بري للنهار:أثبت الشارع الشيعي عمق انضباطه والتزامه تعليمات قياداته السياسية والدينية

قبل يومين من تسليم لبنان القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يقول ان القرار سيصدر في الساعات المقبلة. ولم يستند الى معلومات فحسب بل الى اشارات كانت تواكب عملية اتمام إعداد البيان الوزاري والحملة التي يقودها فريق 14 آذار ضد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ويواجهها الأخير بأعصاب قوية.
وعلى رغم "التهويل" الذي رافق الساعات الـ48 التي سبقت تسليم القرار واستقبال المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا وفداً من المحكمة الدولية، كان بري يدعو مَن هم حوله الى التعامل بكل هدوء وتروٍ خصوصاً في شارع "حزب الله" وحركة "أمل"، متوقعاً ألا يختلف مضمون القرار عما ورد عنه في وسائل اعلام أجنبية وعربية.
وراقب بري ليل الخميس كيف استقبلت بيروت وشوارعها القرار، ولمس ان الحياة في العاصمة كانت طبيعية ولم تتغير حركة المواطنين عدا تسجيل انحسار في حركة السير في ساعات بعد الظهر لتستعيد وتيرتها في ساعات المساء. وكان تعليقه على هذا المشهد ان بيروت في هذا الوقت كانت أكثر هدوءاً من عاصمة النروج أوسلو، لكنه توقف عند ملاحظتين:
– أثبت الشارع الشيعي عمق انضباطه والتزامه تعليمات قياداته السياسية والدينية ولم تصدمه الاتهامات للاسماء الاربعة، فبقيت الاجواء طبيعية في الضاحية الجنوبية، وأما المفرقعات والأسهم النارية التي أطلقت فكانت بسبب نجاح بعض التلامذة في الامتحانات الرسمية.
– رحب بري ايضاً برد فعل الشارع السني، وأعطى مثالاً أبناء الطريق الجديدة في العاصمة، الذين لا يعيرون اهتماماً للاصوات المتطرفة من أي جهة أتت، وقال انه لا يزال يعوّل على العقلاء من أبناء الطائفتين.
وتأتي قراءة بري هذه في ظل تفلت لبعض الخطب الدينية في طرابلس وبلدات عكارية في عدد من المساجد، الأمر الذي اعتبره رئيس المجلس غرساً لبذور الفتنة والتفرقة في النفوس.
من جهة أخرى لم يرَ بري براءة في موعد تسلم لبنان القرار الاتهامي، ورأى ان الغاية من ذلك هو الضغط على حكومة الرئيس ميقاتي واستغلال الأزمة التي تمر بها سوريا، لكنه نقيض كثيرين في فريق الأكثرية الجديدة يرى أن ردود فعل معظم أفرقاء 14 آذار في معرض تعليقهم على القرار "كانت من ضمن قواعد "المعقول"، مع علمه سلفاً ان هذا القرار اضاف مادة الى قوى المعارضة ستستعملها بالطبع في أدبياتها واطلالاتها في المناطق والمدن وصولاً الى مجلس النواب. وما يعزيه ان استقبال القرار "مر بسلام" في الشارع اللبناني وان ما ساهم في هذا الواقع هو وعي أكثر القيادات فضلاً عن الرسالة الايجابية التي وجهها الرئيس ميقاتي الى اللبنانيين.
من جهة أخرى لا يخشى بري الضجيج الذي يهدد الحكومة والتضييق عليها من المجتمع الدولي، ويدعو على سبيل المثال الى التدقيق في المواقف التي كانت تصدر عن السفيرة الاميركية مورا كونيللي في الايام التي سبقت ولادة الحكومة وبيانها الوزاري، والتي تدرجت في وضع شروط عليها، ومقارنتها بالكلمة التي ألقتها في حفل عيد استقلال بلادها في ضبية.
ولا يستغرب بري أن تتسع دائرة الاتهامات في الايام الآتية، ويفضل عدم التعليق أكثر، في حين يستعد لجلسات مناقشة البيان الوزاري بدءاً من الثلثاء على وقع وعيد قوى المعارضة وهديرها بتحويل الجلسة أكثر من ساخنة. ويقول رئيس المجلس لـ"النهار" بان البرلمان هو المكان الطبيعي للمناقشة والردود السياسية، وهو سيستعيد حيويته المعهودة، وأهلاً وسهلاً بالزملاء ومداخلاتهم.

السابق
النهار: أربع نقاط أساسية في رفض المعارضة لبند المحكمة الدولية
التالي
مشروع الليطاني… أول غيث الحكومة