تصويب في ذكرى السيد فضل الله

هل يحتاج السيد محمد حسين فضل الله الى هذا التوسع والترف الزائد لتثبيت موقعه الفاعل دائما في حياتنا الدينية والعلمية والادبية والعملية والتربوية والخيرية المميزة شأن الكبار الذين يغيبون بالموت عن العين ويزدادون حضورا في العقل والقلب ؟
لا نظن انه بحاجة الى ذلك ..لا الى القليل ولا الكثير من المظاهر لأنه , الى عمق أثره في نفوس الجميع ووعيهم , لم يكن يشكو من ظهور وبروز واختراق لمحاولات التعتيم عليه …اللهم الا اذا كان بعض الناس بحاجة الى اظهار صورهم في هذه الغابة الواسعة والكثيفة من صور السيد في الذكرى السنوية الاولى لرحيله .
هذا وما من مرة في تاريخنا العلمي والجهادي والاصلاحي , كان عالم من علمائنا العلماء الذين عيّنهم علمهم وعملهم من دون افتعال أو تدبير من أحد , ما من عالم من علمائنا كان بحاجة الى اعلام أو مبالغة في الدعاية ليبقى حيا وخالدا في ذاكرة الاجيال , بل نحن نعرف نماذج حاول من حولها أن يعوضوا نقصا في أهليتها العلمية بالدعاية , فكان المردود سلبيا وكأنه افتعال لقيمة اضافية أو انتقاص من قيمة فعلية .
كنا نتمنى ان يصار وبعد أسابيع من رحيل السيد فضل الله , الى تشكيل لجنة من الباحثين الجادين , من غير الخطباء والمداحين الذين يسيئون للعالم وعلمه , لتقوم هذه اللجنة وتعكف على قراءة تراث السيد المتنوع , وتعقد مؤتمرا تقييميا لاسهاماته العميقة , وفاء له ولنا ..على ان تتكرر هذه المؤتمرات لسنوات وتغطي كل الانجازات العلمية في تراث الراحل الكبير … واذا ما كان هذا العمل هو المثال للاحتفاء بالرجل وجهوده المميزة , فان افتتاحه يمكن أن يأخذ شكلا شعبيا احتفاليا , لا مانع من تكراره في اكثر من مكان من لبنان ويكون مجالا لتظهير العاطفة والتقدير المطلوب في خطابات وقصائد ترقى الى مستوى الذكرى وصاحبها , وبما يلزم أو يحسن من تواضع المظاهر وبذخ المضامين المتعددة لحياته ووفاته , وتحفيز على تشكيل ورشة تتوفر على خصائص علمه وعمله وتهدف الى عمل منظم من أجل سد الفراغ الذي أحدثه غيابه .
رحمه الله …ولو كان يريد المظهر لما ظهر ولكن توارى في علمه وعمله حتى ظهر وكان ككل خيرات الارض والسماء يبزغ وينمو سرا ويزهر ويثمر علنا ويكتشفه الباحثون عن غذاء العقل والروح , فيأكلون حلالا طيبا ويشربون زلالا صافيا , شأن الابدال وأهل الله الذين يتحولون من مظاهر ساطعة الى ضمائر حية ويحيا بهم طلاب المعرفة وان استغلهم طلاب الزعامة والوجاهة والمنفعة وآذوهم في حياتهم حتى مماتهم .
ختاما نخشى ان يكون هذا التوسع الفائض المذكور والذي لا يصل الى سمو مكانته ناتجا عن تقليد لمسلكيات دعائية سلطوية أو حزبية معروفة , علما بأن كثيرا من الناس وبسبب الظلم الذي يلحق بهم , يقعون في تقليد ظالميهم او جاهليهم او متجاهليهم …غير ان الظلم الذي تعرّض له السيد لم يفتّ من عضده والتجاهل لم يؤثر على علمه كما ولا نوعا ولا على حضوره في وجدان محبيه وحتى مبغضيه الذين لا يشكلون الا استثناء لا يحسن التوقف عنده
السيد ياسر ابراهيم

السابق
مسيحي ينام في المسجد
التالي
فضل الله: الفرصة مؤاتية لحوار جدّيّ بين المسلمين والغرب