السفير: مجلس النواب ساحة اشتباك … والجيش يطمئن اللبنانيين وحزب الله يشهر وثائق جديدة … وباراك يتوقع هزة لبنانية وشمول الاتهام سوريا

ينطلق قطار المناقشات النيابية للبيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي اعتباراً من اليوم، في ظلّ مناخ سياسي شديد السخونة سبق جلسة مجلس النواب، وسيترافق معها، وذلك طيلة أيام قليلة بعد صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واتهام أفراد من «حزب الله» بالتورّط فيها.
وفيما اتخذ الجيش اللبناني سلسلة إجراءات أمنية وعسكرية وقائية، معظمها غير مرئي، منذ لحظة صدور القرار الاتهامي وضاعف بعضها، عشية الجلسة العامة، مخافة محاولة نقل التوتر إلى الشارع، خاصة في العاصمة وبعض «النقاط الحساسة»، طمأن مصدر عسكري لبناني واسع الإطلاع اللبنانيين بأن الجيش «سيكون بالمرصاد لكل من تسوله نفسه محاولة النيل من الاستقرار والسلم الأهلي».
وعشية الجلسة، لفت الانتباه ردّ مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بيلمار على ما كشفه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، حيث كان أقرب ما يكون إلى مرافعة دفاعية عن معاونيه، تزامنت مع أول تعليق رسمي إسرائيلي على صدور القرار الاتهامي، توقع فيه وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أن يُحدث القرار هزة غير بسيطة في لبنان، وأن يتمدد الاتهام إلى سوريا.
سياسياً، وفيما رسمت قوى الرابع عشر من آذار بنبرتها العنيفة التي استخدمتها في بيان البريستول، إطار مواجهتها للحكومة ورئيسها، فإنها قررت اعتماد ما قالت اوساط قيادية في «14 آذار» إنها «خطة مزدوجة» تهدف أولاً، لاستهداف حكومة ميقاتي من باب المحكمة حصراً، وثانيا، استنزاف الوقت عبر سيل خطابي تقرر ان يفتح على مصراعيه لكل نواب «14 آذار»، بما يجعل فترة الثلاثة ايام المحددة لانعقاد جلسة مناقشة البيان الوزاري، غير قادرة على استيعابها ما سيفرض تمديد أمد الجلسة وبالتالي تأخير التصويت على الثقة.
على أن المنحى التصعيدي الذي بدأته قوى 14 آذار، قابله استنفار من كتل الأكثرية، حيث اجتمعت كتلة الرئيس نبيه بري وأكدت «ان التوجه الذي ستؤكد عليه في جلسة اليوم، شدّد على الحوار والابتعاد عن لغة التهديد والتهويل»، فيما شددت كتلة جبهة النضال الوطني على «أولوية الحفاظ على السلم الأهلي»، و«معادلة تلازم العدالة والاستقرار»، حسب أوساط قريبة من النائب وليد جنبلاط.
وقرّر تكتل الإصلاح والتغيير بعد اجتماعه برئاسة النائب ميشال عون، أمس، التركيز على المحكمة الدولية و«فضيحة شهود الزور»، وعلى «أداء الفريق الحاكم منذ العام 1992 ومسؤوليته في تدمير أسس الدولة ونهبها واختلاسها وضرب مؤسساتها».
وأما «كتلة الوفاء للمقاومة»، فإنها ستحدّد موقفها من خلال «كلمة أساسية» لرئيسها النائب محمد رعد، بالإضافة إلى كلمات أخرى لنواب الكتلة تبعاً لمسار المناقشات، «وعلى قاعدة لكل كلام.. كلام»، علماً أن السيد نصرالله سيتحدث خلال الاحتفال الذي يقيمه «حزب الله»، الخامسة عصر اليوم، بمناسبة «يوم الجريح المقاوم» في مجمع شاهد التربوي على طريق المطار.
وحتى انتهاء الدوام الرسمي ليوم أمس، تجاوز عدد طالبي الكلام أكثر من ثلاثين نائباً، وهو بطبيعة الحال رقم غير نهائي، فيما بدا أن جلسة المناقشة قد بدأت قبل أوانها بالهجوم والهجوم المضاد، ولا سيما بين قوى «14 آذار» وتيار المستقبل من جهة وبين الرئيس نجيب ميقاتي من جهة ثانية، من خلال رد الأخير بعنف على «قوى البريستول» واتهامها «بتضليل الرأي العام واستغلال جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، واستحضار دماء الشهداء في المناسبات التي يحتاجون فيها إلى رافعة».
واذ اشار ميقاتي إلى انه «أكد مراراً احترام القرارات الدولية، ومنها القراران 1701 و1757، والوفاء للشهداء، ومتابعة التعاون مع المحكمة الدولية»، قال إن القاصي والداني يعرف «من عمل في وقت من الأوقات على «تسوية»، حتى لا نقول أكثر، على حساب دم الشهداء وقضيتهم للتمسك بموقعهم في السلطة. ولعل في العودة الى تلك المرحلة ما يكفي من معطيات ومستندات تثبت كيف كانت أوراق الاقتراحات، مطبوعة حيناً ومكتوبة بخط اليد أحياناً، تتنقل من مكان إلى آخر داخل لبنان وخارجه، مستدرجة العروض المباشرة وغير المباشرة» (ص 3).
من جهته، دعا الرئيس بري في احتفال الذكرى السنوية الأولى لرحيل المرجع السيد محمد حسين فضل الله للخروج من مرحلة المراهقة السياسية وعدم الضغط على الحكومة، معلناً مساندته موقف الحكومة في التعاطي مع القرار الظني والمحكمة الدولية، وفقاً لنص البيان الوزاري، مطالباً بأن يكون على أعلى جدول أعمال الحكومة إعادة الثقة للقضاء اللبناني، مجدداً التأكيد ان القرار الاتهامي لا يشكل أداة من أدوات العدالة بل هو أداة من أدوات الفوضى
«حزب الله» يردّ على المشككين
في هذا الوقت، ردّ «حزب الله» امس على «التشكيك الذي أثاره البعض حول وثيقة نقل أجهزة الكومبيوتر التي تمّ عرضها في مؤتمر السيد حسن نصرالله السبت الفائت».
وأرفق «حزب الله» الردّ بثلاث وثائق، الاولى تتعلق بـ«طلب اعفاء من الضرائب غير المباشرة مقدّم من عضو بعثة دبلوماسية» وهي صادرة عن ادارة الجمارك والضريبة المضافة في «دولة اسرائيل»، حيث تمت تعبئتها من قبل «ميهو هيروس» وهو احد المدراء في فريق مراقبي الهدنة التابعين للامم المتحدة UNTSO في القدس المحتلة، وقد تم التصديق عليها من قبل السلطات الاسرائيلية المختصة، ويعود هذا الإعفاء للشحنة رقم 29148 والذي تم تبيان محتواها ايضاً في الطلب.
وتتعلق الوثيقة الثانية بـ«مانفيست» البضائع والذي يظهر تبعية الشحنة رقم 29148 لمصلحة لجنة التحقيق الدولية المستقلة UNIIIC.
واما الوثيقة الثالثة فتضمّنت جدولاً بمحتوى الشحنة رقم 29148، وفيه: 77 كومبيوتر desktop ومستلزماتها، 20 كومبيوتر laptop ، 57 شاشة كومبيوتر، 25 جهازاً لاسلكياً، 1 ملحقات شبكة، 2 ربيتر.
ويلفت رد «حزب الله» الى ضرورة الالتفات الى العبارة التالية في آخر الجدول (all loaded in container number 290530/6 barcode-fil 29148) .. أي أن المحتوى أعلاه تم تحميله في الكونتينر 290530/6 الشحنة 29148.
وأما في الشق المتعلق بفائدة الإسرائيلي من نقل الحواسيب، ونظراً للاهتمام الإسرائيلي في هذا الملف وهدفه منه، والصلاحيات والغطاء الدولي الذي يتمتع به وقدرته الفنية العالية والتحكم المباشر بالحواسيب، يمكن ، بحسب رد «حزب الله» افتراض الأمور التالية:
اولاً: نسخ المعلومات كافة من الحواسيب، وتجدر الاشارة هنا الى ان حواسيب لجنة التحقيق زودت من قبل بعض الاجهزة الامنية والقضائية ومن بعض المؤسسات الرسمية والخاصة بالكثير من المعلومات عن المجتمع اللبناني، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
أ- ما هو متعلق مباشرة بالتحقيق من: مشتبه فيهم، افادات الشهود، سير ومخطط التحقيق، هيكلية وآلية عمل لجنة التحقيق، الفرضيات المعتبرة والفرضيات المهملة، نتائج الفحوص المخبرية والجينية.
ب- ما تم وضعه بين ايدي لجنة التحقيق في لبنان: كل داتا الاتصالات في لبنان منذ 2002 لغاية تاريخ مرور الحواسيب، معطيات عن كل شبكات الاتصالات في لبنان، السيارات في لبنان، برامج النفوس ولوائح الشطب، برامج الهوية والصور، مشتركو الكهرباء والماء، بصمات اللبنانيين، الطلاب والاساتذة والمدارس في لبنان، الموظفون في بعض القطاعات، مجموعة ملفات امنية وقضائية من ارشيف تلك المؤسسات في لبنان… واللائحة تطول ولا تنتهي.
ثانياً: استرجاع المعلومات المحذوفة.
ثالثاً: زرع برمجيات او فيروسات، تتيح عملية التلف للبرامج او للمعلومات او بعض الشرائح الالكترونية للجهاز او الأدوات او الاوعية المتصلة به او التحكم بمحتوياته او التحكم بالشبكة والأجهزة التي قد تتصل بالاجهزة لاحقاً.
وبحسب رد «حزب الله» فإن هذه الامور وغيرها تساعد في تحقيق التالي:
1- الاستفادة المباشرة من كل الارشيف الموجود لأهداف اخرى عسكرية وامنية خاصة بالعدو الإسرائيلي في لبنان، ما يساعد في كشف لبنان امام العدو.
2- امتلاك كل المعطيات عن التحقيق.
3- مواكبة سير التحقيق.
4- امتلاك معلومات عن المحققين.
5- حرف التحقيق او التأثير عليه.
6- ابتكار السيناريوهات التي تعتمد على بعض المعطيات وسوق الاهتمام الى الهدف الذي يصبو اليه العدو.
بيلمار: العاملون في المحكمة نزيهون!
وفي سياق متصل، قال مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بيلمار إن العاملين في مكتبه «عُيِّنوا بناءً على كفاءتهم المهنية، ونزاهتهم، وخبرتهم، وأنا واثق تمام الثقة في التزامهم القوي بالتوصل إلى الحقيقة»، وأضاف في بيان له امس، «إنه يرحب بعرض السيد نصرالله تقديم الملف الذي أشار إلى وجوده لديه بشأن بعض عناصر التحقيق ويطلب الحصول على ما عرض بالفيديو في أثناء الخطاب المتلفز، إضافةً إلى أي معلومات ومستندات أخرى قد تساعد المحكمة في سعيها الجاري للتوصل إلى العدالة».
وبحسب بيان بيلمار «فإن التحقيق يجري وفقاً لأعلى معايير العدالة الدولية ولا تعتمد نتائجه إلا على حقائق وأدلة ذات مصداقية». اضاف البيان انه سبق للمدّعي العام أن أثبت، بسعيه إلى إطلاق سراح الضباط الأربعة في نيسان 2009، أنه لن يتردّد في رفض الدليل إذا لم يقتنع بمصداقيته وموثوقيته. كما ان قاضي الإجراءات التمهيدية، بتصديقه قرار الاتهام في 28 حزيران 2011، قد قرر أنه مقتنع بوجود دليلٍ كافٍ لمحاكمة المتهمين في الاعتداء الذي وقع في 14 شباط 2005.
واوضح البيان أن بيلمار لن يدخل في نقاش عام في وسائل الإعلام بشأن مصداقية التحقيق الذي أجراه أو عملية التحقيق. «فهذه عملية قضائية وينبغي اعتبارها كذلك»، وأشار الى أن المكان المناسب للطعن في التحقيق أو في الأدلة التي جُمِعت نتيجة له «هو محكمة مفتوحة تعقد محاكمة تلتزم التزاماً كاملاً بالمعايير الدولية». وذكر بيلمار بقوله مراراً «إن العدالة هي ضمان الاستقرار الدائم»، ودعا لاتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتقديم المتهمين للعدالة.
باراك: القرار الاتهامي سيحدث هزة في لبنان
في غضون ذلك، وفي أول تعليق رسمي إسرائيلي على صدور القرار الاتهامي، ألمح وزير الدفاع إيهود باراك إلى دور سوري في ذلك، مشيراً إلى أن «هذا يثبت في أي مكان نحن نعيش». وقال في مستهل اجتماع لكتلة حزبه في الكنيست إن تقديم لوائح اتهام ضد مسؤولين في «حزب الله» «يثير هزة غير بسيطة في لبنان. والمعنى الفعلي لذلك هو أن «حزب الله» كتنظيم وقف خلف هذا الاغتيال المنظم للحريري، وليس واضحاً إذا كانت الآثار الأعمق خلف هذه التحقيقات واستمرار التحـقيق، لن تقــود إلى مــا وراء الحدود، إلى داخل سوريا، إلى قلب دائرة الحـكم هنــاك».
وأشار باراك إلى أن «هذا الأمر فعلاً يثبت لنا مع من نعمل، وأي جيران نحن نعيش في وسطهم وإلى أي حد «حزب الله»، الذي يدّعي أنه جزء من البنية الشرعية، فيما هو حالياً جزء من البنية شبه الشرعية في الحكومة اللبنانية، فإنه في كل ما يتعلق بهذا الحزب فإنه كل شيء عدا ترتيبات الحكم الرشيد».

السابق
السفير: دمشق: 150 شخصية دُعيت للحوار … واللائحة تكبر
التالي
الحياة: ميقاتي يتهم 14 آذار بالتضليل الاستباقي: أكدنا احترام الـ 1757 والتعاون مع المحكمة