العريضي: ان ما يؤلمنا ويقلقنا هو ان المحيط يتغير في اتجاه العودة الى لبنان القديم، اما لبنان الذي نريده متجددا بركائز الديموقراطية والحرية للاسف ثمة محاولة لرد لبنان الى موقع آخر

أقامت مدرسة الجامعة الوطنية في عاليه،احتفالا لمناسبة تخريج طلابها للعام 2011 في باحة المدرسة في حضور ضيف الشرف وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي والنائبين اكرم شهيب وفادي الهبر، سفير لبنان السابق في الامم المتحدة البروفسور كلوفيس مقصود، رئيس البلدية وجدي مراد، وفاعليات تربوية واهالي الطلاب المتخرجين وحشد من الحضور.

والقى الوزير العريضي كلمة اكد فيها "اننا في بلد كان ينظر اليه انه واحة حرية وديموقراطية وتنوع ثقافي وطائفي، وبلد غني بالطاقات والكفاءات والامكانات، كنا نحسد على لبنان، وكان كثيرون يتطلعون الينا ويتمنون لو ان الانظمة في دولهم وايضا القوانين هي مثل ما لدينا في لبنان".

وأضاف: "ان ما يؤلمنا ويقلقنا هو ان المحيط يتغير في اتجاه العودة الى لبنان القديم، اما لبنان الذي نريده متجددا بركائز الديموقراطية والحرية والتنوع والقيم والاخلاق والتقاليد والاعراف التي ميزت عادات اللبنانيين وعلاقات اللبنانيين بين بعضهم البعض، للاسف ثمة محاولة لرد لبنان الى موقع آخر فيما الآخرون يقبلون على لبناناتهم في دولهم هذه علامة سيئة سلبية فارقة في حاضرنا السياسي ينبغي ان نعرف كيف نتعاطى معها".

وتابع: "نعم تغير لبنان، تغيرت اللعبة في لبنان، وتغير اللاعبون في لبنان، لم نعد امام لعبة كبيرة في السياسة، ولم نعد امام كبار في السياسة يلعبون في ملعب كبير فسيح، يحترمون بعضهم البعض، ويحترموننا نحن كابناء هذا الوطن، فنرى امامنا كبارا يتنافسون ويتصارعون بالافكار، بالاخلاق، بالقيم بالمشاريع في الحوار، بالتمسك بلبنان".

ورأى "ان مستوى السياسة في لبنان إنحدر، وانحدر السياسيون باستثناء قلة قليلة لا تزال تشكل املا بالنسبة الينا، تعطي نكهة في الحياة السياسية، وتجعلنا اكثر تمسكا بهذا البلد وبقيمه، هل يعني ذلك اننا بائسون، او اننا ضعفاء، او ذاهبون الى ترك البلد، وانتم الان تودعون مرحلة وتطلون على مرحلة جديدة، تنتظرون من مسؤول سياسي من نائب، وزير، زعيم، رئيس كلاما يطمئن، ويبشر افقا نحو مستقبل، بكل الم واسف، ولكن بكل صراحة اقول ليس ثمة كلام يقال من هذا النوع اليوم، لكن هل هذا يعني يأسا، او استسلاما، او تسليما لو كان الامر كذلك لما كنت واحدا من الذين لا يزالون يكافحون بينكم اليوم، لكنا نحن استسلمنا وذهبنا الى مكان اخر واعلنا عجزنا، لن نعلن عجزنا، ولن نستسلم، ولن نيأس، ولن نتركهم يأخذون لبنان الى المكان الذي لا نريد، بل نريد ان نعيد لبنان الى ما كان عليه وافضل، لان حولنا يتغير، وبامكان لبنان ان يكون اقوى واقدر واكثر تآلفا وحضورا واكثر احتضانا لكل القضايا في هذه المنطقة وحتى على المستوى الانساني من دون مبالغة في ذلك".

ودعا الى "عدم الخوف والقلق، قولوا لا لاقرب الناس حيث يجب ان تقال اللا، بكل صدق. وقولوا نعم حيث انتم تقتنعون اما التملق، او التزلف، او الخوف، او التردد فلا يمكن ان ينتج حالة سوية لا في التربية والثقافة والسياسة والادارة، ولا في الدولة، ولا المجتمع، ولا في العلاقات بين البشر ابدا امتلكوا كل الشجاعة لتواجهوا كل الناس على قاعدة النقد البناء، على قاعدة الاعتراف بالخطأ والاشارة الى الخطأ حتى عند كبارنا، وما اكثر الاخطاء عند الذين يجلسون في مواقع كبيرة، لكن المواقف لا تأتي كبيرة بحجم المواقع التي هم فيها اليوم، قاوموا الجهل بالعلم، والشلل والفشل بالعمل، قاوموا الظلم والاستبداد والحرمان والقهر وكل محاولات التطويع، وكونوا واثقين، لا تخافوا مالا، ولا تخافوا سلاحا، ولا تخافوا اعدادا، ولا تخافوا جماهير، ولا تخافوا صراخا، وتحديات وهتافات ونكايات واحقادا وخطابات طنانة رنانة كل هذا يزول امام ارادتكم القوية، هذا هو تاريخ الامم والشعوب".

وتابع العريضي: "اقول لكم لا تكرهوا، الكره ضعف، رجل كبير من هذا الشرق لم يمت لان فكره لا يزال امامنا، وتجربته لا تزال حية، اعني كمال جنبلاط، مر ذات يوم بمحنة وكان قلقا جاءه احدهم، وقال له يا كمال بك يبدو انك متوتر واطلقت مواقف وكانك يائس، او بت تكره الاخر، بابتسامته المعهودة، بتواضعه وقوة فكره، ومنعته، وصفاء ذهنه قال يا عزيزي، سئل طاغور يوما عن هذه الحالة فقال العمر نعيشه وهو اقصر من ان نحب فكيف نكره، العمر قصير لنعيشه بمحبة فكيف لنكره"، لا تكرهوا احدا حتى الذي تختلفون معه، اذا احترمتم الذي تختلفون معه فانتم تحترمون انفسكم، اذا خاصمتم من مصلحتكم ومن مقامكم الكبير ان يكون خصمكم كبيرا، اذا كان خصمكم صغيرا فليس للمماحكة وللسجال وللخصام موقع مميز فيما تقومون به، وليس للانجاز او للانتصار او للربح موقع مميز، اذا انتصرتم او انجزتم او سجلتم نقاطا على ضعيف ليس ثمة متعة في ذلك لا تتعصبوا، احذروا المذهبية والطائفية".

وقال: "لذلك امام ما نسمع لا تجعلوا الخطاب السياسي لبعض متعاطي السياسة، ولا اقول لبعض السياسيين مهما كانت مواقعهم كبيرة لا تتركوا الخطاب السياسي لبعض متعاطي السياسة يدخل اليأس الى نفوسكم، يجب ان نعرف كيف نتعاطى مع هذا الامر بايمان، والايمان بلبنان هوالاساس، والايمان هو مصدر قوة لا مصدر ضعف قوة".

واضاف: "ترون ماذا يجري خارج لبنان ايضا، المسألة ليست مسألة مواقع، هي مسألة عقول كبيرة في هذه المواقع، نعم او لا يحكم على النتائج فلا تؤخذوا بمواقع هذا او ذاك هنا او هناك، وتنجرفوا بعاطفة جياشة معينة تحت عناوين وهتافات معينة نسمعها تتكرر، كل المناسبات في لبنان، احكموا على العقل، واحتكموا الى العقل والحكمة في كل كلمة تقولونها".

وختم العريضي بالقول: "التقيت منذ اسبوعين رجلا اكبر مني سنا وقدرا وخبرة وتجربة في السياسة اللبنانية، من رعيل كلوفيس مقصود، اخذني جانبا وقال كنا نريد ان نطلب موعدا منك، نريد لقاء سريعا معك، فقلت غدا وبسرور، وتساءلت ماذا يريدون مني، انا نشأت في الحياة السياسية، وهم اكبر مني، وهم يتقدمون علي، واخبر مني، واقدر، واعرق، واكثر ثقافة، واطلاعا، وتجربة وخبرة، جاؤوا في اليوم التالي، اقول بأسف من جهة، وباعتزاز من جهة اخرى، لكن طغى الاسف على الاعتزاز. قال مع هذه المجموعة ان موضوع النقاش معك هو فكرة الدولة لاننا استمعنا في الاشهر الماضية الى كثير من التصريحات، ولم نر للاسف، اقول إلا هذا الرجل يتحدث عن الدولة ومؤسساتها، ويركز على فكرة الدولة، ونحن كنا نبحث بين بعضنا البعض عن مشروع كيف نعيد احياء فكرة الدولة، لذلك لا بد ان تكون شريكا معنا في هذا الموضوع، اشير الى هذه المسألة لاقول هذا ليس مصدر اعتزاز لي مع شكري وتقديري للجميع، لكن هذا ابرز دليل على الانهيار الذي وصلنا اليه في لبنان، كل الافكار موجودة، الا فكرة الدولة، كل المراجع والمرجعيات موجودة الا مرجعية الدولة، ليس ثمة مرجعية حاضنة لحقوقنا في حاضرنا ومستقبلنا، وليس ثمة مرجعية حاضرة يجب ان تكون لتدافع عن حقوقنا ومصالحنا الا الدولة، وانا اعرف تماما واقعها لكن المسؤولية الاكبر هي العودة الى بناء الدولة لمواجهة الفساد والاجرام، وقلة الزوق، وكل الافات التي نعيشها اليوم بسبب غياب الدولة، وحضور كل المشاريع التي تقوم الذات، وعلى استباحة كل شيء، وعلى ضياع المرجعية اذا ضاعت الدولة، ضاع لبنان".

السابق
مجدلاني: حريصون على الوصول الى العدالة والحقيقة في كل الإغتيالات
التالي
نور الدين بدر الدين شاعر الحب والظرافة