طرائف الثورة السورية

 
منذ أشعل الشاب التونسي محمد البوعزيزي جسده، مُشعلا في الوقت نفسه الثورات في المنطقة، ألهب أيضا مخيّلة الجماهير المولعة بالنكتة التي كانت أحد أبرز أساليب مواجهة الاستبداد. وقبل أن تصل الثورة بالفعل إلى سوريا، راجَت بعض النكات، إحداها تقول إن الحماصنة (أهالي مدينة حمص) حين أرادوا أن يحتجّوا أحرقوا تونسيا. ومدينة حمص هي واحدة من أبرز مناطق الاحتجاجات، والتي سجّلت فيها أعداد كبيرة من الضحايا. لكنها، وباعتبارها معقلا للنكتة السورية، شهدت أيضا، على رغم مشهد الدم، مشاهد وطرائف ودعابات لا تنسى. فيظهر شاب وعلى خاصرته باذنجانة، يستلّها ويعضّها ثم يلقي بها كما لو أنها قنبلة. وفي مديح بطولتهم، يستعيد الحماصنة هذه الأيام نكتة قديمة تقول "سُئل حمصي عن نسبة البطالة في مدينة حمص، فأجاب: لا أدري بالضبط، لكن ما أعرفه أن الحماصنة كلهم أبطال". أما الأبرز بين اللافتات، فهو أمر لا يمكن أن تجده في أي مكان في العالم، فإزاء التكذيب المتواصل للفيديوهات التي تبث عن التظاهرات، اضطر السوريون أن يحملوا في كل مرة لافتة تشير إلى اسم المدينة أو القرية، بالإضافة إلى تاريخ المظاهرة التي تجري فيها. أما الهتافات الطريفة فهي كثيرة ومبتكرة، ويمكن القول إنها سورية مئة في المئة، حيث الشعب السوري المستجد في السياسة والتظاهرات، بعد انقطاع دام أكثر من أربعين عاما، قد وجد ضالته في ابتكار هتافات يومية تردّ في معظمها على الأحداث والتطورات والمواقف التي يتخذها النظام وإعلامه. من بينها هتاف أهالي دير الزور في افتتاح كل مظاهرة لاستنهاض الهمم الذي يقول "اللي ما بيهتف أمو بَعثية". كما لو كانت كلمة "بعثية" توازي شتيمة.

أمّا نشاط المحتجّين "الكوميدي" الأبرز، فهو على موقع الفيسبوك، حيث كل مناسبة وحدث وموقف للنظام تجد له صفحة خاصة للتعليق حوله… بدءا من صفحة "الثورة الصينية ضد طاغية الصين" التي يشاع أن المشرف عليها حمصي، وهي تتناول الأحداث والمجريات بطريقة كوميدية، كما لو أنها تجري في الصين، وبأسماء سورية محرّفة لتبدو وكأنها أسماء صينية. وغالبا ما يتلقف الناشطون شتائم النظام أو ممثليه، كالاتهام بوجود مندسّين، حيث انتشرت صفحات باسم "كلنا مندسون". وأبرز هذه الصفحات، تلك التي بُنيت على وصف الرئيس في خطابه الأخير للمؤامرة باعتبارها جراثيم. فراحت تتكرر صفحات على الفيسبوك باسم "كلنا جراثيم" و"جراثيم الشعب السوري الحر" و"جراثيم الحرية". وراح الناشطون يضعون على بروفايلاتهم صورا لمنتجات الديتول، العدو الأبرز للجراثيم. كذلك فإنّ لافتة ظهرت في التظاهرات الأخيرة تقول "يا جراثيم العالم اتحدوا".

لا ينسى المحتجون والناشطون حتى في أحلك اللحظات أنهم شبان لديهم أمزجة حيوية، ولذلك، لم يغب عنهم التعليق على زيارة نجمة هوليود الشهيرة انجيلينا جولي إلى مخيمات اللاجئين على الحدود التركية السورية، إذ راحوا جميعا يتشهّون أن يتحولوا إلى لاجئين، كي يحظوا برؤية نجمتهم الأثيرة

السابق
البابا يحذّر من عبادة الأصنام !
التالي
اطلاق الانترنت المجاني على شاطئ صور