الخروج من صفّين الجديدة

«لا يجوز ان يبقى لبنان أسيراً لدم رفيق الحريري».

بهذه العبارة بدأ الزميل غسان شربل مقاله الذي نُشر في هذه الجريدة الاثنين الماضي، بعنوان «الخروج من دم الحريري». ربما أختلف مع الزميل غسان حيث «كان يفترض ان يستقبل لبنان القرار الاتهامي بحكومة أقطاب برئاسة سعد الحريري». بل ان وجود الحريري خارج الحكومة سيسهّل إخراج لبنان من ضيق المذهبية والأضرحة الى سعة المستقبل، فالتمسك بالمحكمة لن يعيد رفيق الحريري، لكن تركها، ضمن حل سياسي، وليس حوار سياسي، سيحرر لبنان من حبلها الخانق.

بعد الحديث عن اتهام دمشق بدم الحريري، وتوتر علاقة الرئيس بشار الأسد بعواصم عربية فاعلة، كتبتُ في هذا العمود مقالاً بعنوان «زياد، أما بعد فإنك أخي»، وهي عبارة شهيرة تصدّرت رسالة بعث بها معاوية بن ابي سفيان الى زياد بن ابيه، في محاولة لاستمالته على مناوئيه، ومنعه من الوقوف الى جانب الحسن بن علي، فأرسل إليه أنه سيُقر بنسبته إلى أبيه، ويصبح اسمه زياد بن أبي سفيان، فوافق زياد وصار قائداً في جيش الأمويين. وأشرت الى ان سيف المحكمة عند دمشق يساوي شرف النسب عند زياد. واليوم أكرر الطلب ذاته من سعد الحريري. فعقدة المحكمة عند «حزب الله» يمكن ان تحل بشعرة معاوية، وإن شئت بدهائه. وبالإمكان الخروج من دم الحريري، والانفضاض من حول الضريح، وتجاوز الفتنة المذهبية.

لا شك في ان «حزب الله» يخوض حرباً ستُكلف لبنان شكله الراهن، ولن يتم الحل إلا بثنائية التسامح والتنازل. سعد الحريري مطلوب منه ان يتنازل عن المحكمة، وليس عن العدالة، لكن هذه الأخيرة تتم بمحكمة لبنانية. و «حزب الله» مطالب بتنازلات بحجم الثمن الذي سيدفعه الحزب والبلد. وبغير أفق سياسي شجاع على هذا المستوى فإن الفتنة المذهبية سوف تجد في لبنان مناخاً يطلق عقالها على نحو يصعب وصفه.

الأكيد ان لبنان اليوم على ابواب تاريخ جديد، فإما ان يعاود نسج معركة صفّين بلا صحابة ولا تابعين، أو ينجو من هذا الفخ المذهبي بامتياز.

السابق
الحياة: البرلمان اللبناني يواصل مناقشة البيان الوزاري للحكومة وبندا السلاح والمحكمة بقيا في صدارة مداخلات النواب
التالي
اللواء: عنف كلامي يحاصر الثقة المضمونة اليوم! ورّي يطرح المصالحة الحقيقية … وميقاتي يؤكّد تمسّكه بثوابت العدالة والإستقرار