الجمهورية: المنازلة النيابيّة تنتهي اليوم والحكومة تنطلق بـ 69 صوتاً المعارضة تستعدّ للمستقبل ولا عودة قريبة للحريري

يصوّت مجلس النواب اليوم بأكثرية 69 صوتا ثقة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي في ختام ثلاثة ايام من النقاش في البيان الوزاري وما حوله، لتمضي بعدها الحكومة الى ممارسة مهماتها دستوريا، ويمضي فريقا الاكثرية والمعارضة كل الى غايته لما هو مقبل من الايام حيث يرجح ان تشهد معركة سياسية بينهما عكست المداخلات النيابية بعض معالمها.

وستشهد الجولة الخامسة والأخيرة من الجلسة اليوم موقفا معارضا يعبّر عنه رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، قبل ان تنتهي برد مفصّل لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي على كل ما ورد في المداخلات النيابية لتخرج حكومة "كلنا للوطن كلنا للعمل" بثقة اكثرية 69 نائبا فيما يحجبها عنها نواب المعارضة، وتنطلق في عملها الفعلي، متسلّحة بثقة عادية إذا ما قورنت مع حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة التي نالت ثقة 122 نائبا من أصل 124 نائبا حضروا الجلسة في كانون الأول 2009. فيما نالت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ثقة المجلس النيابي بغالبية 100 صوت من أصل 127 صوتاً.

وقد رفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة الى العاشرة والنصف صباح اليوم مشيرا الى ان عدد المتكلمين قد بلغ 50 نائباً وبقي على لائحة طالبي الكلام 8 نواب، على ان يتم التصويت على الثقة في الأولى والنصف بعد ظهر اليوم.

استعادة الأكثرية

وقالت مصادر الاكثرية لـ"الجمهورية" ان الحكومة "لن تسلم من سهام المعارضة التي ستقف لها في المرصاد في ضوء تصميمها على ممارسة دورها جيدا في مراقبة اعمالها وأدائها السياسي والتنفيذي، وعلى الاستمرار في المواجهة والعمل على استعادة "الأكثرية المسروقة". وإذ اكدت ان اجتماعات تنسيقية بين اركان المعارضة ستبدأ فور انتهاء جلسة الثقة. علمت "الجمهورية" ان كتلة "المستقبل" ستعقد اجتماعا عاما تقويميا للأيام النيابية الثلاثة ولياليها ، على ان يُستتبع باجتماع موسع لقيادات قوى 14 آذار تُرسم خلاله معالم الخطة المقبلة.

ورفضت مصادر تيار "المستقبل" الافصاح عن طبيعة هذه الخطة، وقالت لـ"الجمهورية": "مارسنا عملنا ودورنا بكل جرأة وصراحة، وعادة من يكون لديه ردات فعل هو الفريق الآخر الذي أصبح الآن في السلطة، فحافظ على هدوئه نتيجة التعليمات العليا التي كان تلقاها، وان كان تفلّت منها من حين الى آخر".

واشارت المصادر الى ان اهم ما افرزته جلسة أمس هو "ان الكلام وإبداء الرأي في الحد الأدنى من الصراحة والوضوح والإشارة الى مكامن الخلل ممنوع. وإذا أخطأت فان كلامك يتحول "عبارات توحي بالفتنة" وما عليكم إذا اردتم التحدث من الآن وصاعدا سوى تأليه من يجب تأليهه وتجنب التعبير عما تختزنه النفوس. وإذا أخطأت وتجاوزت التهديد بالسكوت فالتُهَم موجودة فور الخروج عن "النص الإلهي" واقل التهم انك عميل إسرائيلي او اميركي في افضل الحالات".

14 آذار

وبدورها، قالت مصادر بارزة في قوى 14 آذار "ان المعركة لا تُربح بالضربة القاضية، بل بالنقاط ،وأردنا ان نثبت ان هناك نوابا أحرارا غير خاضعين وهذا ما حققناه".

مصادر الأكثرية

في المقابل، اكد قطب بارز في الأكثرية لـ"الجمهورية" ان قوى 14 آذار "أضحت في موقع المربك والضعيف وقد خسرت كل اوراقها ولم يعد امامها الا التجييش المذهبي وهذا لن يكون في مصلحة احد". واعلن "ان اهتمام الأكثرية الآن يتركز على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى القضايا العملية بما ان الثقة "تحصيل حاصل" ولم يكن هناك من داع للإنجرار الى أي مشاكل او مشاكسات او مصادمات". واضاف:"نحن نريد ان نمضي قدماً في برنامجنا السياسي والانمائي وبناء الدولة وفق الثوابت السياسية والتي نؤمن بها، بعدما رُكّبت الدول حسبما كان يريد الفريق الآخر". وكشف ان بند التعيينات الادارية لن يدرج على جدول اعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ما خلا التجديد لحاكم مصرف لبنان قبل انتهاء ولايته ليل 31 تموزـ 1 آب المقبل". مشيرا الى بت بعض البنود المطلبية. واكد "ان الحكومة ستعمل وكأن المحكمة غير موجودة وكأنّ القرار الاتهامي لم يصدر "فهو آخر همّنا"، وسيتركز الاهتمام على الشأنين المطلبي والمعيشي وعلى ان تنجح الحكومة في مهماتها السياسية والتنموية، وهذا أفضل رد على التجني وعلى المؤامرة الدولية المسماة محكمة دولية على المقاومة".

لكن معلومات ترددت مساء امس "ان البنود المطروحة على الجلسة الاولى لمجلس الوزراء هي التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتعيين العميد وليد سلمان رئيسا للاركان في الجيش اللبناني ومساعد مدير المخابرات العميد عباس ابراهيم مديرا عاما للامن العام".

اليوم الثاني

وقد طُبع اليوم الثاني من الجلسة الصباحية بطابع الرتابة التي كسرتها مداخلة عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله الذي تحدث عن تورط "جهاز امني لبناني" رسمي في لعبة تسريب اسماء القرار الاتهامي، وشن هجوما عنيفا على المعارضة مؤكدا "ان هناك من توهم ان السلطة آلت اليه"، إضافة الى معركة كلامية بين نائب "المستقبل" خالد ضاهر ونائب حزب البعث العربي الاشتراكي عاصم قانصوه استعملت فيها عبارات نابية وكادت تتحول الى تضارب بالأيدي لولا تدخل بري لفض الاشتباك على طريقته المعهودة.

وفيما واصل نواب المعارضة هجومهم على الحكومة ودفاعهم عن المحكمة الدولية، دوزن رئيس مجلس النواب نبيه بري ايقاع بعض الكلمات وحاصر الاشتباكات السياسية وخنق بعضها في مهدها تلافيا لانعكاسها على الشارع اللبناني. ولوحظ ان صوت بري علا في مواجهة وزرائه ونوابه اكثر من غيرهم وأضطر الى الطلب من الوزير علي حسن خليل الذي جلس على مقاعد النواب العودة الى مقعده الوزاري في قاعة المجلس.

وكادت الجلسة المسائية ان تخرج عن مسارها في ضوء تسجيل ثلاثة اشكالات اثناء كلمة النائب سامر سعادة حيث جابهه الوزير حسين الحاج حسن والنائب نواف الموسوي، ثم النائب نهاد المشنوق الذي جابهه الوزير خليل يدعمه بعض زملائه كالموسوي الذي اتهم المشنوق بأنه من "عملاء الاستخبارات وان سعره معروف". وبعدها تجدد الإشكال مع النائب نديم الجميل قبل ان يخرج اعضاء كتلة "الوفاء للمقاومة" من القاعة اعتراضا على كلامه، ثم ما لبثوا ان عادوا.

واختتم اليوم الثاني بمشادة كلامية بين عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب فريد حبيب وعضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب حكمت ديب أثناء كلمة النائب ابراهيم كنعان .

وانعكاسا لما شهدته ساحة النجمة وتزامنا مع انسحاب نواب "حزب الله" من الجلسة النيابية ومواقف نواب حركة "امل" والحزب شهدت المنطقة المحيطة ببرج المر ومنطقة الباشورة وبرج ابي حيدر تحركات مريبة لمجموعات من المدنيين عند مداخل المباني والشوارع. وعلى الاثر تحركت وحدات من الجيش اللبناني منعا لأي توتر محتمل في منطقة تشكل اعلى درجات الحساسية بينها وبين محيطها.

وقالت مصادر أمنية لـ" الجمهورية" ان القوى الأمنية تمسك بالأرض وترصد المناطق بدقة لمنع حصول ما يخل بالأمن. واضافت:" ان اي تحرك غير طبيعي لن يكون حادثا عابرا، فالأمن خط أحمر في بيروت وغيرها من المناطق".

الحريري

ومساء راجت في اروقة المجلس النيابي معلومات تحدثت عن احتمال عودة الرئيس سعد الحريري من الخارج للمشاركة في جلسة الجولة الاخيرة من جلسة الثقة. وتحدثت إحدى الروايات عن خطاب ستلقيه النائب بهية الحريري ايضا في الجلسة وان فريقا بدأ إعداد الكلمة بعدما بلغت أجواء التوتر ذروتها مع خطاب النائبين المشنوق وسعادة وردات الفعل عليهما في غياب ميقاتي الذي قاطع جزءا من جلسة بعد الظهر.

لكن مصادر في تيار "المستقبل" نفت هذه الروايات واعتبرتها في غير محلها، "فالعملية ليست بهذه البساطة ولو كان الوضع طبيعيا لربما كان الرئيس الحريري بيننا".

وكان موقع "العرب اليوم" على شبكة الانترنت نقل امس في تقرير له من باريس عن مصادر قريبة من الحريري أنه لن يعود قريباً إلى لبنان بعد تلقيه تحذيرات فرنسية وأميركية وأممية من إمكان تعرضه لمحاولة اغتيال.

وقالت المصادر، بعد عودتها من باريس للمشاركة في لقاء البريستول لقوى 14 آذار، أن الحريري لن يعود قريبا الى لبنان والأسباب أمنية بحتة، إذ حذرته جهات متعددة، لا سيما منها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي شخصيا، ومصادر أميركية رفيعة المستوى وأخرى تعمل في الامم المتحدة من امكانية إغتياله. وأكدت هذه المصادر أنه يتابع الاوضاع في لبنان ساعة بساعة ويلتقي بجميع الافرقاء في باريس، للتنسيق معهم في كل الخطوات التي ستتخذها المعارضة لمواجهة المرحلة المقبلة، لا سيما الحكومة الجديدة ومسألة المحكمة الدولية.

السابق
النهار: الاحتقان ينفجر مشادات بين 8 آذار والمعارضة و 58 نائباً يرسمون المشهد المأزوم قبيل الثقة
التالي
البناء: المطارنة الموارنة يستغربون توقيت صدور القرار الاتهامي: أجّج الجدال وزاد الشَرخ بري يُدير كاسحة ألغامه على شطحات الجلسة