14 آذار: سيناريوهات المواجهة!

كانت القيادات في قوى 14 آذار وبعض من يعنيهم الأمر – أكثر من غيرهم – من قوى 8 آذار، وكل منهما على خلفية تناقض الأخرى، بانتظار هذه اللحظة التي ترجمت بُعَيد ظهر أمس بإصدار الجزء الأول من القرار الظني الخاص بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه والجرائم ذات الصلة، متى ثبت الترابط في ما بينها. وبقي الطرفان طيلة الأيام القليلة الماضية في حال من الاستنفار القصوى. فقد كان واضحا لدى العارفين بالكثير من مجريات الأحداث أن بعض المتورطين، بشكل من الأشكال بالجريمة، كانوا ممّن يحصون أنفاس العاملين في المحكمة الدولية ورجالاتها في مكاتبهم، او في أيّ موقع تحركوا فيه لحظة بلحظة، على عِلم بكل التحضيرات الجارية للإعلان عن الجزء الأول منه.

الفارق الوحيد ان الفريق المتهم بارتكاب الجريمة، والذي سيطاله القرار الظني، كان همه ترتيب الحكومة وإصدار مراسيمها، والبَتّ بالبيان الوزاري، فأعلنوا السباق بينهم وبين المحكمة. فكانت سلسلة من التنازلات التي أدّت الى إنهاء كل المراحل لولادة الحكومة، وإقرار بيانها الوزاري قبل صدور القرار الظني، فيما كان فريق 14 آذار يحصي الساعات والأيام بانتظار صدور هذا القرار، في لحظة طال انتظارها اكثر من نصف عقد من الزمن، لعلّ ما هو منتظر إعلانه يشفي غليل أهالي الشهداء ورفاقهم ومحبّيهم.

كانت كل الإشارات التي بلغت البعض من قيادات 8 آذار، قبل غيرهم من قوى 14 آذار، تدلّ بوضوح على أنّ القرار الظني بات وشيكا، وان الموعد المتوقع لصدوره هذه المرة هو في توقيته وشكله ومضمونه، غير تلك المواعيد التي أطلقت سابقا، بمناسبة وبغير مناسبة، منذ سنوات عدة، من دون أن تمرّ عليهم حيلة أنّ الأمر متصل بالدعوى التي رفعها اللواء جميل السيد امام المحكمة، لاستعادة المزيد من الوثائق المتصلة بتوقيفه في بيروت لسنوات أربع…

كان من الواضح لدى البعض منهم أنّ الخطوة اكتملت، وأنّ الطبخة استوَت، ولم يعد امام المدعي العام للمحكمة القاضي دانيال بالمار سوى الإعلان عن أولى الأجزاء المتصلة بعمل المحكمة الخاصة بلبنان، فالكثير من الأدلة ثبتت، بالإضافة الى ان الاستقصاءات الأخيرة التي أجريت حَسمَت الكثير من الأدلة الدامغة للإعلان عن اولى لوائح المتورطين في الجريمة، بدءا من اللبنانيين قبل غيرهم من السوريين، بالإضافة الى مواطنين آخرين قد يكونون من جنسيات مختلفة.

وأمام هذه الوقائع، التقت قيادات قوى 14 آذار بعد ظهر أمس، في خطوة جرى التحضير لها قبل 24 ساعة، فجال الوزير السابق محمد شطح على الأفرقاء موجّها الدعوة الى اجتماع طارىء لا بدّ منه، من أجل التباحث في القرار والتداعيات التي يمكن ان تنجم عنه، وسُبل المواجهة على مختلف المستويات.

وقالت مصادر المجتمعين إن البحث تركّز حول المعلومات الأولية التي تضمنها القرار الظني، وما يجب ان تقوم به هذه القوى لمواكبة المراحل التنفيذية في مرحلة هي الأدق، وفي ظلّ حكومة كانت تناقش كيف يمكنها أن تتجاهل المحكمة ومعها القرارات الدولية، لولا الضغوط التي ارتفع منسوبها الى الحدود القصوى. وفي مناسبة طال انتظارها، منذ أن صدر القرار 1757 الخاص بإنشاء المحكمة.

ولتحديد افضل سُبل المواكبة والمواجهة، كانت سلّة من الطروحات والمقترحات على الطاولة، وعلى كل المستويات السياسية والحكومية والنيابية والشعبية. فقرّ الرأي على البعض منها، على ان يبقى النقاش مفتوحا حول ما يمكن القيام به:

قيل أولا، بفكرة لقاء موسّع لقيادات 14 آذار والهيئات الصديقة، وتلك التي يلتقي حولها جميع أقطابها ومكوناتها السياسية والحزبية، وما يسمى بالمجتمع المدني في البريستول خلال الأيام القليلة المقبلة.

وقيل ثانيا، بلقاء ذَوي الشهداء وعائلاتهم من مختلف الأطياف، في رعاية رئيس حزب الكتائب اللبنانية، باعتباره والد وشقيق وخال وعَم كوكبة من الشهداء، ومَن أولى منه برعاية هذا اللقاء!

وقيل ثالثا، بلقاء لمحامي 14 آذار بـ "الروب الأسود" في محراب الحق في قصر العدل، لإحياء ذكرى الشهداء المحامين وجميع الشهداء.

وقيل رابعا، بلقاء ينسّق المواقف بين نواب 14 آذار تكريسا لكتلة نوّابهم الستينية من جلسة الثقة، ومن سلسلة المواقف المطلوبة على مستوى المجلس النيابي.

وختاما، لم يحسم اللقاء أي من الخطوات، بانتظار المزيد من التنسيق. ويعترف بعض من شارك في اللقاء أن الأهم يكمن في تحديد الهدف، وان إسقاط الحكومة واحد من الأهداف الأساسية، فهل ينجحون؟.

السابق
خطة اجتماعات 14 آذار .. عـراك في المجلـس واسـتنساخ اسـتقالة كرامي
التالي
الحياة: مجلس الوزراء يقر بيانه وينتظر الثقة: تشديد على الحقيقة ومتابعة مسار المحكمة