الجمهورية: ميقاتي يصوغ بند المحكمة تحت ثلاثة عناوين وميرزا يقول: لم أتسلّم القرار الاتهامي

بدا من التطورات التي تلاحقت مع عطلة نهاية الاسبوع الماضي ان الاسبوع الطالع قد يشهد سباقا بين انجاز البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي وبين اصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قرارها الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، في ضوء استدعائها القضاة اللبنانيين الاعضاء فيها الى لاهاي، وكذلك في ضوء تسارع التطورات الاقليمية ومن ضمنها الوضع في سوريا والتطورات الجارية على الحدود السورية ـ التركية، حيث حذرت إسرائيل أمس من مواجهة عسكرية بين دمشق وأنقرة

وقال مرجع رسمي كبير لـ"الجمهورية" ان البيان الوزاري شارف الانجاز ولم يتبقَّ منه سوى البند الخاص بالمحكمة وبعص التفاصيل الضئيلة المتعلقة ببنود أُخرى. وشدد على وجوب الاسراع في إنجازه قبل 14 تموز المقبل، وإلا فإن رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيبادر للدعوة الى جلسات نيابية واجتماعات لجان وغيرها لأنه لن يتعامل مع حكومة ميقاتي بغير ما تعامل به مع حكومة الرئيس سعد الحريري.

لكن هذا المرجع أكد ان مهلة الشهر الدستورية المحددة للحكومة لإنجاز بيانها الوزاري هي "مهلة حث" وليست "مهلة إسقاط" بمعنى ان هذه المهلة حُدِدت لها لتسرع في إنجاز بيانها فقط، وليست مهلة إذا إنتهت من دون إنجاز البيان تسقط بعدها الحكومة.

وفيما ستجتمع اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري اليوم في السراي الحكومي الكبير على امل انجاز مهمتها بإعداد المسودة النهائية لهذا البيان، علمت "الجمهورية" ان ميقاتي يحرص على ان يأتي بند المحكمة الذي يُعد صيغته، مراعيا ثلاثة عناوين هي:

أولاـ حماية لبنان من الأخطار.

ثانياـ التزام لبنان الشرعية الدولية.

ثالثاـ إحترام لبنان القرارات الدولية.

وفي المعلومات ايضا ان هذه الصيغة التي يعمل ميقاتي على بلورتها تؤكد تمسك لبنان بالمحكمة الدولية لتحقيق العدالة بما يراعي استقرار لبنان وأمنه.

وقال مرجع رسمي كبير لـ"الجمهورية" ان البيان الوزاري اذا انجز قبل صدور القرار الاتهامي ونالت الحكومة الثقة على اساسه سيكون شيئا، اما اذا صدر هذا القرار قبله فسيكون شيئا آخر. ولم يستبعد ان تكون الغاية من التسريبات عن صدور قريب للقرار الاتهامي، تأخير انجاز البيان الوزاري ونيل الحكومة الثقة، تماما كالتسريبات التي حصلت أثناء تأليف الحكومة وأدت الى تأخير ولادتها لمدة خمسة أشهر.

وأكد المرجع ان الاتصالات ستتسارع اليوم من أجل إنجاز البيان الوزاري حتى تتمكن الحكومة من اتخاذ ما ينبغي اتخاذه من اجراءات لمنع اي انعكاسات سلبية محتملة للقرار الاتهامي على الوضع الداخلي. واعتبر ان استدعاء القضاة اللبنانيين الاعضاء في المحكمة الدولية الى لاهاي قد يكون مؤشرا على ان القرار الاتهامي سيصدر وشيكا عن قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية دانيال فرانسين.

وهؤلاء القضاة هم العضوان الاصيلان في هيئة المحكمة القاضيان رالف رياشي وجوسلين تابت، والعضوان الرديفان القاضيان عفيف شمس الدين ووليد العاكوم.

ولفت المرجع نفسه الى "ان نظام المحكمة ينص على ان المدعي العام التمييزي في لبنان القاضي سعيد ميرزا هو الجهة التي تتبلغ القرار قبيل صدوره، ولكن المعلومات المتوافرة لدينا تفيد انه لم يتسلم هذا القرار بعد".

وبالفعل فقد نفى ميرزا لـ"الجمهورية" مساء أمس ان يكون تسلم القرار الاتهامي من المحكمة الدولية، وقال انه عندما يتسلم هذا القرار سيعلن ذلك ولن يكتمه.

غير أن مصادر في المعارضة تحدثت عن إنقسام في لجنة البيان الوزاري يقوم على ثلاثة أطراف، الاول يضم وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر ويدعو الى تجاهل المحكمة "طالما انها باتت وراءنا"، والثاني يضم وزراء "جبهة النضال الوطني" الذين يدعون الى استنساخ الصيغة التي كانت معتمدة في البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية لإحراج الحريري الذي اعتبر يوم التوافق عليها انها الصيغة المثالية لمقاربة اعمال المحكمة وتداعياتها. اما الطرف الثالث فيتزعمه ميقاتي ويدعو الى مقاربة الملف من زاويتي الحقيقة والعدالة والترددات السلبية التي يمكن ان تكون لها انعكاساتها على الساحة الداخلية والأمن في البلاد.

وقالت مصادر تواكب الإتصالات مساء امس ان ميقاتي لم ينجز اي صيغة نهائية في شأن المحكمة بعد، في انتظار إتصالات سيجريها قبل ظهر اليوم، حتى إذا أثمرت يقدم صيغة لبند المحكمة في إجتماع اللجنة المختصة، وذلك فور التوافق الذي بات على قاب قوسين أو ادنى من الصيغة السياسية العامة للبيان والتي تتناول المقاربات التربوية والاجتماعية والمالية والاقتصادية، ولا تتصل لا بالمحكمة ولا بالعلاقة بين لبنان والمجتمع الدولي ولا بالقرارات الدولية التي سترد مرفقة ببند المحكمة الذي يعدّه رئيس الحكومة.

وقالت المصادر نفسها إن جولة ميقاتي السبت الماضي على القصر الجمهوري وعين التينة لم تصل الى مقاربة نهائية حول بند المحكمة، وإن المسألة قد تتطلب اياما للتشاور في انتظار بعض المعطيات، وخصوصا تلك التي تتصل باحتمال صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الخاصة بلبنان.

وفي هذه الأجواء استغربت المصادر المتابعة الربط الذي أقامه البعض بين مهلة بت البيان الوزاري بالصيغة النهائية، والزيارة التي يقوم بها رئيس الجمهورية نهاية الأسبوع الجاري الى موناكو لحضور زفاف الأمير ألبير. وقالت ان هذا الربط ليس في محله. فالزيارة ستدوم يوما واحدا، ومتى انتهت اللجنة الوزارية من بيانها يمكن ترتيب جلسة مجلس الوزراء قبل الزيارة او بعدها مباشرة، وان ليس في الأمر ما يدعو الى الربط بين الحدثين.

وقالت هذه المصادر ان من الأفضل التعاطي مع هذه الأمور على قاعدة "كل يوم بيومو"، ومتى تحقق اي خرق على مستوى العناوين الخلافية ستُبتّ سريعا، فلا تكفي الدعوة الى الإسراع في إنجاز البيان بالصيغة المثلى من دون تقديم الحلول الممكنة ومن دون التسرع في بعض الخطوات التي قد تأتي بمزيد من الأزمات الى الساحة الداخلية.

أمن طرابلس

وكل ذلك يجري وسط أجواء غير طبيعية ناجمة عن التوتر الذي تعيشه طرابلس انعكاسا للأجواء السياسية التي باتت تتحكم في العلاقات بين قادة الأكثرية الجديدة والمعارضة وسط الفشل في ترتيب لقاء المصالحة الطرابلسية التي يسعى اليها مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار.

وعلى خط مواز رفعت بعض المواقف التي تلت خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من منسوب التوتر السائد في البلاد، وخصوصا تلك التي انطلقت من طرابلس على وقع جولة نوابها على القصر الجمهوري والسراي الحكومي الكبير سعيا وراء "طرابلس منزوعة السلاح"، وبرز تصريح النائب احمد كبارة بعد لقائه ونواب من طرابلس وعكار ومشايخ المدينة، حيث توجّه الى نصرالله قائلا: "إن هذه الحكومة هي انتاج ارهاب السلاح 100 %". وأضاف: "هذا السلاح الذي يهدد بالإستعداد الى استخدامه مرة ثانية بأوامر من النظام السوري في الداخل اللبناني والداخل السوري". وكرر دعمه "حقوق الشعب السوري البطل بالحرية والكرامة".

الى ذلك تحدثت تقارير امنية عن استمرار أجواء التوتر في طرابلس على رغم سلسلة التدابير التي تنفذها وحدات الجيش اللبناني في محلتي باب التبانة وبعل محسن ومداخلهما، حيث تمكّنت من منع الظهور المسلح وسط تهديد مباشر بإطلاق النار على كل من يظهر بسلاحه.

وأفادت هذه التقارير ان أجواء حذر تسود بعض القرى العكارية وخصوصا في حلبا ومحيطها، حيث شاع ان توترا حصل فيها بين مسلحين من الحزب السوري القومي الإجتماعي وانصار تيار "المستقبل". وتردّد ان المنطقة شهدت إطلاق نار في الأيام القليلة الماضية.

الحدود الشمالية

وعلى طول الحدود اللبنانية السورية عززت وحدات الجيش اللبناني من ترتيباتها الأمنية لمراقبة عمليات التسلل من سوريا الى لبنان والعكس. وفي الوقت الذي لم ترصد هذه القوى اي تسلل سوى ما شهدته الحدود قبالة منطقتي الكنيسة وقرحا اللبنانيتين جرّاء هروب نحو 600 شخص من قرية القصير على طريق حمص والقرى السورية القريبة منها التي شهدت اشتباكات بين الجماعات المسلحة من جهة، ووحدات الهجانة السورية والجيش السوري من جهة أخرى.

وقالت مصادر معنية لـ"الجمهورية" ان الجيش اللبناني احصى 220 نازحا سوريا دخلوا الأراضي اللبنانية قبيل عطلة نهاية الأسبوع فقط، على رغم ان العدد اكبر بكثير. وردّت السبب الى كون المنطقة التي شهدت عمليات التسلل والهروب عبر المعابر غير الشرعية شاسعة جدا، وهي تمتد بمسافة 13 كيلومترا، ومن الصعب ضبطها بكاملها.

"تعليمات سورية"

الى ذلك، كشفت مصادر المعارضة لـ"الجمهورية" عن معلومات وصلتها بالتواتر من دمشق مفادها "أن هناك تعليمات اعطيت للبدء بضخ معلومات وبيانات تتهم شخصيات سياسية ونيابية لبنانية جديدة متورطة في اعمال تدريب وتسليح وتمويل جماعات في الداخل السوري، ومنهم نواب بقاعيون وقادة حزبيون من الأقلية الجديدة، الأمر الذي سيرفع من نسبة التوتر قياسا على حجم ما بلغته في الأراضي السورية"

السابق
السعودية وقيادة المرأة.. مرة أخرى
التالي
اعتصـام فـي ذكـرى احتـلال مـزارع شبعـا