الجمهورية: حركة دوليّة في الداخل تسبق جلسة “تعيينات الضرورة” الحريري يُطلق حملة على الحكومة والأكثرية تتوقّع تصعيداً

مع انطلاق اعمال اللقاء التشاوري للحوار الوطني الشامل في سوريا في غياب بعض رموز المعارضة السوريّة، ومواصلة تركيا تحرّكها الذي شمل إيران بعد المملكة العربية السعودية للبحث في الأزمة السوريّة، يترنّح المشهد اللبناني تحت ضربات المحكمة الدولية ومفاعيلها من جهة، ونفطه في البحر الذي تقرصنه إسرائيل من جهة ثانية، وهما أبرز استحقاقين تواجههما الحكومة في بداية انطلاقتها رسميا بعد نيلها الثقة النيابية، فيما يبدو ان معاودة اعمال طاولة الحوار الوطني بدعوة من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لا تلقى ترحيبا لدى المعارضة.

التعيينات

ومع عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من ايطاليا، وفي انتظار عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من اجازته في ايطاليا ايضا، يتركز تحرك الحكومة على ملفين: التعيينات الإدارية التي ينتظر ان يُبت جزء منها في مجلس الوزراء الخميس المقبل، ومتابعة ملف التنقيب عن النفط الموروث من الحكومة السابقة.

وفي هذا الإطار، أكدت مصادر القصر الجمهوري لـ"الجمهورية" ان مجلس الوزراء سيعقد اولى جلساته الخميس في بعبدا لبت بعض التعيينات الإدارية الملحّة، ومنها، إضافة الى التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لولاية رابعة، تعيين الدكتور طوني جورج شقير مديرا عاما لرئاسة الجمهورية، وهو من ضمن ملاك القصر الجمهوري، وتعيين العميد وليد سلمان رئيسا لأركان الجيش تزامنا مع صدور مرسوم جمهوري بترقيته الى رتبة لواء. ولم تبت المصادر تعيين المدير العام الأصيل للأمن العام على اعتبار ان الأمر لا يزال يخضع للملاحظات الأخيرة، في حين تردد ان مساعد مدير المخابرات العميد عباس ابراهيم هو ابرز المرشحين لهذا المنصب.

ونفت مصادر وزارية بارزة ان تكون هناك سلة كبيرة من التعيينات الإدارية، مؤكدة أن الملف سيدرس في هدوء ولا يمكن الأخذ برأي بعضهم الذي يستعجل هذه التعيينات قبل البحث مليا في كل ملف على حدة، فحالات الشغور واسعة وكبيرة، ومعظم المواقع الإدارية مشغولة اليوم إما بالإنابة او بالوكالة.

وأشارت الى ان فريق رئيس الحكومة يدرس ملفا كبيرا يتصل بالتعيينات الإدارية، وهو ملف قديم سبق للأمانة العامة لمجلس الوزراء ان وضعته في عهد الحكومة السابقة، والتي لم تتمكّن من ولوجه نتيجة المناكفات التي رافقت الجلسات التي كانت مخصصة للبحث فيه، والمداخلات التي حالت دون إتمام ما هو مهم واساسي منها وفق الأولويات المطروحة على قاعدة تفعيل العمل الإداري وكبح الفساد الذي يسود معظم الوزارات والمؤسسات في ظل الحمايات الطائفية والسياسية التي يتمتع بها بعضهم.

ولم تستبعد المصادر إمكان إجراء تعديل في توزيع بعض المواقع الإدارية على قواعد مذهبية وطائفية.

حركة دبلوماسية

ومع انطلاقة العمل الحكومي، تشهد الساحة السياسية حركة دبلوماسية اوروبية واميركية في اتجاه الحكومة، تنطلق اليوم من خلال جولة يبدأها الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامز الذي يزور وزير الداخلية مروان شربل لمتابعة الملفات المتصلة بالمحكمة والعلاقات بين لبنان والأمم المتحدة، وتجديد تنبيه الحكومة وتذكير الوزراء بضرورة احترام القرارات الدولية ولا سيما منها القرار 1757 الخاص بالمحكمة، والقرار 1701 على أبواب التجديد سنة إضافية أخرى لقوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل).

وقالت مصادر دبلوماسية لـ"الجمهورية" ان لا تعديلات في المهام ولا في حجم القوات الدولية ولا في اصول العمل وقواعد الاشتباك، ما عدا الخفض المقرر على مستوى القوة الإيطالية العاملة خارج اراضي الوطن، ومنها في لبنان ودول أخرى من العالم، وهو قرار قديم لا يرتبط بالعملية التي كانت استهدفت هذه القوة الشهر الماضي في الرميلة شمال صيدا، ولا على مستوى الموقف الحكومي الجديد من العلاقات بين لبنان والمحكمة والقوات الدولية التي لا تشوبها شائبة الى اليوم، حسب ما تقول المصادر الدولية.

وعلى خط مواز تتحرك السفيرة الأميركية مورا كونيللي في اتجاه عدد من الوزراء، وتلتقي وزير التربية الدكتور حسّان دياب اليوم، على أن تشمل جولتها لاحقا وزراء آخرين.

تزامنا، وفي وقت تحدثت معلومات عن زيارات وفود دولية الى لبنان، لفتت مصادر السفارة الأميركية الى ان لا وجود لأي برنامج او مواعيد لزيارات يقوم بها مسؤولون اميركيون الى لبنان ومنهم مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان، مشيرة الى أن مثل هذه الزيارات لن تكون سرية وسيعلن عنها في الوقت المناسب.

إطلالة الحريري

وعلى جبهة المعارضة، فإن خطوتين سياسية واعلامية لافتتين تطبعان تحركها على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ففي الداخل، إطلالة تلفزيونية منتظرة لزعيم المعارضة الرئيس سعد الحريري مساء غد عبر قناة "إم. تي.في"، سيشرح فيها اسباب وجوده في الخارج في هذه المرحلة، ويؤكد لجمهوره انه معهم اينما كان، وان اعمال المعارضة ستستمر. كذلك سيتحدث عن ملفات الساعة من القرار الاتهامي الى مسار المحكمة الدولية وتأليف الحكومة والبيان الوزاري وتحرك المعارضة المقبل.

وفي السياق، لم يسقط عدد من المراقبين احتمال ان يعلن الحريري عودته الى لبنان قريبا، وخصوصا ان شهر رمضان بات على الأبواب، وسيشكل محطة مفصلية لتأكيد العودة او عدمها، ولا سيما ان المعلومات تشير الى ان دوائر قصر قريطم بدأت تحضير الدعوات الى افطارات رمضانية.

وفي السياق نفسه، اكد مستشار الحريري، الوزير السابق محمد شطح "أن الحريري سيكون في لبنان في وقت غير بعيد جدا"، مشيرا الى ان "غياب اي زعيم سياسي مُكلف سياسيا، ولكن الاعتبارات التي تفرض عليه عدم العودة تبقى الأهم".

موقف السعودية

وفي غضون ذلك، سافر رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة الى الرياض التي عادت منها النائب بهية الحريري اخيرا، للقاء وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل واستطلاع موقف بلاده من التطورات الجارية، وخصوصا بعد تصريحه الأخير الذي دعا فيه "الى التعامل مع قرار المحكمة الدولية بكل هدوء وعقلانية بعيدا من التشنّج وتجنب اي تصعيد"، وأمل في "تحكيم العقل والسير امام حرية العدالة في هذه الجريمة الشنعاء حتى يستطيع لبنان ان يخرج اقوى مما كان عليه".

وفي معلومات لـ"الجمهورية" ان السعودية أكدت ان كلامها على كف يدها عن التعاطي مع الشأن اللبناني ينحصر في التعاطي مع سوريا فقط، اما مساعدة لبنان مباشرة فهو أمر دائم ومستمر، لكنّ الجديد في الموقف السعودي هو عزم المملكة على وقف أي مساعدة للبنان في ظل الحكومة الحالية.

الأكثرية تتوقع تصعيداً

وقال مرجع سابق لـ"الجمهورية" ان هذه الحكومة لن تعيش اكثر من بضعة اشهر، لأنها لن تكون قادرة على معالجة اي ملف من الملفات الكبرى، وجل ما ستستطيع القيام به هو اجراء "تعيينات الضرورة" في انتظار تبلور المشهد السوري الذي سيفرض تغييرا حكوميا لبنانيا يلاقيه ويتكامل معه.

والى ذلك قال مصدر وزاري لـ"الجمهورية" ان الوضع يتجه الى التصعيد، متوقعا ان يندرج ما سيعلنه الرئيس سعد الحريري في حواره المتلفز مع قناة "ام. تي. في" مساء غد في هذا الاتجاه. واشار الى ان لهجة نواب المعارضة خلال جلسة الثقة وهجمتهم على الحكومة انما تعكس موقف الحريري نفسه.

واضاف المصدر ان المعارضة جدية في حملتها لإسقاط الحكومة، وانها ستستخدم كل ما أوتيت من قوة ودعم في هذا الاتجاه، وخصوصا ان هذا الهدف لدى المعارضة والقوى الداعمة لها في الداخل والخارج هو ورقة من اوراق الضغط الاضافية على سوريا. لذا، فإن الوضع الداخلي ذاهب الى التصعيد، وكل ما يحصل في شأنه بات مرتبطا بتطور الوضع في سوريا.

واستبعد المصدر ان يوافق مجلس الوزراء على تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مشيرا الى فشل المحاولة السابقة التي جرت ايام حكومة الحريري، مؤكدا ان الهجمة التي ستتعرض لها الحكومة ستكون تحت عنوان "التزام المحكمة وإلا…" رابطا كل ما يجري من تحركات على جبهة المعارضة او على صعيد تعميم مذكرات التوقيف عبر الانتربول الدولي وما يرافقه من تحركات دولية بهذا العنوان.

السابق
النهار: القضم الإسرائيلي يتقدّم أولويات الحكومة في إقلاعها 17 كيلومتراً بحرياً محور المواجهة في الأمم المتحدة
التالي
البناء: إسرائيل» تُمعن في سرقة ثروة لبنان البحرية وتساؤلات حول موقف المجتمع الدولي من التعدّي افتتاح اللقاء التشاوري في دمشق ومئات الآلاف يرفعون أطول علم في اللاذقية