فيلسوف النظام … وليد المعلم

 أطلَّ وزير خارجية سورية وليد المعلم في مؤتمر صحافي خطابي منظم ومنتقى لعدد من أتباع صحافيي النظام البعثي حتى لا يُحشر بأي أسئلة خارج النطاق المرسوم لها, ليكمل خطاب سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد الذي لم يأت ِ بشيء جديد ولم يطرح اي فكرة أو مبادرة من شأنها أن تخرج سورية من عزلتها الدولية وأزمتها السياسية, وترضي خواطر وحقوق الشعب السوري الذي يتطلع إلى المساواة وإلى حرية الفكر والتعبير.
دعا معالي وزير خارجية سورية السيد وليد المعلم, المُعلم في فبركة الأضاليل, أوروبا إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلده ونسي معاليه أنه على مدى عقدين من الزمن إستمر هو والنظام السوري بالتدخل في الحياة السياسية اللبنانية وبفبركة قوانينها. ثم فبرك في سياق خطابه أن الدول العربية كافة تدعم نظام دمشق, وتذكرالآن الدعم العربي مع العلم أنه منذ ثلاثة أشهر, مع بداية إنتفاضة الثورة السورية,بدأ هذا النظام بإتهام الدول العربية بالمؤامرة عليه, تحديدا ً عندما إتهم النائب في مجلس النواب اللبناني جمال الجراح وفريق "14 آذار" اللبناني المناهض لسياسة التدخل السوري في لبنان بتهريب السلاح عبر الحدود الى داخل سورية, ثم تهجم على دولة قطر واتهمها بالعمالة لأنها سمحت لمحطة "الجزيرة" الفضائية بتغطية الإنتفاضة السورية, ولا ننسى أيضا ً تهجمه الدائم على المملكة العربية السعودية بإتهام الأمير "بندر بن سلطان" بدعم الإنتفاضة السورية بالمال والسلاح والتخطيط لها. الآن تذكر معالي الوزير "وليد المعلم" الدعم العربي بعد أن إرتمى هو والنظام في دمشق في أحضان المحور الملالي الفارسي الإيراني متناسين الحضن العربي وشعار "الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة."
ثم أضاف معاليه الذي يتقن فنون الدهاء والتضليل في خطابه الصحافي منتقدا ً الدول الأوروبية: "سننسى أن أوروبا على الخارطة وسأوصي قيادتي بتجميد عضويتنا في الاتحاد من اجل المتوسط", متناسيا ً كيف سعت قيادته لدى الأوروبيين إلى ان تصبح أحد أعضاء هذه المجموعة في عام 2008, بعد أن كسر الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي العزلة الدولية عن سورية وبدأ حينها وزراء ومسؤولون أوروبيون كبار يتوافدون إلى دمشق في عام 2006. إلا والعلم عند الله المقصود من هذا الإنتقاد للأوروبيين تهديد مبطن من النظام السوري وعلى طريقة وليد المعلم ضد القرار 1701 والقوات الدولية "اليونيفيل" الخاصة بالجنوب اللبناني. ثم دعا معاليه فرنسا الى التوقف عن "التحريض وممارسة سياساتها تحت ستار حقوق الانسان", هذه الدعوة تتسم بالرقة والأحاسيس والمشاعر الإنسانية الجياشة تجاه نظام الأسد في سورية الذي يرسل فرق الموت ليستعملوا أحاسيسهم في قتل الشعب السوري بوحشية وتعذيب المعتقلين السوريين على أيدي "شبيحة" النظام البعثي فرع "حقوق الإنسان", التي تتسم رقة المعاملة في ضرب المعتقلين بالعصي وكعب البنادق كما شاهدنا على محطتي "العربية" و"الجزيرة" الفضائيتين.
وفي سياق حديثه قال الوزير المعلم مناشدا أصدقاءه الأتراك "التعاون مع النظام في سورية لعودة العائلات السورية الى بيوتهم آمنين ونحن نكفل حسن معيشتهم" تدل هذه الجملة على الخطأ. أن معالي الوزير يمنن المواطنين السوريين النازحين عن أراضيهم وأملاكهم للعودة إليها, كأنهم سينزلون ضيوفا عنده أو عند النظام في سورية, "ونحن نكفل حسن معيشتهم" كأنهم أيتام ومساكين ويريدون حسنة منه. لكن في الحقيقة الهدف من هذا الطلب هو إعادة النازحين إلى بلداتهم ومدنهم تمهيدا لإرسال فرق وكتائب الموت الأمنية لذبحهم وتصفيتهم تماما كما فعلت في بلدة "جسر الشغور" عند عودة بعض النازحيين إليها من تركيا, الذين تمت تصفيتهم فور وصولهم الى البلدة. هذه هي أعلى سلطة "آمنون" عند سيادة الرئيس الأسد قالها وترجمها معالي وزير خارجية سورية وليد المعلم, المُعلم وفيلسوف نظام البعث في فبركة الأضاليل, ولا يزال قتل الشعب السوري الاعزل مستمرا .
أهم جزء في خطاب فيلسوف النظام كان كلامه عن المستقبل الواعد بتقديم "نموذج عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة" أمام القانون. عن أي مستقبل للديمقراطية يتكلم معالي الوزير وليد المعلم? عن ديمقراطية قتل الشعب السوري الأعزل الذي طالب بالحرية والديمقراطية? ماذا كان يقصد بالديمقراطية? هل كان يقصد " Demo -cracy" كما فسرها وترجمها للعربية القائد والفاتح من سبتمبر وملك ملوك أدغال أفريقيا مؤلف الكتاب الأخضر معمر القذافي أي (الكرسي الدايم) أي الكرسي الدائم للقائد أو للزعيم? عن اي عدالة اجتماعية ومساواة يتكلم معالي الوزير, عن عدالة التوظيفات في الدوائر الحكومية الرسمية, أي في حال أراد أي خريج جامعي أو مواطن سوري أن يتوظف, لا يتم توظيفه إذا لم يكن منضويا تحت راية حزب البعث الحاكم. ثم اي مساواة أمام القانون يريدها معالي الوزير وليد المعلم للمستقبل? المساواة في جلب مسؤولي النظام مهما علت مراتبهم ومراكزهم وقرابتهم للعائلة الحاكمة إلى العدالة, لمقاضاتهم في المحاكم لقتل الشعب السوري.
لننتظر نموذج الديمقراطية غير المسبوقة في منطقتنا لفيلسوف البعث وليد المعلم, التي ستعجز ديمقراطية أوروبا وأميركا عن تقليدها وتطبيقها, مع الاعتذار لعدم تحديد الوقت لبدء تنفيذ هذا النموذج. 

السابق
الصحوة الأميركية المتأخرة!
التالي
الراي: بيروت «تربط الأحزمة» في ملاقاة… القرار الاتهامي