بثينة شعبان تردّ على جوبيه…

ثمة ما يشير بوضوح إلى اعتدال عام ومستمر في المواقف السياسية والإعلامية الغربية وبالذات الأميركية تجاه الأحداث في سورية وما تتعرض له من بقايا مؤامرة استهدفت أمنها واستقرارها. والاعتدال هنا يعني المزيد من الاعترافات بأن ثمة مجموعات إرهابية مسلحة قتلت وحرقت وخربت، وبأن من حق الدولة السورية مواجهة هذه المجموعات وحصارها, ويعني أيضا المزيد من الحياة الدبلوماسية والسياسية السورية التي تستعيد نشاطها بتواصل, في الوقت الذي يشهد فيه الشارع السوري هدوءاً شبه كامل أمنيا، في مقابل تواصل الفعاليات الشعبية الرافضة للمؤامرة وأدواتها كما لمحاولات التدخل الأجنبي, فثمة عضو في الكونغرس الأميركي يزور سورية صدمته المفارقة بين ما سمع في أميركا وما رأي في سورية, وثمة ضابط استخبارات مخضرم يتحدث عن مجموعات وهابية متطرفة ارتكبت الفظائع في سورية, فيما يواصل الوفد الروسي الزائر إلى سورية لقاءاته الرسمية والشعبية, وتجري الوكالات الإخبارية الأميركية لقاءات أخرى في قلب دمشق وترصد بالكلمة والصورة حقيقة الحياة السورية اليومية.

ففي دمشق وبعد لقائه أمس الأول الرئيس بشار الأسد وبعض القادة الرسميين وتجواله في شوارع دمشق وأحاديثه إلى السوريين, دعا عضو الكونغرس الأميركي النائب دينس كوسينيتش وسائل الإعلام العالمية الى عدم الاشتراك في تضخيم ما يجري من أحداث في سورية والقفز الى الاستنتاجات دون التحدث الى الناس والاستماع الى مطالبهم.
وقال النائب الأميركي في مؤتمر صحافي عقده أمس في فندق الفور سيزنز في دمشق: ان هناك من يريد اعطاء صورة خاطئة عما يجري في سورية، مشيرا الى ضرورة ترك الامور لشعب سورية وحكومته وقيادته ليقرروا الاتجاه والسبيل الى التغييرات الديمقراطية.

ووصف كوسينيتش ما يجري من حراك واجتماعات الى الشخصيات المعارضة والمستقلة والتحدث عن آرائهم بحرية بأنه أمر وتطور ايجابي كبير وقال: ان الرئيس بشار الأسد يهتم كثيرا بما يجري في سورية وواضح في سعيه الى خلق سورية جديدة ويستطيع كل من قابله أن يؤكد ذلك. وأضاف: ان الرئيس الأسد يحظى بكثير من المحبة والتقدير من السوريين، معربا عن اعتقاده بأن الناس يسعون الى تغيير حقيقي وأن هذا التغيير يعود للشعب السوري.

وقال: ما رأيته في سورية حول المناقشة المفتوحة للتغيير الذي يطالب به الشعب والرغبة في الحوار الوطني شيء إيجابي جدا وان سورية مرت بأوقات صعبة.. لكنني اعتقد ان الرغبة قوية جدا في الوحدة والتغيير الديمقراطي ويمكن التغلب على المصاعب التي واجهت سورية خلال الاشهر القليلة الماضية.

وقال عضو الكونغرس الأميركي: ان كل من تحدثت اليهم خلال الايام القليلة الماضية تحدثوا عن اهمية وقف العنف وأنه ومن المهم جدا وقف العنف وهذه مسوؤولية تعرفها الحكومة وتتعامل معها بجدية وكان هذا العنف صدمة وغير مشجع، وفي الوقت نفسه يدرك الناس بأن تطلعاتهم الشرعية لا يمكن تجاهلها مضيفا «جئت الى هنا لاستفيد وأفهم ما هي تطلعات الشعب السوري ولاقوم بإيصال ذلك الى أعضاء الكونغرس الأميركي والادارة الاميركية وأعضاء المجتمع الدولي».

وردا على سؤال حول الموقف الأميركي مما يجري في سورية أشار الى «أن الحكومة الاميركية قلقة إزاء ما يجرى من أعمال عنف ويهمها أن تعرف ان هناك معارضة تطورت ونالت دعما كبيرا في سورية وتعمل بطريقة سلمية الى الوصول الى التغيير». وقال «قابلت أناسا في الحكومة والمعارضة وانه في حال توصل الجانبان الى نقاط مشتركة في وقت لاحق يجب على المجتمع الدولي اخذ العلم بذلك لان الامور تتطور في سورية».

وأكد النائب كوسينيتش انه اذا ما تمكنت سورية من اعطاء المزيد من الحريات واقيام بالاصلاحات الديمقراطية من خلال العمل المشترك مع المعارضة فان ذلك سيعطي درسا هاما الى العالم، مشيرا الى أن ذلك يتطلب اتمام العملية التي بدأت، معربا عن أمله في استقرار الاوضاع في سورية وتلبية التطلعات الديمقراطية للشعب. واختتم عضو الكونغرس الأميركي بالقول. «ان سورية دولة هامة وما يجري فيها وتداعياته لن يؤثر فقط فيها وانما في المنطقة والعالم أجمع» معربا عن أمله في ان تتجاوز سورية وشعبها الصعوبات في سبيل التغيير الديمقراطي.

من جانب أميركي أيضا أقر روبرت بير الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ان التدخل الأميركي والاوروبي في سورية يهدف الى حماية «اسرائيل» وحلفائها في لبنان والحاق الضرر بإيران وليس الدفاع عن الشعب السوري.
واضاف بير الذي عمل كضابط ميداني رفيع في لبنان وسورية في فترة الثمانينيات والتسعينيات والكاتب في شؤون الأمن الدولي في سياق مقابلة مع صحيفة يورو اوبزرفر الاسبوع الماضي «لدينا معلومات حول قدوم مجموعات وهابية متطرفة الى سورية قد لا تكون خاضعة لاى دولة لخلق الفوضى هناك». وتابع «وفي داخل سورية هناك قناصة يطلقون النار على المتظاهرين وقوات الشرطة معا».

وقال بير عندما تتحدث الى الدبلوماسيين السوريين ترى انهم مرتاحون والحياة في دمشق طبيعية جدا. وتابع، ان رد فعل الاتحاد الاوروبي كان مشابها لما فعله الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في هجومه على العراق عام 2003.
في بغداد، اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان استقرار المنطقة ككل مرتبط بأمن سورية واستقرارها. واعرب المالكي خلال لقائه وفدا من رجال الاعمال السوريين في بغداد عن ثقته بقدرة الشعب السوري وقيادته على تجاوز التحديات التي تواجههم، مشيرا الى ان الإصلاحات التي اعلنت عنها القيادة السورية ومواصلة الحوار ستكونان كفيلتين بعودة الامن والاستقرار الى سورية.

كذلك استعرض كل من فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية ووليد المعلم وزير الخارجية والمغتربين مع الكسندر دزاسوخوف رئيس جمعية الصداقة الروسية السورية العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وافاق تطورها والاوضاع على الساحتين الاقليمية والدولية.

وأكد دزاسوخوف عمق العلاقات الروسية السورية، منوها بأهمية ما تشهده سورية من إجراءات ضمن برنامج الحوار الوطني، مجددا موقف روسيا وثباته في مواجهة الضغوط الخارجية التي تتعرض لها سورية, وبين ثبات الموقف الروسي الرافض للتدخل في الشؤون الداخلية السورية مبديا ثقته في قدرة سورية على تجاوز الازمة والخروج من المؤامرة.

وفي لقاء آخر مع وفد جمعية الصداقة الروسية السورية, أكد البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس «متانة الوحدة الوطنية في سورية ومواكبتها لعملية الاصلاح والرغبة السورية والروسية في استمرار تطور العلاقات في مختلف المجالات، منوها بأهمية العلاقة الكنسية والروحية التي تربط الكنيسة الروسية والكنيسة الشرقية للروم الارثوذكس».

وفي حديث إلى شبكتي (سي إن إن) و(سكاي نيوز) الأميركيتين أكدت الدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية ان الجميع في سورية الآن سواء الحكومة ام المعارضة يعلمون انه ليس هناك من حل سوى المضي قدما معبرة عن الامل بأن اطلاق الحوار الوطني وتسريع وتيرته سيؤديان الى عزل اي مجموعات مسلحة».

وأوضحت شعبان «ان اطلاق الحوار الوطني وتسريع وتيرته سيكون لمصلحة سورية وسيفضى الى الديمقراطية» وقالت: «نحن نتطلع الى حقبة مزدهرة في سورية وللشعب السوري, وأكدت ان الحكومة السورية ليس لديها مشكلة على الاطلاق مع التظاهرات السلمية، مشيرة الى أن العمليات الامنية استهدفت الجماعات المسلحة التي تنتمي في غالبيتها الى المتطرفين الاسلاميين وتقف وراء عمليات الاغتيال والقتل في سورية». وتعليقا على تصريحات وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه اوضحت شعبان أنه ليس لاي وزير خارجية حق منح الشرعية لرئيس دولة أخرى مضيفة ان الازمة في سورية ليست قضية أي دولة اخرى».

وأمام مؤتمر وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر قال الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري «ان سورية مرت خلال الاشهر الثلاثة المنصرمة بأيام صعبة، دفعت فيها ثمنا كبيرا من أمنها واستقرارها عبر محنة غير مألوفة خيمت عليها وأدت الى حالات من الاضطراب بفعل حوادث شغب وأعمال قتل وترويع للمواطنين وتخريب للممتلكات العامة والخاصة ارتكبتها مجموعات مسلحة متطرفة، استغلت الاحتجاجات الشعبية وسقط خلالها أعداد من الشهداء سواء من المواطنين أو من رجال الأمن والشرطة والقوات المسلحة».

وقال «لا نعتقد أن سورية مرت بمرحلة لم تكن فيها هدفا لمؤامرات بعضها مرتبط بالجغرافيا السياسية المهمة لها وبعضها الآخر مرتبط بمواقفه السياسية تجاه التطورات الاقليمية والدولية، فسورية لم تتنازل عن حقوق شعبها وأمنها ولم تتآمر على أشقائها عربا ومسلمين ودافعت عن قضايا العدالة والحرية في كل أنحاء العالم».

وأكد المقداد «ان الحقائق ستظهر عاجلا ام اجلا كل تفاصيل المؤامرة على سورية فالمواقف السياسية الخارجية، وخصوصا من قبل بعض الدول الغربية التي لها تاريخ حافل من الاستعمار وانتهاك حقوق الانسان الاساسية عملت على استمرار الهيمنة على منطقتنا من خلال محاولات الضغط والتدخل في شأننا الداخلي لا حرصا على المواطنين السوريين وانما من أجل الوصول الى هدف معروف مسبقا، وهو أن تتنازل سورية عن كل ما تتمسك به من مبادئ وحقوق وسياسات وخصوصا في اطار الصراع العربي «الاسرائيلي».

وتحت عنوان حمى الله سورية قال فؤاد دبور في صحيفة الدستور الاردنية «ان استهداف سورية بشكل خاص جاء لانها اختارت أن تكون حاضنة لكل الذين يدافعون عن حقوقهم وأرضهم وأوطانهم وحرياتهم وكرامتهم امام الهجمة الامبريالية والصهيونية والاستعمارية الممثلة بالعديد من دول الغرب الاوروبي لكنه قدر سورية الجغرافيا والتاريخ والفكر والمبادئ والعقيدة».

وأشار دبور الى ان الواقع يؤكد من دون شك وبشكل واضح أن سورية تواجه مشروعا معاديا لها وللامة عبرها.. مشروعا أميركيا صهيونيا غربيا استعماريا بشكل مباشر أو عبر صناعة خلايا أزمة داخلية وعصابات ارهابية».

وفي الحراك الشعبي السوري واصلت الفعاليات الشعبية والاهلية والنقابية في المحافظات السورية ولا سيما في درعا وتلكلخ نشاطاتها الوطنية المكثفة للتعبير عن دعمها لبرنامج الاصلاح الشامل عبر تنظيم المسيرات الجماهيرية والمشاركة الفاعلة في حملات دعم الليرة السورية والتبرع بالدم، تقديرا لتضحيات الجيش العربي السوري وقوى الامن الذين يحمون الوطن بدمائهم.

السابق
فرنجية-عون:سباق صامت نحو بعبدا!
التالي
الديار: مساعٍ لجنبلاط وبري الذي أعلن أن مهلة الشهر تسقط الحكومة القرار الإتهامي قريب ولا بيان وزاري ولن تكون هناك حكومة