فرنجية-عون:سباق صامت نحو بعبدا!

جاءت مواقف النائب سليمان فرنجية الأخيرة التي قال خلالها "لسنا مع محور في لبنان ضد آخر، ولا نقبل أن تكون هناك طائفة في لبنان مغيّبة، ولا يمكن أن نرى لبنان مسيطرا عليه من طائفة واحدة"، بمثابة قنبلة موقوتة فجّرها، بعد سلسلة إجراءات وتحرّكات ميدانية قام بها تيار "المرده" باتجاه مناطق يغلب عليها الطابع المسيحي ويتمتّع بها "التيار العوني" بحضور.

الهدف ونقطة التجاذب الحقيقية يتمحوران حول استحقاق العام 2014 الرئاسي، والمرشّحان من فريق 8 آذار، حتى اليوم على الأقل، هما عون وفرنجية.

يصرّ كل فريق على أحقّيته في الرئاسة، وهو بدأ يعدّ العدّة منذ اليوم للتحضير لهذا الاستحقاق. ولهذه الغاية قرّر تيار "المرده" منذ أشهر عدّة إعداد "خريطة طريق" باتجاه بعبدا جنوبا وزحلة شرقا، فكانت الندوات ومآدب الغداء التي غلب عليها الطابع السياسي وليس الإنمائي، ولا سيّما في زحلة، ما أزعج "الجنرال" والنائب السابق الياس سكاف. وقد رشح من اللقاء الذي حضره يومها ستمئة مدعو، عزم "المرده" على التمدّد في المناطق التي لا وجود له فيها.

أوساط مقرّبة من "التيار العوني" تتحدّث عن نيّة هذا الأخير العمل على "فرملة" ما اعتبرته سياسة التوسّع التي يمارسها تيار "المرده" في أكثر من قضاء على حساب التيار "العوني"، معتبرة أنّ فرنجية بدأ همسا التفكير في الإعداد لمسيرة "بعبدا" قبل أن يخرج إلى العلن، كما فعل البارحة، محدّدا سقف علاقته حتى مع قوى الرابع عشر من آذار، ومناشدا الوحدة والتوافق مع الآخرين، ومعتبرا أنّ عملية إقصاء أي فريق على الساحة اللبنانية أمر مرفوض؛ كل هذا في وقت كان العماد عون يصل إلى ذروة استهدافه القوى المناهضة له من استعمال لكل الأسلحة التي عوّد عليها الشعب اللبناني، بما فيها النعوت وتشبيه القوى المعارضة له بـ"الحيوانات"، كما فعل مع الطائفة السنّية، أو مع الرئيس أمين الجميّل والدكتور سمير جعجع عندما وصفهما بـ"البوم".

من جهتها، اعتبرت أوساط وثيقة الصلة بـ"المرده" أنّ النائب سليمان فرنجية يؤسّس لعلاقة ودّية مع كل من حزب الكتائب والقوات اللبنانية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها المنطقة، ولا سيّما في ظل المتغيّرات الداخلية الحاصلة في سوريا، وهو مصمّم على اتّباع سياسة انفتاحية تجاه جميع المكوّنات السياسية خلافا للسياسة الصدامية التي ينتهجها عون. وهو فاتَحَ بعض المقرّبين جدّا بأنّ هدفه الاستراتيجي هو رئاسة الجمهورية في العام 2014، على رغم تيقّنه أنّ الظروف المحيطة بلبنان تؤدّي دورا أساسيا في تحديد هوية الرئيس المقبل، وأنّه من المبكر تحديد بوصلة هذه الظروف من اليوم. وفرنجية يدرك أنه سوف يجد نفسه في يوم من الأيام بمواجهة "الجنرال" وجها لوجه، ولهذا فهو يسعى للاستفادة من التطوّرات الحاصلة، لا للمشاركة في الحملات الاستفزازية والصدامية التي يخوضها عون، بل في خلق مناخات التواصل، ولو في حدّها الأدنى، مع الفرقاء كافة على الساحة السياسية. ولهذا السبب يعتبر فرنجية أنّه سلك طريقا حذرا في التعاطي مع "التيار العوني".

والجدير ذكره في هذا الإطار، عدم المشاركة الدورية لممثلي تيار "المرده" في اجتماعات تكتّل "التغيير والإصلاح"، والاختلاف الحاصل في الرأي بين فرنجية وعون في أكثر من ملفّ مطروح، إضافة إلى اختيار فرنجية الحياد في هذه الظروف التي رافقت تشكيل الحكومة عبر امتناعه عن الإصرار على تولّي فريقه وزارات خدماتية، بل حقائب تبقي من يتولاها على هامش الصراع المحتقن بين التيّارات المتناحرة.

من هنا، يسجّل المسار السياسي بين بنشعي والرابية بعض الفتور الذي قد يؤدّي إلى افتراق بين قطبين لم يتحالفا بقدر ما جمعهما "خصم مشترك" حتى الأمس القريب، وعلى هوامشها قاعدتان شعبيتان لم تشهدا يوما لحمة ومشاركة إلا في ما ندر في بعض المهرجانات الشعبية، في ظل استقلالية وخصوصية لافتة في اتخاذ المواقف المناسبة لكل منهما على حدة!

السابق
لقاء المعارضين في دمشق ومشروع الإصلاح السياسي
التالي
بثينة شعبان تردّ على جوبيه…