المعارضة تشحن القرار الإتهامي للهجوم على الحكومة

 بعد خروج البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي من نفق التباين والمرور بين نقاط التعهدات الداخلية والإلتزامات الخارجية، وصل أمس إلى ساحة النجمة وبدأت دوائر المجلس النيابي بتوزيعه على النواب بعد تسليمه للأمانة العامة لمجلس النواب وإجراء الإتصالات اللازمة لتبليغ النواب أن نسخ الـ 128 وضعت في صندوقة البريد لكلٍ من النواب، وسارع رئيس المجلس نبيه بري إلى توجيه الدعوة للنواب لمناقشة البيان الوزاري بدءاً من الثلاثاء والأربعاء والخميس صباحاً ومساءً، وذلك إلتزاماً بأصول النظام الداخلي للمجلس الذي ينص على شرط توزيع البيان قبل مهلة 48 ساعة من موعد الجلسة (وطبقاً لنص المادة 81 من النظام الداخلي مدة الكلام للنائب ساعة للمرتجل ونصف ساعة للورقة المكتوبة وتجري مناقشة البيان الوزاري في جلسةًً تعقد بعد 48 ساعة على الأقل من جلسة التلاوة ما لم يكن قد وزع النواب قبل هذه الجلسة بمدة مماثلة)، وتوقعت المصادر أن يعقد الرئيس بري إجتماعاً لهيئة مكتب المجلس عشية الجلسة يوم الإثنين لمناقشة الآليات التي يجب إتباعها خلال الجلسات، وان كانت المواجهة متوقعة أن تبدأ خلال هذا الاجتماع نظراً للإنقسام السياسي الواضح داخل هيئة المكتب·

وعليه، فإن رئيس المجلس نبيه بري الذي كان أوعز بالأمس عبر لقاء الأربعاء النيابي، بضرورة الإسراع في إنجاز البيان الوزاري، أكد أنه لن يؤخّر ساعة واحدة في تحديد جلسة مناقشة البيان الوزاري ومن ثم نيل الحكومة الثقة، وذلك بهدف إفساح المجال أمام العمل التشريعي، وورشة عمل مجلسية- حكومية، وهو كان لمّح إلى إمكانية تحديد جلسة عامة، بعد إنقضاء مهلة الثلاثين يوماً المحدّدة في المادة 64 من الدستور دون صدور البيان الوزاري (وأشار أن إنقضاء هذه المهلة يجعل من الحكومة طبقاً لهذه المادة بحكم المستقيلة، وهو لا يعارض مبدأ التشريع مع حكومة تصريف الأعمال على قاعدة السوابق ومقولة الضرورات تبيح المحظورات)·

واليوم، ومع إقرار البيان الوزاري في مجلس الوزراء، تكون العملية الدستورية لنيل الحكومة الثقة قد خطت خطوتها الأولى، أما في السياسة فتستعد المعارضة الجديدة إلى مواجهة حامية لا سيما بعد صدور القرار الإتهامي بالأمس وما جاء في البيان حول المحكمة الخاصة بلبنان في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهي ستوزع الأدوار النيابية خصوصاً في <كتلة المستقبل> التي تتهيّأ لمنازلة كلامية تضمن فيها القديم والجديد، بدءاً بإسقاط حكومة الرئيس الحريري مروراً بحكومة اللون الواحد والتلويح بالإنتقام والكيدية من الفريق الذي تتألف منه، وصولاً إلى المحكمة القرار الإتهامي والموقف الحكومي منه، بما يؤشّر أن هذا الموضوع سيشكّل منطلقاً لمواجهة حادة بين الفريقين المتنازعين على الساحة السياسية، وهو ما تستعد له الكتل المنضوية تحت لواء 14 آذار وهي حسب مصدر مسؤول فيها، <تسّن>السلاح السياسي وستستعمل كل الأسلحة الديموقراطية والبرلمانية للدفاع عن حقها الديموقراطي البرلماني، وكل ذلك بشكل سلمي وحضاري دون أن تسقط من حسابها إمكانية اللجوء السلمي إلى الشارع ، وتقول سندافع بشراسة عن حقوقنا·

هذا في جبهة 14 آذار، أما في جبهة 8 آذار فكل الإحتمالات واردة، والكتل النيابية في الأكثرية الجديدة، لن تقف متفرجة على هجوم الفريق الآخر، بل ستستعمل كل الوسائل الممكنة للدفاع المرتد أمام الهجوم، ولن تسكت بل كل الإحتمالات واردة، بدءاً بإستعمال الحق بالرد وصولاً إلى تبيان العراقيل التي وضعها ويضعها الفريق الآخر، أما موضوع الثقة سيكون هو الرد على فريق المعارضة، وسيصب فريق الأكثرية بالكامل في ساحة النجمة، وتكون نتائج الثقة ليست بعيدة أبداً عن ما جاءت به نتائج الإستشارات النيابية الملزمة في بعبدا، وستدور الثقة في فلك هذه الاستشارات، أي 68 صوتاً مضافاً إليها صوت النائب ميشال المر (الذي أعلن صراحةً عن عدم حجب الثقة عن حكومة يتمثّل فيها الرئيس بري) فيما يبقى موقف النائب روبير غانم ضبابياً (وهو كان من أيد الرئيس بري سابقاً في تحديد جلسة عامة مع حكومة تصريف الأعمال، كما أيده بالأمس في موضوع إستقالة الحكومة في حال تأخرت في إقرار البيان الوزاري ضمن الثلاثين يوماً)، أما موقفي كلً من النائب عاصم قانصوه والنائب طلال أرسلان فأصبح واضحاً أن الحديث عن حجبهما الثقة لا يعدو كونه موقفاً سياسياً تمت معالجته في خانة البيت الواحد·

إذاً، التحضيرات والإستعدادات في ساحة النجمة بدأت منذ تشكيل الحكومة الجديدة (خصوصاً وأن المجلس النيابي في مبناه الأساس كان سبق وخضع لورشة تأهيلية تم فيها الأخذ بالإعتبار بالتحديثات التقنية والإلكترونية) وهي تكثّفت في الأيام القليلة الماضية، لتحضير قاعة الهيئة العامة بالمعدّات التي تتيح أمام النواب إمكانية الكلام في الأوراق الواردة بالصوت والصورة، بعد أن يبدأ النواب بتسجيل أسمائهم في قلم الأمانة العامة والطلب لمن لم يسجّل مسبقاً من رئيس المجلس بتسجيل إسمه في سجل أسماء النواب طالبي الكلام خلال إنعقاد الجلسة، التي ستبدأ بتلاوة نص البيان الوزاري من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعد أن يكون مدير الجلسات قد بدأ الجلسة، بعد افتتاحها من قبل رئيس المجلس، بتلاوة نصوص مراسيم كتاب إستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري وقبولها وكتاب التكليف ثم التشكيل لحكومة الرئيس ميقاتي، ومن ثم أسماء النواب الغائبين بعذر، على أن تبدأ لاحقاً الخطابات النيابية والنقاشات المتعلقة بالبيان الوزاري·

وبعد إنتهاء المناقشات، ورد الحكومة برئيسها والوزارء الذي يطالهم الكلام النيابي، أو من ينتدبهم رئيس الحكومة للرد على النواب، تبدأ عملية التصويت على الثقة إستناداَ إلى المادة 93 من النظام الداخلي: <يجري التصويت على الثقة بطريقة المناداة بالأسماء وذلك بالجواب بإحدى الكلمات الأتية: ثقة، لا ثقة، ممتنع· ولا يدخل عدد الممتنعين في حساب الأغلبية>· أم في حال حصول شبهة ما على عملية التصويت وحسب المادة 96 من النظام < جرى بطريقة رفع الأيدي وطلب خمسة نواب على الأقل إعادة التصويت وجب إعادته وإجراؤه بطريقة القيام والقعود أو بطريقة المناداة بالأسماء>·

وإستطراداً، فإن النصاب القانوني المطلوب لجلسة الثقة، النصف زائداً واحداً، أي 65 نائباً، أما النصاب المطلوب عددياً للحصول على الثقة ليس محدداً في الدستور، وقد تحصل الحكومة على ثقة لا تتجاوز نصف عدد أعضاء المجلس في حال تأمن نصاب الدخول إلى الجلسة، ولكن في السياسة هذا الأمر مفاده أن الحكومة ورئيسها، سيتعرضان لمواجهة ومساءلة أكثر أو ما يقارب نصف المجلس، وهذا ما لم تتعود عليه النظم البرلمانية، أقله بعد إتفاق الطائف حيث قامت الحكومات والمجالس على مبدأ التوافق السياسي·

وبغض النظر عن الآليات الدستورية، والمواقف السياسية، يبقى أن كل الأمور مفتوحة على الأبيض والأسود داخل الجلسة، منها الصدام ومنها الخروج من الجلسة ونقل المواجهة إلى الخارج·

السابق
لماذا وافق فرانسين على الاتهام السرّي؟
التالي
افتتاح أوتوستراد تعمير حارة صيدا ـمجدليون قريباً