ممثلو الطوائف الإسلامية في لبنان: مع العنف ضد المرأة!!

"المخالفات الشرعية الدينية الخطيرة" هي السبب الاول لقيام مفتي الجمهورية اللبنانية الدكتور محمد رشيد قباني بإصدار بيانه المعارض لـ"مشروع قانون حماية النساء من العنف الاسري"، على اعتبار انه يؤدي إلى "تفكيك نسيج الأسرة المسلمة في لبنان وتمييع تربية الأولاد على نهج الإسلام الحنيف، فضلا عن تداخل صلاحيات المحاكم الشرعية والمدنية ذات الصلة وتنازعها".

قامت "جنوبية" باستضاح الموجبات وموقف الطوائف من هذا القانون، فعلق المسؤول الاعلامي في دار الفتوى خلدون قواص على القانون معتبراً ان البيان قد "وضح الموجبات الاساسية للرفض، انطلاقاً من قول للرسول (صلعم): "ما أكرم المرأة إلا كريم وما أهانها إلا لئيم"، ووفقا للبيان فإن مشروع القانون الصادر بمرسوم يحمل الرقم 4116 بتاريخ نيسان 2010 "يمنع المرأة من حقوق كثيرة تحصل عليها حاليا من خلال التحاكم إلى القضاء الشرعي، ويكف يد الأب في الأسرة المسلمة عن تربية أولاده، ولا سيما الأنثى، كذلك فإن الأثر النفسي على أطفال المسلمين من خلال استجوابهم وإشهادهم على والدهم ورأس أسرتهم، ورؤيتهم لوالدتهم تتحدى السلطة الأبوية المحفوظة له شرعا وقانونا مهددة إياه بالسجن سيؤدي من دون ريب إلى كسر هيبة عماد الأسرة، إضافة إلى إستحداث جرائم جديدة كبدعة اغتصاب الزوج لزوجته وتجريم فعله وغيرها من الاسباب القانونية المانعة"، يقول قواص.

وقد اعتبر قواص انه "في حال موافقة مجلس النواب للمشروع المحال إليه من مجلس الوزراء فإنه سيكون لدار الفتوى مواقف جديدة وتوجهات مختلفة لانه من غير الطبيعي ان يصدر قانون مخالف للشرعية الدينية في ظلّ بعض الحالات الشاذة: كأن يقوم الرجل بضرب زوجته ضرباً مبرحاً"، وأضاف: "ديننا ليس هكذا، بل هو يحافظ على المرأة ويصونها، ومن هنا يأتي الرفض الشرعي الذيليس له علاقة بالحالات الشاذة إنما ينطلق من العموميات".

أما لدى مراجع الطائفة الشيعية فلم يصدر عن المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى أي بيان تفصيلي يوضح الموقف من بنود هذا القانون، إلا أنه ووفقاً للسيد علي محمد حسين فضل الله فإنّ السنة والشيعة يمثلون موقفاً واحدا فيما يتعلق بالشريعة الاسلامية"، إضافة إلى تصريح نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الرافض للتعديلات التي قدمها النواب حول هذا القانون. وبالتالي فالموقف الشيعي من هذا المشروع معلق إلى حين بته: "فإذا كان متوافقا مع الشرع والشريعة الاسلامية لن يكون هنالك أي بيان رفض له، أما إذا كان العكس فإنها ستكون مضطرة إلى إصدار رفض حول بنود محددة، إذا ما جاءت متعارضة مع القرآن الكريم والعرف الاسلامي".

وعند طائفة الموحدين الدروز الوضع لا يختلف فقد أكدّ لنا مصدر في مركز الاوقاف الدرزي أن "المشايخ سيطلقون أحكامهم على القانون بعد دراسته بشكل دقيق، فهو يتألف من مجموعة من المواد التي يمكن قبول بعضها ورفض الباقي، وتجدر الاشارة إلى أن الطائفة الدرزية لا تمتلك نظاماً خاصاً للاحوال الشخصية، بل هي تتبع دار الفتوى، ومن المؤكد قبل صدور البيان أن الموقف سيكون شبيه لسابقيه".

أما بالنسبة لموقف جمعية "كفى عنف واستغلال" فقد قالت زويا روحانا، رئيسة الجمعية، والتي شاركت في صياغة مشروع القانون أن "تخوّف دار الفتوى يعود إلى الرغبة في تكريس سلطة الرجل تحت ذريعة الدين"، وتضيف: "رجال الدين يفضّلون توسيع صلاحيات المحاكم الروحية والدينية وتقلّيص دور المحاكم الجزائية، لضمان إطباق سيطرتهم على العائلة وأن يكونوا الحل لمشاكلها والمرجع". واعتبرت روحانا هذا الرفض القاطع لمشروع القانون "بمثابة تهجّم في غير مكانه يطضوي على تفسيرات مغالطة."

يذطر أنّه صدر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة في العام 1993، الاعلان العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة، وجاء في مادته الأولى: "العنف ضد النساء هو أي عنف مرتبط بنوع الجنس، يؤدي على الأرجح إلى وقوع ضرر جسدي أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة، بما في ذلك التهديد بمثل تلك الأفعال، والحرمان من الحرية قسراً أو تعسفاً، سواء حدث ذلك في مكان عام أو في الحياة الخاصة".

والعنف، عرّفته مبادئ الحياة بأنه لغة الضعيف، ولغة اللاحوار، وهو اول مؤشر على تخلف الدولة. وها نحن في لبنان، كالعادة، نتقن ممارسة الازدواجية، وانفصام الشخصية. إذ سارع الزعماء ورجال الدين، بمختلف طوائفهم، إلى المطالبة بإلغاء الطائفية في البنود وفي القلوب، وفي الوقت نفسه نأتي بحكام يشجعون على العنف الاسري متحججين بأن هذا القانون قد يكون مقدمة لاقرار وتفعيل قانون الزواج المدني.

والجدير بالذكر أيضاان المادة الأولى من مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري تنص على "مراعاة قواعد اختصاص المحاكم الشرعية والروحية والمذهبية"، وهو ما يعني قانونيا، أن أي نص قانوني يتعارض مع صلاحيات هذه المحاكم لا يطبق في مشروع القانون.

في النهاية هم أحرار في آرائهم ومواقفهم، أحرار في إيمانهم وتعاليمهم، في ظلّ غياب موقف الدولة اللبنانية من القانون، لكنهم ليسوا بأحرار في تشريع العنف، لاسيما ضدّ المرأة. فتاء التأنيث، أو التاء المربوطة، كرمها رب العالمين وجعلها أساس الوجود والاستمرار… لكن لممثلي الطوائف الإسلامية اللبنانية رأي آخر!

السابق
ماذا فعل المسؤول الأوروبي في دمشق قبل أيام قليلة؟
التالي
أوغاسابيان:كل ما يحكى عن القرار الاتهامي ليس الا تحليلات