حل الصراع..مصلحة اسرائيلية وجودية

زعم يعالون في خطبته أمام وفد من اعضاء البرلمان اليهود انه حينما كان يتولى قيادة قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية في السنتين 1992 – 1993 وقع 13 ضحية من اليهود في المنطقة التي كانت تحت قيادته، أما منذ كانت اتفاقات اوسلو فقد سقط أكثر من ألف قتيل بعمليات «ارهابية».

واستنتج من هذا أن اتفاق اوسلو كان اتفاقا سيئا. غير ان اتفاق اوسلو لم يتم تحقيقه قط ولم يُعط أي أمل منذ اللحظة التي قتل فيها باروخ غولدشتاين 29 مصليا مسلما في الحرم الابراهيمي في الخامس والعشرين من شباط 1994. في رد فوري أعلنت حماس أنها ستنفذ خمس عمليات رد، كانت اولاها العملية في الخط 5 التي وقعت في 19 تشرين الاول 1994، بعد عملية غولدشتاين بنحو من ثمانية اشهر. على أثر المذبحة في الخط 5 فرض حصار على المناطق. وما بقي فهو تاريخ سفك دماء متصل عن جانبي الخط الاخضر، مع هدن طفيفة بين عملية واخرى موجهة على أذرع الأمن. ان العمليات التي أوقعت نحوا من ألف ضحية في الجانب الاسرائيلي وعمليات أذرع الامن المضادة التي أوقعت آلاف الضحايا في الجانب الفلسطيني دفنت اتفاقات اوسلو قبل ان تعطى احتمال بدء التحقق.

يجب ان نعترف بحقيقة ان اتفاق اوسلو جرح جرحا مميتا في الخامس والعشرين من شباط 1994، وقتل نهائيا مع قتل رابين على يدي يهودي يميني متطرف أكمل عمل غولدشتاين. من هنا فصاعدا جرت حرب ذات ارتفاع وانخفاض في مقادير العنف بين الشعبين. حققت هذه الحرب ايديولوجية القوميين المتطرفين من الشعبين الذين كان هدفهم افساد كل احتمال حل لصراع بطرق سلمية.

يؤمن اليمين الاسرائيلي بأن بناء مستوطنات اخرى في مناطق الضفة مصلحة اسرائيلية. وحل الصراع باقامة دولة فلسطينية في الضفة يعني نهاية الاستيطان في المناطق. لهذا تقتضي عقيدة اليمين الاستمرار في «ادارة الصراع» ومنع حله.

يُعرف يعالون اعتراف الامم المتحدة بالدولة الفلسطينية بأنه يعارض مصالح اسرائيل وهذا مفهوم بحسب نهجه. لكنه يضيف انه يعارض ايضا المصلحة الفلسطينية لان الدولة التي ستنشأ ستكون متعلقة تماما بعلاقات اقتصادي باسرائيل. يُفهم من هذا انه اذا قررت اسرائيل ان تشوش على اقتصاد الدولة الفلسطينية فلن يكون وجود لهذه الدولة. غير ان الدولة الفلسطينية التي ستنشأ في ايلول سيعترف بها اكثر من 150 دولة تنشئ فيها سفارات وتطور علاقات تجارية بها. لن تُسلم هذه الدولة لحصار اسرائيلي على الدولة التي سيعترف بها أكثر دول العالم. وستلقى كل محاولة كهذه عقوبات مؤلمة على اسرائيل. آنئذ سيتبين لهم في اليمين ان اقتصاد اسرائيل متعلق خاصة باستعدادها لمساعدة الاقتصاد الفلسطيني لا التشويش عليه.

إن حل الصراع مصلحة وجودية لاسرائيل كما هو مصلحة وجودية للفلسطينيين. أدى استمرار الصراع الى ان حياة الشعبين متعلقة بعضها ببعض كما يتعلق التوأمان السياميان بحياتهما وموتهما بعضهما ببعض.

السابق
حرب مدمرة
التالي
الوقوف إلى جانب السودان الجنوبي