اللواء: فنيش وباسيل لميقاتي: لا نقبل صيغة رمادية للمحكمة بل أبيض أو أسود

ضربت الدولة ومؤسساتها القضائية والأمنية طوقاً حول ما دار في الغرف المغلقة بين كبار المسؤولين، وعبر الخط المفتوح بين لاهاي، مقر المحكمة الخاصة بلبنان، وقصر العدل في بيروت، وصولاً إلى السراي الكبير، مما رفع من سقف التكهنات، وفتح الباب أمام موجة هائلة من المعلومات بصرف النظر عن دقة أو صحة مصادرها.

فكما صحا البلد على عناوين المحكمة والقرار الاتهامي والبيان الوزاري، في سياق ما كانت <اللواء> ذهبت إليه، في عددها يوم الجمعة الماضي (24 الحالي) من أن الفقرة الخاصة حول المحكمة الدولية، في البيان الوزاري دخلت في سباق جدي مع القرار الاتهامي، وهو ما لفت الانتباه إليه، الوزير عن <حزب الله> في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، محمد فنيش، عندما أعرب عن خشيته من أن يداهم القرار الاتهامي عمل اللجنة الوزارية الخاصة بالبيان، قبل أن تنجزه، أم على معطيات لا تجزم بالضبط عما إذا كان المسؤولون تبلّغوا معلومات محددة عن طبيعة القرار الاتهامي، وما يشمله من أسماء سبق وجرى تداولها، على الرغم من تأكيد الناطق باسم المحكمة الدولية مارتن يوسف، أن المحكمة ليس لديها تعليق على مضمون القرار الاتهامي، مشيراً إلى أن <نزاهة إجراءات المحكمة تتطلب أن تكون الاعتبارات القانونية وحدها هي التي تحدّد متى تُصدر (أي المحكمة) إعلاناً بشأن اكتمال عملية المراجعة>.

إلا أن وكالة <رويترز> نسبت إلى ما وصفته بمسؤولين لبنانيين توقعهم بأن تُصدر المحكمة قرارات الاتهام قريباً، فيما ذهبت معلومات أخرى إلى حدّ التوقع بأن أسماء المتهمين الخمسة الواردة في القرار باتت في حوزة السلطات اللبنانية، مرجحة أن يكون مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا قد تسلّم هذه الأسماء، وأن الخلاف بين المسؤولين يتركز على موعد الإعلان عنها والترتيبات التي يجب أن توضع وعلى طريقة الاخراج، في حين ذكرت رواية أخرى، أن الخلاف بين الرئيس ميقاتي و<حزب الله> تعدى فقرة المحكمة في البيان الوزاري، إلى مسألة شرعية تسلّم القرار الاتهامي من المحكمة عبر السلطات القضائية، فبينما يرى رئيس الحكومة أن تسلم القرار هو من صلاحية الحكومة، استناداً إلى الاتفاقية الموقعة بين لبنان والمحكمة، يعتبر <حزب الله> وجوب رفض تسلم القرار، لأن ذلك يعني الاعتراف بالمحكمة، وهو ما يرفضه الحزب ويشدد على وجوب فك الارتباط بها، انطلاقاً من رفضه للقرار باعتباره مسيّساً.

وتحدثت المصادر نفسها عن أن فحوى القرار أبلغ إلى مسؤولين كبار، لكنها تحفظت عن تسمية هؤلاء المسؤولين.

ومهما كان من أمر، فان مسؤولاً امنياً رفيعاً أبلغ <اللواء> أن الأجهزة الأمنية المعنية لم تتسلم من السلطات القضائية أية إشارة بخصوص القرار الاتهامي، أو الأسماء التي تردّد انها باتت في حوزتها، لكنه لفت إلى مؤشرات لديه تفيد بأن صدور القرار بات قريباً، وانه يمكن ترقب ذلك بين نهاية الأسبوع الحالي او مطلع الأسبوع المقبل، محدداً فترة تقريبية لهذا الأمر تقع بين مطلع تموز و15 منه.

ميرزا في السراي وكان وصول القاضي سعيد ميرزا إلى السراي الحكومي بشكل مفاجئ قد اثار شحنة من التكهنات حول احتمال أن يكون يحمل معه نسخة من القرار الاتهامي، أو أقله أسماء المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، خاصة وأن الرئيس ميقاتي، بحسب ما ذكرت المعلومات، قطع اجتماع لجنة البيان الوزاري لمقابلته، رغم أن ميرزا اوضح انه جاء إلى السراي في زيارة خاصة، نافياً ما كان وزير العدل شكيب قرطباوي أن اكده أيضاً، وهو أن لبنان لم يتبلغ من المحكمة الدولية أي شيء بخصوص قرب صدور القرار الاتهامي، وانه لم يتبلغ أيضاً من المحكمة عن طلب التحقيق مع أشخاص لبنانيين، كما أن النيابة العامة التمييزية لم تتبلغ اي شيء من <حزب الله> حول ما يتعلق بالعملاء الثلاثة الذين يُجري الحزب التحقيق معهم.

وهذا الملف سئل عنه وزير الحزب بعد انتهاء الاجتماع فقال: <عندما تستكمل التحقيقات ويكتمل الملف عندها نبلغ السلطات اللبنانية ليتولى القضاء اللبناني التحقيقات>.

تجدر الإشارة إلى أن مغادرة القضاة اللبنانيين المنتدبين إلى المحكمة إلى لاهاي في الأسبوع الماضي، بحسب ما انفردت <اللواء> بالاشارة إليه في حينه، هي التي اعطت ابعاداً قوية إلى احتمال ان تكون هذه الخطوة تدبيراً احترازياً لصدور القرار الاتهامي، إلا أن اللواء جميل السيّد رفض هذا الربط، معتبراً انه ربط سياسي لا مدلول قضائي له، لافتاً إلى أن المعطيات المتوافرة لديه لا تُشير إلى ذلك، وانها مجرّد محاولات من فريق 14 آذار للضغط ليس أكثر.

لجنة البيان اما لجنة البيان الوزاري، فهي بحسب ما كان متوقعاً، لم تتطرق الى الفقرة الخاصة بالمحكمة في البيان، ودخلت في مرحلة تقطيع الوقت، بانتظار وصول <الترياق> حول تفاهم يبدو مستبعداً حول هذه الفقرة، بسبب التباين الكبير في شأنها بين الرئيس ميقاتي، ومعه الرئيس ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط من جهة، وفريق حزب الله، ميشال عون من جهة ثانية، وغرقت اللجنة في نقاش عقيم حول الصياغة المعدلة للبيان الوزاري، في ما خص ملفات الاتصالات والقطاع السياحي والبيئة والقضايا الاجتماعية والتغطية الصحية وتعزيز دور المرأة، بحسب ما اعلن وزير الاعلام وليد الداعوق، الذي اعلن عن موعد سادس لاجتماع اللجنة في الرابعة من بعد ظهر اليوم.

واستبعدت مصادر وزارية، مشاركة في اللجنة، ان يتم البحث في فقرة المحكمة قبل التوصل الى صيغة توافقية، في حين قالت مصادر اخرى ان اتخاذ الموقف النهائي من هذه الفقرة يتوقف على امكانية صدور القرار الاتهامي في خلال الايام القليلة المقبلة، على اعتبار ان صدور القرار يعفي اللجنة من ادراج هذا البند في البيان، ويحال البحث بالمجمل الى مجلس الوزراء.

وكشفت معلومات خاصة بـ <اللواء> ان الرئيس ميقاتي عرض في اجتماع اللجنة صيغة جديدة بموضوع المحكمة تتفق مع الاتصالات التي جرت خلال الأيام الماضية بين قيادات الصف الاول، مشيرة الى ان الصيغة الانسب يجب ان تراعي العناوين الثلاثة الاساسية اي العدالة والاستقرار والمحكمة، غير ان ممثلي حزب الله وعون في اللجنة رفضوا مناقشة هذه الصيغة، مؤكدين ان موقفهم من المحكمة معروف وهو لم يتغير.

ولاحظ وزير في اللجنة ان الاجتماع الخامس انتهى بطريقة خاطفة، عندما اصر الوزير فنيش ومعه وزيرا الفريق العوني ولا سيما جبران باسيل على مخاطبة الرئيس ميقاتي بطريقة جازمة، وفيها شيء من الاستفزاز، قائلين: <لا نقبل بأي صيغة رمادية للمحكمة، فنحن نريد فقرة على طريقة اما ابيض او اسود>. وعندها اضطر الرئيس ميقاتي للخروج من الجلسة معلناً رفعها الى اليوم.

وفي هذا السياق، برز موقف لافت لرئيس كتلة <الوفاء للمقاومة> النائب محمد رعد اوضح فيه ان <البيان الوزاري لن يكون الا وفق ما تقرره الاكثرية، وهذا متوافق عليه>، معتبرا ان ما يجري من مناقشات لا يؤخر في صدور هذا البيان.

وفسر هذا الموقف بمثابة رفض لفقرة المحكمة في البيان، والضغط على رئيس الحكومة للانصراف الى انجاز البيان من دونها، وهو ما دفع مصادر مطلعة الى التخوف من ان تستغرق لجنة البيان كل المهلة المتاحة امامها وهي اسبوعان آخران، من دون ان ندخل في النقاش الاساسي حول المحكمة اللهم إلا اذا فاجأها القرار الاتهامي، بحسب ما توقع الوزير فنيش.

السابق
الكفاح المسلح الفلسطيني ينظم يوماً أمنياً في مخيم عين الحلوة
التالي
الانباء: إسرائيل تهدد بحرب على جنوب لبنان إذا تدهور الوضع الأمني وديبلوماسي أميركي: واشنطن مضطرة للجلوس على الطاولة مع حزب الله