الجمهورية: الأكثريّة تتوقّع حواراً إقليميّاً والمعارضة تنتظر الحريري أوّل مجلس وزراء لمصرف لبنان والأمن العام والأركان

فيما استراح "المحاربون" من عناء جلسات مناقشة البيان الوزاري، منصرفين الى تحضير ملفاتهم للمرحلة المقبلة، حكوميّا وسياسيّا، وعلى جبهة "الحرب السياسية المفتوحة" بين الموالاة والمعارضة، بقيت الجبهة السورية تحت تأثير التطورات الدراماتيكية المتسارعة على الارض في جمعة "لا للحوار" مع نظام الرئيس بشار الأسد التي حصدت 16 قتيلاً واكثر من اربعين جريحاً. واشتدّ الكباش الأميركي ـ الفرنسي ـ السوري في ضوء اتّهام دمشق الولايات المتحدة الأميركية بالتورط في الأحداث الجارية في البلاد بعد توجّه سفيرها روبرت فورد الى مدينة حماه من دون إذن مسبق، وتأكيد باريس من جهتها توجه سفيرها اريك شوفالييه أيضا الى المدينة نفسها التي اصبحت مركزا لحركة الاحتجاج.

وتبدو حماه اليوم مسرحا لهذه المنازلة. فهل تنجح السلطات السورية في قضم ثورة حماه بالتدرّج، لتقضي بذلك على أبرز معالم الثورة ضدها؟ أم ان التحرّك الاميركي والفرنسي داخل المدينة "المنتفضة" رَسمَ ما يشبه الخطوط الحمر، تمهيدا لتحويل ثالث اكبر المدن السورية الى بنغازي سياسية؟

في لبنان، يقفل الاسبوع السياسي على موجة حرّ تجتاح لبنان يؤمل ألّا تنعكس سخونتها ارتفاعا في حرارة الأجواء السياسية المحمومة أصلا فيه، خصوصا بعدما أدلى كلّ فريق بدلوه، ودخل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى السراي الحكومي الكبير على إيقاع مراسم رسميّة، بعدما ارتاح من همّ الثقة باسطا يديه الى الجميع موالاة ومعارضة لطيّ صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من التعاون، لتعويض ما فات اللبنانيين خلال الأشهر الفائتة، ومرحّبا بـكلّ "معارضة بنّاءة وموضوعية".

وبقصد الراحة من عناء الثقة، توجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري وميقاتي كلٌّ على حدة الى الخارج، وعلى الأرجح الى روما وباريس، كذلك سافر الوزير محمد الصفدي الى نيس، والنائب بهية الحريري الى جدة، والنائب نهاد المشنوق الى المغرب.

وأشارت مصادر ميقاتي الى أنّ الحكومة ستحتاج من 6 أشهر الى سنة لتظهر الملامح الإيجابية لنتائج عملها بمؤازرة عربية إيجابية، مؤكّدة أنّ هناك نيّة حقيقية للإصلاح، وأنّ هناك مراحل عدة أمام الحكومة. وأشارت الى أنّ مجلس الوزراء سيجتمع الخميس المقبل في أوّل جلسة له بعد نيل الثقة.

الموالاة

وفي هذا السياق قال أحد الوزراء لـ"الجمهورية" أنّه وزملاءه ينتظرون أن يوزّع عليهم جدول أعمال أوّل جلسة لمجلس الوزراء، والذي يتصدّره التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتعيين مدير عام جديد للأمن العام ورئيس جديد للأركان في الجيش اللبناني. وأكّد "أنّ التمديد لسلامة يفرضه تمسّك الهيئات الاقتصادية والمصرفية به ، نظرا إلى أنّ اسمه يوحي بالثقة للأسواق المالية المحلية والعربية والدولية".

وردّا على سؤال، توقّع الوزير نفسه ان تواصل المعارضة معركتها التي بدأتها منذ خروجها من السلطة "ولكن فاعلية هذه المعركة وسقفها مرهونان بالتطورات في المنطقة، وخصوصا في سوريا، فإذا تجاوز السوريّون أزمتهم فإنّ الأوضاع الداخلية اللبنانية ستأخذ منحى آخر، وستندفع المعارضة الى مراجعة حساباتها، خصوصا إذا فُتِحت نوافذ حوار سعودي ـ سوري وسعودي ـ إيراني في ضوء ترحيب وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل أخيرا بأيّ حوار مع إيران ردّا على ترحيب مماثل أبدته طهران في الآونة الأخيرة، وأن مثل هذا الحوار ـ إذا حصل ـ فإنّ الوضع في لبنان سيمضي إلى مزيد من الاستقرار.

ووصف هذا الوزير المرحلة بأنّها " مرحلة ترقّب وانتظار، ولكن لا شيء في الأفق يشكّل خطرا على الاستقرار والسلم الأهلي، وهذا الأمر مسلّمة عند كلّ الأطراف".

الحريري والمعارضة

وإلى ذلك، وغداة إعلان المعارضة "استعمال الشارع عند الحاجة إليه، لكن تحت سقف القانون"، حسب عضو كتلة "المستقبل" النائب عمّار حوري، مؤكّدا أنّه "سيكون لقوى 14 آذار طريقة عمل للتعاطي مع نتائح الانقلاب"، تترقّب الأوساط المواقف التي سيعلنها الرئيس سعد الحريري الثلثاء المقبل، في أوّل إطلالة تلفزيونية له منذ مغادرته لبنان بعد محطتي 13 آذار في "ساحة الشهداء"، و18 آذار في طرابلس. وعلمت "الجمهورية" أنّ الحريري سيوجّه سلسلة رسائل مهمّة، وسيردّ على الاتّهامات الأخيرة التي سِيقت ضدّه بأنّه كان يريد التخلّي عن المحكمة في مقابل البقاء في السلطة. كذلك سيؤكّد تمسكه بثوابت "ثورة الأرز" عموما والمحكمة الدوليّة خصوصا، راسما الخط البياني للمعارضة وسقفها السياسي.

وقد التقت قيادات من قوى 14 آذار مصادفة في مقرّ أمانتها العامة وقوّمت ما جرى في جلسات مناقشات البيان الوزاري وبحثت في أفكار أوّلية تتعلق بالمرحلة الجديدة، واستكمال درس خطة العمل التي تضمّنها نداء "البريستول"

مواقف دوليّة

في غضون ذلك، ظلّت أنظار العالم شاخصة الى الحكومة الجديدة، وارتفع منسوب القلق الدولي من "غياب التزامها الصريح بالتعاون مع المحكمة"، فيما جدّدت إيران موقفها الرافض هذه المحكمة، معتبرة "أنّ الهدف الرئيسي لها، إنّما الانتقام من اللبنانيين والمقاومة".

ويرى دبلوماسي أوروبي بارز أن الحكومة ستخضع لمراقبة أوروبية – اميركية لصيقة لآلية مقاربتها القرار 1757 (إنشاء المحكمة الدولية)، وخصوصا بعد ان تعمد البيان الوزاري "الغموض".

ويضيف الدبلوماسي نفسه ان الحكومة ستواجه كذلك مراقبة اوروبية – اميركية، لكيفية تصرفها في الملفات التي تعني الغرب وخصوصا الشرعية الدولية المتمثلة بقرارات مجلس الأمن، وفي طليعة هذه الملفات الملف السوري وكيفية تصرف لبنان حيال أي اجراءات دولية محتملة ضد سوريا على خلفية الأحداث الحاصلة فيها.

الى ذلك، قالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها: "نأخذ عِلما باعتماد البيان الوزاري من البرلمان اللبناني. لكننا قلقون من الصيغة التي استخدمت للحديث عن المحكمة الخاصة بلبنان، والتي تميل الى التشكيك في حياد هذه الهيئة القضائية ومهنيّتها".

روسيا

من جهتها، أعربت روسيا عن أملها في أن تعزّز الحكومة اللبنانية الجديدة في لبنان الوفاق الوطني والاستقرار في لبنان. وعبّر بيان أصدرته وزارة الخارجية الروسيّة عن ارتياح موسكو الى استكمال الإجراءات الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومة. وقال: "من المهمّ أن تعزّز أنشطة المجلس الوزاري المصالحة الوطنية وضمان الاستقرار الداخلي في لبنان ووحدة جميع اللبنانيين، بغَضّ النظر عن الانتماء الديني". وأكّد "أنّ دعم روسيا سيادة لبنان وسلامته الإقليميّة والسلم والاستقرار فيه لا يزال من دون تغيير". وأضاف: "إنّنا مستعدّون لمواصلة وتعميق التعاون مع هذا البلد وقيادته وجميع الأحزاب السياسية في معظم المجالات".

السابق
خصوصية حماه … السفراء ولبننة سوريا !
التالي
اسرائيل تحضر لعدوان… من نوع آخر !!