الألغام والقنابل العنقودية تتحوّل ألعاب قتل

قبل 11 عاماً شكّلت الألغام التي زرعها العدو الإسرائيلي في أعقاب اندحاره عن الجنوب اللبناني، عدو خفي يتستر كما حقد العملاء الذي بدأ يتكشف يوماً بعد آخر··
وجاءت حرب تموز 2006 لتزيد إلى ألعاب القتل التي خلّفها الاحتلال عام 2000، قنابلاً عنقودية، ألقتها الطائرات الإسرائيلية خلال تلك الفترة، تبيّن أن 40% من القنابل الملقاة لم تنفجر، مما حوّلها إلى ألغام مضادة للأشخاص، حصدت الكثير من الضحايا، فإستشهد الكثير وبترت أطراف آخرين··

<لـواء صيدا والجنوب> يُسلط الضوء على <الشهداء الأحياء>·· ضحايا الألغام، والمؤسسة الراعية والحاضنة لهم جنوباً··

على الرغم من حملات التوعية وانتشار عبارات <لا تقترب·· لا تلمس·· بلّغ فوراً>، تُشير التقديرات غير الرسمية الى أن مجموع ضحايا الألغام والقنابل العنقودية على امتداد الفترة الزمنية السابقة فاق الـ 20 ألف مواطن··

إسماعيل { المديرة التنفيذية لـ <جمعية تمكين للعيش باستقلالية> في النبطية ندى إسماعيل، أشارت الى أن <الجمعية أنهت منذ حوالى أسبوعين صيانة أطراف تعود لـ 22 شخصاً بقيمة 32 ألف دولار، بدعم من <جمعية المانونايت المركزية> و5 أطراف بدعم من <المساعدات الشعبية النروجية> بقيمة 10 آلاف دولار وجمعيات أخرى تُعنى بضحايا الألغام· فعملية صيانة الأطراف هي عملية دورية، وبالنسبة للتكلفة تتحمل الجمعية مدعومة بالمساعدات الجزء الأكبر ويبقى الجزء البسيط على الأشخاص أنفسهم، وأن لم يكن بمقدورهم نتحمل تكاليف العلاج المتبقية نحن>·

وقالت: خلال مشاركتي في الندوات والدورات الخاصة بضحايا الألغام بصفة ممثلة اللجنة الوطنية لمساعدة ضحايا الالغام والقنابل العنقودية أرى أن هناك أشخاصاً ما زالوا في مرحلة الإنهيار، وقد تعرّفوا الى نظرائهم وأمدوهم بالقوة، من هنا كان اعتماد العلاج التماثلي، وهو عبارة عن شخص أصيب بلغم وتجاوز مرحلة الضحية واصبح ناجياً من الألغام ومثالاً لشخص أصيب وما يزال في مرحلة الصدمة·

وختمت إسماعيل: إن مشاركتنا الدائمة دفعتني للتطلع الى آفاق جديدة أبعد من العمل مع الضحية وإنما العمل مع من قطعوا مرحلة الضحية لأدربهم على أن يكونوا أقراناً مثاليين لأشخاص أصيبوا·

جمعية تمكين { أمينة السر والأخصائية الإجتماعية في <جمعية تمكين للعيش باستقلالية> في جنوب لبنان باسلة منصور، قالت: يمر المصاب بعدة مراحل للتأهيل، فضحايا الألغام لا يكفيهم التأهيل النفسي والجسدي، لا بد من تأهيلهم اقتصادياً لكي يكون لديهم مصدر عيش، فهناك قروض ميسّرة نقدمها لهم لتأسيس مشاريع صغيرة، ونقوم بدراسة المشروع الذين يريدونه، ونمنحهم القروض بدعم من <جمعية المساعدات الشعبية النروجية>، وفي حال أثبت لنا مصداقيته وانطلق بمشروعه، نعاود نحن كجمعية تجديد القرض مرة ثانية ونمنحه إعفاء بسيط من القرض القديم·

وأوضحت أن <هناك حوالى 16 مشروعاً تم تنفيذه، مزرعة بقر، تربية نحل، محل أراكيل، مشاريع زراعية صغيرة·· هذا بالإضافة الى النشاطات التي نقيمها في محاولة دمج لضحايا الألغام، وحلقات جماعية بين مصابين جدد وأخرين سبق لهم أن مروا بذات التجربة وأصبحوا اليوم أقوى>·

وتابعت: نتعاطى مع ضحايا الألغام من لحظة السقوط، ووصوله الى المستشفى، وخضوعه لعملية البتر، وعدم إيهامه بأنه سيعود كشخص طبيعي، فهناك إعاقة ومرحلة جديدة سوف ينتقل إليها وكذلك بالنسبة للأهل، وتحضيره لتقبل الطرف الإصطناعي بعد أربعة أشهر من تاريخ الإصابة>·

وختمت منصور: بلغ عدد المصابين الذين نتعامل معهم 120 مصاباً من الجنوب، وهناك من يقصدنا من البقاع الغربي، ولدينا 5 فتية مصابين وهم بأعمار صغيرة جداً، من عمر 7 سنوات، علماً أن عدد المصابين بالألغام قبل العام 2000 هم الضحايا الأكبر، بينما الأشخاص التي أصيبوا بالقنابل العنقودية حوالى 45 شخصاً·

زريق { الفتى حسين زريق (من بلدة جبشيت – 16 عاماً) قال: في ذكرى يوم ميلادي ?22 نيسان 2008، كانت <هديتي> مخبأة تحت حجر، بدلاً من أن تكون ملفوفة في ورق هدايا، يقدمها الأهل أو الأصحاب فأفرح بها، كانت القنبلة العنقودية تسبق الجميع للإحتفال معي، وتنفجر?تحت قدميّ بدلاً من شمعة أشعلها على قالب حلوى بهذه المناسبة·

وأضاف:?كنا نلعب في الحقل المجاور للمنزل، فأمسك إبن عمتي <علي> القنبلة العنقودية، وحين صرخنا به?بأن يتركها خوفاً من إنفجارها، قام ورشقها بسرعة وخوف، ودون قصدٍ منه، وقعت مباشرةً تحت أقدامي فانفجرت بقوة·

وتابع: لم أدرك حقيقة أن أحمل جزءاً من رجلي المبتورة، والدماء تسيل مني إلا حين وصلت الى المستشفى، خاصة أن شظايا الإنفجار وصلت إلى القلب والكبد، وها أنا اليوم أحمل من أثر هذه القنبلة العنقودية، بالإضافة الى طرف إصطناعي حل مكان الرجل المبتورة، جروح، بل خرائط رسمها الأطباء في سبيل إنقاذ القلب من التوقف·

وختم زريق: تأخرت عامين عن متابعة دراستي، وخسرت الكثير من الثقة والعزيمة على متابعة الحياة، وتكسرت الأحلام الأولى بأن أصبح ضابطاً في الحربية·

شبلي { المصاب حيدر شبلي (من بلدة القليلة – مواليد 1968، متزوج ولديه 3 أولاد)، قال: كنت على مقربة من مركز تابع لقوات <اليونيفل> في الحنية ? صور في العام 1984 حين أصبت بلغم أرضي، ثم تم نقلي الى <مستشفى الناقورة> التابع للقوات الدولية، مما أدى الى بتر الساق اليسرى تحت الركبة، وتعالجت هناك لمدة شهر و20 يوماً·

وأضاف: تمت عملية البتر مباشرة لحظة وقوع الإنفجار، وكانت حالتي النفسية والجسدية صعبة جداً، خاصة أن الأطراف التي تم تركيبها لي من قبل الدولة لم تكن بالجودة اللازمة، ما زاد على حالتي سوء ومعاناة·

وأشار شبلي الى أنه <مع دعم الأهل والأصحاب والتوكل على الله تخطيت مرحلة التأهيل، واليوم بفضل <جمعية تمكين للعيش باستقلالية> أصبح الوضع أفضل، فقد استفدت من الجمعية بأول طرف عام 2008، وكانت لي متابعة مستمرة معهم من أجل صيانة الطرف، والطرف الثاني استلمته في حزيران 2011>·  

السابق
ورشة عمل حول الوظائف الخضراء في صور
التالي
بلدية صيدا ترسل النفايات·· وإدارة المعمل ترفض استقبالها