لبنان سيعاني كثيرا ان ربح الاسد اوخسر

على الصعيد الدولي تبدو دول اوروبية عدة فاقدة الأمل في "اصطلاح" النظام السوري ولذلك فإنها تدعو الى رحيله. وهي، على اهميتها، لا تستطيع ان تحسم التطورات في سوريا في الاتجاه الذي ترى انه مناسب لطموح غالبية السوريين ولمصالحها في آن واحد. وتبدو اميركا غير مقفلة الباب تماماً أمام "نظام الاسد"، فهي تدعوه للإصلاح وللإبتعاد عن العنف اولاً، والى إخلاء الساحة في حال عجز عن ذلك او لم يرغب فيه. وموقفها هذا يريحه جزئياً، لكن اركانه يعرفون ان الدولة الاعظم اليوم لها مصالح وتؤمن بقيم، وان الأولوية عندها هي دائماً للمصالح. لكنهم يعرفون ايضاً انه في حال تناقض المصالح والقيم، وفي حال أصرَّ الرأي العام عندها على مواقف تتناسب والقيم، فإن قيادتها ستختار القيم. ويعني ذلك دعوة الرئيس بشار الى الرحيل ونظامه الى السقوط. وعلى الصعيد نفسه هناك روسيا والصين، والاثنتان تؤمنان بالمصالح اكثر من القيم. وهما تريان ان النظام السوري يؤمِّن لهما هذه المصالح. وقد نجحتا حتى الآن في منع صدور قرار "معادٍ" له عن مجلس الامن. لكنهما يطالبانه بالاصلاح وإن بخجل لأن الاصلاح غائب عن بلديهما. طبعاً اراح ذلك الاسد لكنه لم يطمئنه الى قدرته على تجاوز العاصفة الدولية. فلروسيا والصين خلافات مع اميركا بسبب تناقض المصالح. وهما استغلتا في السابق اي نزاع دولي او اقليمي للضغط عليها كي تتخلى عمّا من شأنه تهديدهما. ونجحتا في انتزاع الكثير منها، فهل يتكرر هذا النجاح؟ وماذا يكون انعكاسه على "سوريا الاسد"؟ والجواب قطعاً ان التكرار ممكن والانعكاس سلبي. طبعاً يؤمن النظام في دمشق كما عدد من الباحثين الدوليين بأن روسيا واستطراداً الصين تهيّئان لحرب باردة جديدة مع اميركا بعدما تعاظمت طموحاتها بحيث صارت تهدِّد الجميع. ويؤمنون كذلك بأن دولاً "كبرى" عدة ستنضم الى الدولتين المذكورتين مثل الهند والبرازيل وافريقيا الجنوبية وربما ايران وغيرها، ويراهنون على ان ذلك سيغيّر المشهد الدولي الحالي. طبعاً لا احد يمتلك معطيات تؤكّد هذا الامر. لكن الرأي الاكثر ترجيحاً هو ان "الحرب الباردة الجديدة" ستبقى احتمالاً ضعيفاً طالما استمر ميزان القوى الدولي وتحديداً العسكري على اختلاله الراهن.

ما هو مستقبل الوضع السوري في رأي اصدقائه والحلفاء او بعضهم على الاقل؟

يعتقد الايرانيون استناداً الى قريبين من طهران ان امام الوضع السوري انواعاً اربعة من التطورات. الاول هو التقسيم، لكنهم لا يرونه حاصلاً. والثاني، هو الحرب الاهلية، ويستبعدونه كثيراً لاقتناعهم بعدم توافر ظروفه. والثالث هو استدراج سوريا اسرائيل الى حرب اقليمية لصرف انظار شعبها عن الثورة ولمنع العالم من الضغط عليها، وهم يعتقدون وربما يجزمون انه لن يحصل. وموقف ايراني كهذا له معان كثيرة ابرزها ان ايران، الاقوى في شراكتها الاستراتيجية مع سوريا، ترفض هذا التطوّر وستضغط لمنع حصوله. اما التطوّر الرابع فهو استمرار الوضع الراهن اي انتفاضة مستمرة ونظام مستمر، وهو مرجّح اكثر من غيره ولمستقبل لا يعرف احد مداه، علماً انه قد ينفتح مستقبلاً على تطورات عدة. وتشارك قوى اقليمية ودولية عدة الايرانيين انطباعهم هذا.

هل من عبرة للعالم العربي ومنه للبنان في كل ما يجري في سوريا؟

العبر كثيرة. منها ان على العرب وخصوصاً اللبنانيين ان يقتنعوا بأن الاقليات لا تستطيع ان تحكم الاكثريات الى الابد، وبأن دورها اذا وصلت الى السلطة هو انتاج نظام يحميها ويحمي كل المواطنين بعد تركها اياه عبر تداول السلطة، وخصوصاً منها التي عانت ظلم الاكثريات عبر قرون. ومنها ان على الاكثريات في العالم العربي ان تقتنع بأن حكمها لن يستقر إلا اذا كان ديموقراطياً، وعدَلت وساوت بين المواطنين، ولم تجعل الاقليات في ذمتها مدة وخارج هذه الذمة مرات. وعدم استقرارها سيتم عندها من التقاء مصالح الاقليات مع مصالح دول عدة في المنطقة والعالم. علماً ان الديموقراطية الحقة او الكاملة مستبعدة عربياً لأسباب عدة منها الدين، ومنها الربط العضوي بين العروبة والاسلام، ومنها العنصرية، اي عنصرية العرب تجاه الاقليات العرقية والاتنية في بلادهم، وعنصرية الغالبية الدينية ثم المذهبية تجاه الاقليات الدينية والمذهبية. اما لبنان، فلا يمكن القول إلا انه سيعاني كثيراً إذا ربح نظام الاسد، وإذا خسر نظام الاسد، وإذا وقعت سوريا لا سمح الله في حرب اهلية. والسبب الرئيسي لذلك انقسام اللبنانيين شعوباً متحاقدة.

السابق
زهرمان: اتهامات العمالة خطيرة جدا
التالي
حمادة: أرسلان قاطع الجلسات ولم يمنح الثقة اعتراضا على المراوغـة