كان على الأكثرية التفاهم

اذا كانت العجلة قد حصلت باسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، على أساس أن الأكثرية الجديدة لديها خطة وانسجام في المواقف وتفاهم سياسي عميق، نتج عن تفاهم خلال سنوات طوال. وتقول هذه الأكثرية أنها عانت من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة السابقة، ما عانته من تفرّد في الحكم، وإقصاء 6 وزراء شيعة، والاستمرار في حكومة غير ميثاقية يومها.
اذا كانت العجلة قد حصلت باسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، فقد اعتقدنا أنه خلال أسبوعين سنشهد حكومة جديدة، ستؤلفها الأكثرية، وبيانها الوزاري واضح، وتبدأ في العمل، فما الذي حصل؟
أمضت الأكثرية الجديدة حوالى 5 أشهر لتشكيل الحكومة، وكنا نعتقد أن هنالك مشكلة فوق العادة بتشكيل الحكومة، فاذا القضية تنتهي بالتنازل عن وزير شيعي لصالح فيصل كرامي. ألم يكن في إمكان الأكثرية حلّ مشكلة فيصل كرامي بالحكومة، دون انتظار 5 أشهر؟
ثم نأتي اليوم الى البيان الوزاري، وكانت اللجنة التي شكلت لصياغة البيان الوزاري، مؤلفة من 8 وزراء وأضيف اليهم وزيران كي يدخلوا جبران باسيل، اما وليد الداعوق فدخوله مسرحية. وسبب إدخاله كوزير للاعلام تغطية لدخول جبران باسيل، فأصبحت اللجنة 10 وزراء، مع العلم أن اضافة وزيرين الى لجنة إعداد البيان الوزاري كان يتطلب قراراً من مجلس الوزراء وهذا لم يحصل.
اليوم يقول مندوبنا عن لسان وزير في الأكثرية، ان لجنة وضع مسودّة البيان الوزاري اختلفت حول بند المحكمة الدولية، فهل يجوز خلاف الأكثرية الجديدة حول بند المحكمة الدولية، بعدما صارعت فريق الأكثرية القديم والرئيس سعد الحريري وبقيت الحكومة معطّلة سنة بشأن بند شهود الزور، فكيف يجوز ألا يكون هناك رأي واحد في شأن المحكمة الدولية من قبل الأكثرية الجديدة، خاصة وان الثقل في هذه الحكومة هو لحزب الله، ومن خلال إعلان ديرشبيغل ومجرى التحقيقات والذهاب الى عيادة طب نسائية في الضاحية الجنوبية، فان حزب الله هو المستهدف من قبل التحقيق الدولي، ومع ذلك لم تتفق لجنة صياغة البيان الوزاري على صيغة للمحكمة الدولية.
ثم نلتفت الى «الأخبار» فنرى أن مندوبنا لدى المعارضة يقول أنها عازمة على إسقاط الحكومة من خلال التظاهر، مَن يحمي الناس من هذه الفوضى؟ لا الأكثرية الجديدة متفقة على تشكيل الحكومة، وهي أكثرية مفروض فيها ان تكون متجانسة، وخاضت معارك ضمن خط واحد، ومن يحمي الناس اذا أرادت المعارضة أن تنطلق أسبوعياً في التظاهرات؟ من المسؤول عن اقتصاد لبنان؟ من المسؤول عن معيشة اللبنانيين؟ من المسؤول عن تحسين الوضع الاجتماعي؟ أليس عندنا عمل الا كيف نرضي لجنة البيان الوزاري لتضع صيغتها بشأن المحكمة الدولية؟ أليس عندنا عمل غير الاستماع الى خطة المعارضة عن التظاهرات الأسبوعية، كأن البلاد بألف خير، وكأن موسم الاصطياف بألف خير، ولبنان الذي كان يأتيه مليونا سائح خلال الصيف بين أجانب وعرب ومغتربين، لم يصل الى لبنان هذه السنة الا 250 ألف سائح، وهم جاؤوا لإنهاء عمل لهم في قراهم وبشأن أراضيهم وبشأن معاملات لهم، وبعضهم جاء لرؤية أبيه وأمه ويعود ويسافر على عجل خوفاً من تجدّد المشاكل. ثم أليس عندنا عمل الا الاشتباكات بين بعل محسن وباب التبانة. ومن كلّف أهل باب التبانة وأهل بعل محسن أن يحلوا مشكلة سوريا ويتدخلوا بهذا الشأن بدل الانصراف الى شؤون لبنان، ثم يحصل اشتباك بين عناصر من تيار «المستقبل» والفلسطينيون في صبرا، فهل يجوز حصول إطلاق نار في وسط بيروت دون ان يقوم الجيش اللبناني بضبط المسلحين ووضعهم بالشاحنات، وأخذهم من طرابلس ومن صبرا، ليتعلموا مرة واحدة أن هزّ الأمن ممنوع، وان قلق الناس ليس ملكاً لباب التبانة وجبل محسن، وفريق تيار المستقبل مقابل صبرا.
اكثرية جديدة، أحدهم يريد فتح باب سجن رومية لتيار المستقبل، وسجنه هناك، ويتباهى بالأمر، وجنبلاط يقول انه انتقل من الأكثرية القديمة الى الأكثرية الجديدة كي يمنع الانفجار، وهناك من يقول من الأكثرية الجديدة أن على العماد عون تخفيف تصريحاته، لأنه بذلك يضعف الرئيس ميقاتي، أما الرئيس ميقاتي فغائب عن السمع وأمضى 4 أشهر ونصف ولم يؤلف الحكومة، ولا يردّ على عون مباشرة بأن مجلس الوزراء هو الذي يقرر «ولست أنت من يقرر».
مسؤولون دون مسؤولية، شعب متروك، أكثرية تقول أنها منسجمة وهي متناقضة، ومعارضة تقول أنها شرسة وتريد التظاهر أسبوعياً، ويكفي أنها حكمت في زمن السنيورة.
رئيس جمهورية صامت، لا ينبّه القيادات الشعبية الى ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي، ولا مسؤولين في القوى الامنية يتفقدّون باب التبانة وجبل محسن، ولا وزراء ولا مسؤولين أمنيين يتفقدون موقع اطلاق النار بين المستقبل والفلسطينيين، وضاعت المسؤولية وإهمال لأمور الناس، ومع ذلك ما زالت البلاد قطيع وراء 8 آذار وقطيع وراء 14 آذار.
مبروك على بلد يريد النهوض عبر القطعان، وعبر كل قطيع يسير وراءه أحد الأفرقاء من أكثرية ومعارضة. ألم يعد في لبنان أناس «قرفوا» من هذه الحالة ويصرخون ويقولون «قرفنا من 8 و14 آذار» ومن سيحمي الناس من هؤلاء؟
اذا مرّ الأسبوع القادم ولم يتم الاتفاق على البيان الوزاري فسيكون ذلك قمة الاحتقار للشعب اللبناني.

السابق
“النظام العربي”.. دولة الثقب الأسود
التالي
مخيم للنازحين السوريين الى لبنان