اللواء: طلائع القرار الإتهامي: 4 من حزب الله … وتسليم الإتهامات لسوريا قريباً

في 14 شباط 2005 اغتيل الرئيس رفيق الحريري في انفجار مدبّر كان أشبه بزلزال لم تتوقف ارتداداته إلى اليوم.
وفي 30 حزيران 2011 أُعلن رسمياً أن الحكومة اللبنانية تبلّغت القرار الاتهامي الذي صدقه قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين في 28 حزيران.

وكشفت مصادر المعلومات أن اللبنانيين الأربعة المتهمين في القرار الاتهامي هم: مصطفى بدر الدين (وله اسم آخر وهو سامي عيسى) وسليم عياش (المعروف بالحاج سليم) وأسد صبرا وحسن عنيسي، وهم يحتلون مواقع قيادية وأمنية وجهادية في حزب الله.

ومع أنه منذ شيوع نبأ تسلّم المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا نسخة رسمية من القرار الاتهامي، سرت أجواء من الترقب والحذر ، وانهالت الأسئلة حول مصير الاستقرار وردود الفعل، والوضع بشكل عام، فإن الساعات التي أعقبت الاعلان عن القرار، حافظت على هدوئها، على الرغم من انتصاب متاريس نفسية في المجتمع اللبناني المنقسم على نفسه، وتميّزت ردود الفعل لدى الرئيس سعد الحريري وعائلة الرئيس الشهيد وأركان 14 آذار بالتعاطي بمسؤولية مع القرار ودعوة الحكومة اللبنانية لتحمّل مسؤولياتها جدياً في التعاون مع المحكمة لإحقاق العدالة.

واكتفى حزب الله بالتعامل مع الحدث عبر وسائل إعلامه وشخصيات ليست بارزة للتعليق عليه، على أن تعلن قيادته إما عن لسان أمينه العام أو عبر مستويات أخرى موقفها من الحديث الكبير.

ولاحظت مصادر سياسية أن فريق 8 آذار الرئيسي، غاب عن السمع أيضاً، وبقي موقف الحزب يتراوح بين نغمتي التشكيك والتسييس، واستعراض المواقف الاعلامية والتلفزيونية من القرار، في وقت كشف فيه النقاب عن أن النائب وليد جنبلاط سيعقد مؤتمراً صحفياً قبل ظهر اليوم للتطرق الى ما بعد القرار الاتهامي.

أما حكومياً، وبينما كان البيان الوزاري يناقش في الفقرة 14 متابعة مسار المحكمة الخاصة بلبنان المشكلة <مبدئياً لإحقاق الحق و العدالة، بعيداً عن أي تسييس أو انتقام، وبما يحافظ على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الأهلي>، كان الرئيس نجيب ميقاتي يعترف من السراي الكبير <أننا اليوم أمام واقع مستجد يتطلب مقاربة واعية ومدركة نضع فيها مصلحة لبنان العليا وسلمنا الأهلي ووحدتنا الوطنية وحرصنا على معرفة الحقيقة فوق كل اعتبار>، متوقفاً أمام نقطتين:

الأولى أن الاتهامات ليست أحكاماً، وأن قرينة البراءة قائمة حتى تثبت الإدانة.

والثانية أن الأمور ستأخذ مجراها الطبيعي، وسيتم اتخاذ الاجراءات المناسبة حسب الأصول القانونية من المدعي العام التمييزي.

وفي معلومات <اللواء> أن النائب العام التمييزي سيلتقي اليوم قائد الشرطة القضائية بالوكالة العميد صلاح عيد ورئيس المباحث الجنائية المركزية العقيد عبدو نجيم، على أن يستنيبهما لتوقيف المتهمين الأربعة في غضون مهلة الشهر المحددة في اتفاق التعاون بين لبنان والمحكمة.

وتحدث مصدر معني عن معلومات في متن القرار مرتكزة على استقصاءات، حددت أمكنة إقامة المتهمين لتسهيل إبلاغهم.

وكشف المصدر أن السلطات اللبنانية الرسمية (على الأرجح الحكومة) قد تعمد إلى نشر ما سماه Pplicy Statement يتضمن معطيات عن كيفية التعامل مع قرارات المحكمة.

وعلى خط آخر، علمت <اللواء> من مصادر لبنانية مطلعة، أن وفد المحكمة الدولية سيتوجه في بحر الأسبوع المقبل إلى دمشق في إطار مهمة مماثلة لما جرى في بيروت.

وحرصت المحكمة على التكتم على هوية الأشخاص المطلوبين في قرار الاتهام والابقاء على سرية القرار لافساح المجال أمام الحكومة اللبنانية في مهلة لا تتجاوز الثلاثين يوماً، أي في 30 تموز يفترض أن تكون الحكومة اوقفت المتهمين واحتجزتهم ونقلتهم إلى لاهاي، وفقاً لنصوص قرار مجلس الأمن الدولي 1757 ومرفقاته الذي بموجبها انشأ المحكمة الخاصة بلبنان والتي وضعت قواعد التحقيق والاثبات والادانة.

وأشارت مصادر في الأمم المتحدة إلى أن مذكرات أخرى ستصدر خلال الصيف وستضم أسماء من يشتبه بأنهم لعبوا أدواراً في التخطيط والتنظيم لعملية الاغتيال.

صون الاستقرار وكانت الساعات الأولى التي أعقبت إعلان صدور القرار الاتهامي أظهرت حرصاً من كل القيادات السياسية على صون الاستقرار وممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنيب البلد أية خضة أمنية، فيما ظلت حركة الشارع في مختلف المناطق طبيعية، في حين ساد الوجوم والحذر مناطق الضاحية الجنوبية، حيث تراجعت الحركة عن مستواها الطبيعي، رغم ان المحلات التجارية والمؤسسات تمارس أعمالها كالمعتاد، فيما لم تسجل أية ردود فعل مخلة بالأمن في مناطق تواجد جمهور تيّار <المستقبل> في الطريق الجديدة، وفي طرابلس والاقليم والبقاع الغربي وصيدا.

وجاء بيان الرئيس سعد الحريري، ومعه أيضاً بيانات تيّار <المستقبل> وأمانة 14 آذار، والرئيس أمين الجميل والدكتور سمير جعجع، تؤكد على أن حماية الاستقرار لا تكون الا من خلال الإجماع على المحكمة الدولية وعلى العدالة، كما جاءت لتؤكد أن الهدف من المحكمة هو جلاء الحقيقة وليس الانتقام أو الثأر.

وشدّد الرئيس الحريري على أن لا شيء يعطل روح العدالة، وأن المسؤولية تفرض على الجميع مواكبة هذه الروح، والامتناع عن التشويش على مسار العدالة، وأن نجعل من القرار الاتهامي فرصة لقيام الدولة اللبنانية بمسؤولياتها، داعياً الحكومة سياسياً ووطنياً وقانونياً وأخلاقياً إلى تنفيذ التزامات لبنان تجاه المحكمة، معتبراً أن لا حجة لأحد في الهروب من هذه المسؤولية، ومؤكداً ان التهويل والتخويف لن ينفعا في كسر الإرادة الوطنية.

كما شدّد الاجتماع الطارئ للمكتب التنفيذي لتيار <المستقبل> على ضرورة تنفيذ العدالة من دون مواربة أو تلكؤ، مؤكداً على عدم الانجرار إلى أية ردود فعل تحرف الأنظار عن هذا الحدث الاستثنائي.

اما الأمانة العامة لقوى 14 آذار، فقد رحّبت بدورها، بعد اجتماع استثنائي، بالقرار الاتهامي الذي يضع لبنان على سكة العدالة، وحذرت الحكومة من التقصير في تحمل مسؤولياتها، إلتزاماً بالمحكمة وقراراتها، وتعاوناً مباشراً غير مشروط مع طلبات المحكمة، مشددة على ان الحياكة الملتبسة لفقرة المحكمة في البيان الوزاري مرفوضة ولن تجدي نفعاً لا في التحايل على المحكمة وعلى المجتمع الدولي، ولا في حماية مزعومة للاستقرار الذي لا تحميه الا العدالة والدولة العادلة.

وعلمت <اللواء> ان قوى 14 آذار ستعقد اجتماعاً موسعاً على مستوى القيادات، في غضون الايام المقبلة، وعلى الارجح يوم الاحد في فندق البريستول، وهو اجتماع سيشكل مشهداً سياسياً عريضاً ومماثلا للقاءات البريستول السابقة، وذلك لاستكمال خطوات المواجهة التي ستسلكها هذه القوى منعا لما تراه تسويفا حكوميا لمتطلبات المحكمة على صعيد توقيف المتهمين الاربعة، وخلال التأكيد على ضرورة تنفيذ الاجراءات القانونية، وهو ما شدد عليه ايضاً كل من الرئيس الجميل وجعجع والذي كان لافتة اشارته الى ان الاتهام موجه الى اشخاص وليس الى جماعة او حزب او طائفة.

البيان الوزاري وتزامناً مع اعلان صدور القرار الاتهامي، اقر مجلس الوزراء في جلسة استغرقت اكثر من 4 ساعات وبرئاسة الرئيس ميشال سليمان الذي أرجأ سفره الى موناكو، البيان الوزاري لحكومة الرئيس ميقاتي، بعدما كانت اللجنة الوزارية قد توصلت الى صياغة فقرة المحكمة الدولية، نتيجة جهود مكثفة حصلت الاربعاء بذلها الرئيس نبيه بري مع <حزب الله> والنائب ميشال عون، في ضوء معلومات تبلغها الرئيس ميقاتي تفيد ان القرار الاتهامي سيتبلغه القاضي ميرزا في اليوم التالي، أي اليوم الخميس.

وتضمنت الفقرة العبارة التالية: <ان الحكومة اللبنانية وانطلاقاً من احترامها للقرارات الدولية تؤكد حرصها على جلاء الحقيقة وتبيانها في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وستتابع مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي أنشئت مبدئياً لإحقاق الحق والعدالة، بعيداً عن أي تسييس أو انتقام، وبما لا ينعكس سلباً على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الأهلي>.

وكشفت مصادر وزارية ان 9 وزراء سجلوا تحفظاتهم على عبارة <مبدئياً> في فقرة المحكمة، هم: نائب رئيس الحكومة سمير مقبل ووزراء جبهة النضال الوطني غازي العريضي ووائل أبو فاعور وعلاء الدين ترو، فضلاً عن الوزراء وليد الداعوق ونقولا نحاس ومحمد الصفدي.

كذلك كشفت المعلومات عن جدل جرى حول بندي الاتصالات وهيئة أوجيرو، بعدما اقترح الوزير نقولا صحناوي جعل هيئة <أوجيرو> تابعة مباشرة للوزير، انتهى النقاش بعدما تبين ان أي تعديل بالصلاحيات يحتاج إلى قانون.

السابق
العدالة الدولية في زمن الثورات
التالي
الشرق الاوسط: .. وصدر قرار الاتهام في اغتيال الحريري