السفير: نصر الله: العدالة شرط الاستقرار … ولا للمقايضة بينهما

 حولت جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، امس، الى جلسة لمناقشة موضوع المحكمة الدولية، وكيفية التعاطي معها ومع قراراتها، وهي مناقشة تأخرت زهاء ست سنوات بعد توقيع حكومة لبنان (برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة آنذاك) على البروتوكول والاتفاقات الخاصة بهذه المحكمة.

وخلافاً للتوقعات التي رجّحت وقوع معارك كلامية او حتى عراك بالأيدي، مرت أولى جلسات المناقشة على خير، وسط أجواء مقبولة هي بالتأكيد أقل حدة من تلك التي كانت سائدة خارج مجلس النواب، عشية التئام هيئته العامة. بل ان إيقاع المناقشات كاد يكون رتيباً في العديد من الاحيان لولا بعض المفرقعات الخطابية و«القفشات الشخصية»، ما أوحى بان المعارضة الجديدة التي كانت تتوعد ميقاتي وحكومته بالويل والثبور وعظائم الامور بدأت تتكيف مع الأمر الواقع.. برغم مرارته.

ويمكن القول إن سقف بيان «البريستول» كان أكثر ارتفاعاً من سقف الكلمات التي ألقاها ممثلو 14 آذار، وكأن المعارضة استهلكت أوراقها واستنفدت زخمها قبل بداية المناقشات في مجلس النواب. وما ساعد على ضبط إيقاع جلستي الامس ان المتكلمين باسم 14 آذار لم يفرطوا في تجاوز قواعد اللعبة، فيما تجاهل نواب الاكثرية «الرصاص الطائش» تنفيذاً لقرار مسبق بضبط النفس وعدم الانجرار الى أي استفزاز من الفريق الآخر.

وفي حين ركز خطباء المعارضة الجديدة على وتري المحكمة والسلاح في معرض التصويب على الحكومة ورئيسها، كان لافتاً للانتباه ان توزيع الأدوار بين نوابها لم يكن موفقاً في بعض الاحيان، إذ تكررت أكثر من لازمة وفكرة، بطريقة حرفية تقريباً، على ألسنة عدد من الخطباء، بينما كان يمكن الاستفادة من الوقت والمنبر بشكل أفضل.

وبانتظار ما ستحمله الجلسات المقبلة في طياتها، كان لافتاً للانتباه قرار الجماعة الاسلامية، عبر نائبها عماد الحوت، الامتناع عن التصويت، في موقف يحمل دلالات هامة على مستوى الساحة السنية، ويؤشر الى وقوف «الجماعة» بما تمثل على مسافة من «المعارضة الشرسة» التي يعتمدها تيار المستقبل.
نصرالله: لا مقايضة بين العدالة والاستقرار
وعلى خط مواز، وبينما كان نواب 14 آذار يدافعون بقوة عن المحكمة الدولية، واصل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تجويف المحكمة وقرارها الاتهامي من أي مصداقية، ملوحاً بأن في جعبته المزيد من الاوراق التي سيكشفها في الوقت المناسب.
وأكد نصر اللـه في كلمة ألقاها في الاحتفال الذي أقامته أمس مؤسسة الجرحى لمناسبة يوم الجريح أن «المحكمة الدولية اليوم هي الطريق لظلم تاريخي يلحق بالمقاومين والشهداء».
وأضاف: نحن في حزب الله لا نقايض بين العدالة والاستقرار، ولا نوافق على مقايضة من هذا النوع، لأن فيها شبه قبول بالاتهام، وهذا ما نرفضه أساساً. نحن نقول إنه يجب أن تُحقّق العدالة، والعدالة هي شرط الاستقرار، والاستقرار بلا عدالة هو استقرار هش، وهو أمن مزيّف.
وتساءل: هل ما يجري هو عدالة؟ هل لجنة التحقيق الدولية والمدعي العام والمحكمة التي يرئسها صديق كبير لإسرائيل، تحقق العدالة؟ وأشار الى ان كل هؤلاء الذين يؤيدون القرار الظني الظالم يدعمون الظلم ويتنكرون للحقيقة والعدالة، مضيفاً: الظلم الأول أن هناك قاتلاً تتم التعمية عليه وهو إسرائيل. والظلم الثاني أن هناك مقتولاً وشهيداً يُراد أن يُقال إن إسرائيل لا يمكن أن تقتله، وهي ليست متورطة في قتله، وهذه إهانة له. والظلم الثالث أن يُتهم زوراً وبهتاناً مقاومون شرفاء بعملية قتل من هذا النوع.
ورأى أن «من يحاول أن يقول إن حزب الله أو الثامن من آذار أو الأغلبية الجديدة أو حكومة الرئيس ميقاتي تعطّل العدالة، فهذا غير صحيح. أنتم الذين تعطلون العدالة، أنتم الذين تضيّعون الحقيقة وقد ضيّعتموها أربع سنوات عندما سجنتم الضباط الأربعة وطلبتم تعليق المشانق لهم».

وتابع: قلنا بعض ما لدينا ولدينا أمور أخرى يمكن أن نقولها في أي وقت، وأنا أؤكد أن كل التضليل سيذهب هباءً منثوراً. المسألة هنا ليست غلبة سلاح، أنتم مشتبهون، المسألة هنا غلبة حق، فنحن أقوياء بالحق.
وكان «حزب الله» قد رد على البيان الذي أصدره المدعي العام في المحكمة الدولية دانيال بيلمار رداً على المؤتمر الصحافي للسيد نصرالله، فأشار إلى أنه «لم يفاجئنا رد بيلمار على ما قدّمه السيد نصرالله من أدلّة دامغة حول الثغرات الكبرى التي تطال مصداقية هذه المحكمة والعاملين فيها. وقد جاء هذا الرد على جاري عادة بيلمار عاماً وإجمالياً ولم يتطرق إلى أيّ من الأدلّة المقدّمة، حيث لم يستطع أن ينفي أيّاً من الحقائق الثابتة التي أوردها الأمين العام، ما يظهر حجم التآكل الذي أصاب مصداقية المحكمة وإفلاس منطق بيلمار في الدفاع عن المحكمة برمّتها».

سليمان.. والحوار
من جهته، أكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان امام زواره «أن لا بديل مجدياً عن الحوار واعتماد الخطاب الهادئ والابتعاد عن التوتير، فإذا انصت الافرقاء الى بعضهم البعض بعقل وقلب مفتوحين بعيداً عن المواقف المسبقة أمكن التغلب على الصعاب مهما عظمت وفي هذا السلوك خلاص الجميع، خصوصاً وان التجارب علمتنا انه مهما تباعد الافرقاء وتخاصموا فإن مآلهم هو الجلوس الى طاولة الحوار للبحث عن الحلول التي لا غالب فيها ولا مغلوب، وبالإمكان اختصار طريق المآسي والانقسام واللجوء الى هذا الخيار في اقرب فرصة ممكنة نحن احوج ما نكون الى اقتناصها، والبناء عليها في ظل متغيرات تشهدها المنطقة لا ينفع في مواكبتها الا الالتزام بالثوابت الوطنية».
الفيصل يدعو لتجنب التصعيد

في هذا الوقت، دعا وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل جميع الفرقاء في لبنان الى «التعامل مع قرار المحكمة الدولية بكل هدوء وعقلانية بعيداً عن التشنج، وتجنب اي تصعيد أو مواجهة مع المجتمع الدولي».
واضاف: مع صدور قرار المحكمة نتمنى على المجموعات ان تسعى الى تحقيق العدالة وتحكيم العقل وألا تترك هذه الحادثة تعيد عدم الاستقرار الى لبنان، خصوصاً ان الجميع قد صوّتوا لمصلحة انشاء المحكمة ومن ضمنهم الفئات السياسية التي تعارض نتيجة المحكمة الآن. 

السابق
القرار الاتهامي ومسيحيو 14 أذار
التالي
مَن يُسقط مَن: الحكومة أم المحكمة؟