المياه في راشيّا خفيفة متل الخيط

خمس عشرة قرية، في قضاء راشيا الوادي، تمتد من بلدة البيرة وصولا الى كوكبا، باتجاه الجنوب، تتعرض للتقنين القاسي في مدها بمياه الشرب. فالانقطاع الذي يسبّب للمواطنين ازمة اقتصادية، آخذ في التفاقم في المنطقة البقاعيّة. أما الأسباب فليست كثيرة، بل إنّ الأهالي لديهم «متهم» واضح. هكذا، يعيد الأهالي أسباب تحويل حصة بلداتهم من المياه الى المشاريع الزراعية، في تلك المنطقة. وفي سياق مواز لاستيائهم من «سحب المشاريع الزراعيّة للمياه»، يدور سجال في ما بينهم، لا يخلو من الاعتراض والتساؤلات عن «الأسباب الحقيقية خلف هذا الانقطاع، وعن دور مصلحة المياه في التعديات والمخالفات الحاصلة».

يلوم ابو سلمان ابو رافع، ابن بلدة عيحا في اعالي قضاء راشيا، والمقيم في بلدة ظهر الاحمر، موظفي مصلحة مياه شمسين على الأزمة. يتهمهم بـ«الغياب عن مراقبة وضبط العيارات التي يقوم البعض بالتعدي عليها». الرجل ضاق ذرعاً بشح مياه الشفة، وخصوصاً أنها تتعرض منذ نحو شهر ونصف للانقطاع المستمر ولأيامٍ طويلة. يشرح الحال: «ما بتجي الا كل عشرة ايام مرة ولساعات معدودة، واذا اجت ما بتطلع على خزان السطح». هناك دورة أيضاً. ولا يتوقف الأمر على ندرة وصولها إلى القرية، بل ثمة مرحلة أخرى «متأزمة»، تتمثل بعدم وصولها إلى خزانات المنازل. يضطر أبو رافع إلى «جمعها في الخزان الموضوع في الدار، ليعاود سحبها بالموتير الى خزان السطح».

يتكرر المشهد في أغلب منازل منطقة راشيا الوادي. والكارثة الكبرى، تقع على القرى التي يصادف تقنين انقطاع الكهرباء، مع ساعات «حضور المي». هؤلاء، لا يستفيدون منها على الاطلاق. عملياً، الآبار التي تتغذى منها في بلدة لوسيه السلطان يعقوب، تحتاج الى تيار كهربائي، لسحب المياه الى خزانات القرى، التي تحتاج هي الأخرى الى التيار الكهربائي، لجرها الى الشبكة الداخلية للبلدة. وهكذا، تضيع «الطاسة» ويبقى «الماء في مكانه فلا يصل إلى المنازل».

هذا ما يعانيه ابو عارف مغامس، من بلدة كوكبا. فالرجل، يحتاج إلى أن يوفر «15 برميلاً على أقل تقدير في الاسبوع قيمتها 15 الف ليرة، للاستعمال وحسب، إضافة إلى دفعه يومياً 3 آلاف ليرة ثمناً لمياه الشرب. وهذا بعد سياسة التقشف التي فرضها على عائلته». يؤكد مغامس ان انقطاع المياه مستمر «منذ نحو شهرين، وانها تأتي كل اسبوع خفيفة متل الخيط». وللمناسبة، البلدات العالية ليست أفضل حالاً من البلدات التي تقع على اطراف الطريق الرئيسية. علي ابو مالك من بلدة ظهر الاحمر، يؤكد الأزمة هناك أيضاً، وترتّب عليه عبئاً مالياً إضافياً، في منطقة فرص العمل فيها شبه معدومة.

إذاً، الأزمة مستمرة، والمواطنون «مؤمنون» بأنهم «يدفعون ثمن مخالفات الموظفين الميدانيين في مصلحة المياه، إذ إن الموظفين يبيعون المياه الى اصحاب المشاريع الزراعية، بما يقلل من كلفة سحب المياه من الآبار الارتوازية، عبر محركات تعمل على المازوت». ويعلق مختار بلدة ضهر الأحمر، حسن بتديني، على الأزمة بالقول: «ما طلعنا من الشتا وكلفتو حتى اجتنا ازمة انقطاع المي». البقاعيون من أزمة إلى أخرى. يرى بتديني أن انقطاع المياه أشبه بـ«عقاب لأبناء المنطقة»، مردفاً «راجعنا المسؤولين في مصلحة مياه شمسين، ورفعنا شكوانا الى نواب المنطقة، ولا زلنا ننتظر الحلول». وكباقي المواطنين، يحيل الاسباب الى الهدر في المياه، لـ«عدم قيام المصلحة بمراقبتها وضبط أي مخالفة للمتلاعبين بـالعيارات».

السابق
الخليوي لا يسبب السرطان
التالي
حوري: العدالة والإستقرار مكملان لبعضهما البعض فالديموقراطية هي التي تتنصر، وسينتصر لبنان السيد الحر المستقل