورية: حركة دوليّة في الداخل تسبق جلسة “تعيينات الضرورة” الحريري يُطلق حملة على الحكومة والأكثرية تتوقّع تصعيداً