القرار الاتهامي الاختبار الأصعب للحكومة

شكّلت الساعات الاولى بعد تبلغ لبنان رسميا مضمون القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري محطة ترقب لردود الفعل الاولية وما يمكن ان تسفر عنه واذا كان يمكن ان تسفر عن اي تحرك في الشارع من اي جانب. وظل هذا الوضع مشدودا في ما بدا تهيبا للحدث على رغم توقع صدوره منذ اشهر وعلى رغم التمهيد له باسقاط الحكومة السابقة وتأليف حكومة جديدة من اجل التعامل مع هذا القرار على غير الاسس التي تم التوافق عليها في الحكومة السابقة. وتراجعت المخاوف في شكل كبير من دون ان تختفي كليا بعد المواقف التي اعلنها الرئيس سعد الحريري واركان في قوى 14 آذار والتي تمتعت، وفق مصادر حكومية، بمسؤولية كبيرة لا يمكن تجاهلها من دون التخفيف من اهمية الحدث، وما يعنيه علما ان موقف الحريري ليس جديدا وهو سبق ان قال انه لن يسمح لدماء والده ان تتسبب بفتنة في البلد. الا ان الحذر يبقى مقيما بقوة على رغم ان ما حصل ليس مفاجئا، لا من حيث المضمون ولا من حيث الشكل ايضا، باعتبار ان الحكومة كانت في اجواء القرار منذ ايام وقررت البند المتعلق بالمحكمة الدولية على وقع معرفتها بصدوره وتبلغها موعد صدوره وتبلغه.

لكن هذا لا ينفي ان هناك مرحلة جديدة بدأت. اذ ان الامر لم يعد مرحلة شائعات او شكوك او اتهامات عشوائية او مخاوف غير مسندة بل ان الشكوك اصبحت يقينا، والمرحلة التي اعد لها "حزب الله" خلال اشهر طويلة قد حل اوانها بحيث ان الكرة باتت في ملعب الحكومة الجديدة التي اختارها لمواجهة المحكمة وفي ملعب رئيس الحكومة الرئيس نجيب ميقاتي. اذ وبحسب مصادر معنية يمكن الحزب ان يقول انه غير معني بالمحكمة وان الباب فتح لذلك في البند المتعلق بالمحكمة في البيان الوزاري من حيث امكان التنصل منها بذريعة انها مسيّسة كما عمل الحزب على تعميم هذا الانطباع خلال اشهر طويلة او ان المحكمة يمكن ان تهدد الاستقرار في اشارة لا يراها معنيون في مصلحة الحكومة او ايرادها لهذه العبارة. اذ ان التلويح بالخوف على الاستقرار بناء على التجاوب او التعاون مع المحكمة بما يعنيه ذلك من استعادة للتجربة السابقة في اقفال مطار بيروت او اقفال وسط العاصمة ليس مفيدا جدا للحكومة التي تقوم اساسا على قوى 8 آذار ولا يعني ذلك ان الاتهامات يمكن ان تزول او تختفي في ضوء ما هو معروف من ان الاستقرار لا يمكن ان تهدده جماعات لا تملك اسلحة او دعت الى الهدوء وعدم ابداء اي رد فعل ورفضت ايضا الذهاب الى اتهام حزب او طائفة. اذ انه حتى لو لم يمثل من صدرت في حقهم مذكرات توقيف امام المحكمة او لم يتم التعاون مع المحكمة، فان ذلك سيكون صعبا من حيث الدلالات السياسية التي ستترتب على الحزب في حال حمايته المتهمين.

والمسألة لن تكون سهلة في المرحلة الراهنة بالنسبة الى الرئيس نجيب ميقاتي في الصيغة التي اعتمدت للمحكمة في البيان الوزاري داخليا وخارجيا في ظل تساؤل اذا كان يمكن الخارج المترقب لما ستعتمده الحكومة في موضوع المحكمة وتتبع المراحل كلها ان يتجاهل المواقف المتحفظة للفريق المعني بقرارات المحكمة اي تيار المستقبل وفريق 14 آذار حول ضبابية البند المتعلق بالمحكمة. لكن الاهم ايضا هو ما يشكله التعاطي مع موضوع المحكمة من استحقاق على المستوى الشخصي والطائفي للرئيس ميقاتي وتحميله في المرحلة المقبلة مسؤولية المواقف التي ستعتمد.

السابق
مصادر مطّلعة لجنوبية: حزب الله سينسحب وأمل والقومي سيتقدمان المشهد السياسي والإعلامي والميداني
التالي
النهار: إعلان تأليف هيئة تنسيق للمعارضة في سوريا وتظاهرات محدودة بلغت حلب للمرة الأولى