أنجلينا إيخهورست: المرأة اللبنانية تعاني من التمييز

ا تخفي سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان، أنجيلينا إيخهورست، خيبة أملها بسبب غياب الوجوه النسائية عن الحكومة اللبنانية. وتكشف في مقابلة، ردّت فيها على أسئلة وجهتها إليها «الأخبار» عبر البريد الإلكتروني، أنها تحدّثت مع الرئيس نجيب ميقاتي في هذا الموضوع، ووعد بالتعويض من خلال اختيار نساء في التعيينات الإدارية المقبلة

 كيف تنظرون إلى واقع المرأة في لبنان؟ ما أكثر الأمور التي تثير قلقكم؟

أعتقد أن هناك الكثير من المسائل التي تحدّ من دور المرأة في لبنان. ما زالت الكثير من القوانين تمييزية (قانون العقوبات وقانون الجنسية وقانون الأحوال الشخصية)، رغم أن الدستور اللبناني يؤكد المساواة بين اللبنانيين في الحقوق المدنية والسياسية. كذلك، لبنان وقّع العديد من المعاهدات الهادفة إلى تحسين وضع المرأة، وخصوصاً اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وإن مع تحفظات.
إلى جانب القانون، تعاني المرأة من التمييز في الممارسة، ولا يُقرّ بالمكانة التي يجب أن تتمتع بها في الحياة الاقتصادية والسياسية، وخصوصاً أنني ألاحظ كم أن النساء في هذه البلاد نشيطات في الجامعات والمؤسسات والإدارات. وفي هذا الإطار، من الطبيعي أن تحظى النساء بالمكانة التي يستحققنها وأن يشغلن مراكز مسؤولية في المجالين السياسي والاقتصادي وعلى مستوى القرار. غير أن ما نلاحظه أن تمثيلهن هو دون المستوى على نطاق واسع على أعلى المستويات، بما في ذلك عند المقارنة مع بلدان أخرى في المنطقة.
على سبيل المثال، يمكنني القول إني أصبت بخيبة أمل كبيرة بسبب غياب الوجوه النسائية عن الحكومة التي أُلِّفت أخيراً. من المخيّب للآمال فعلاً ألا يكون من الممكن أن تضم الحكومة نساءً، وليس فقط امرأة واحدة، بل عدة نساء. لبنان يزخر بنساء ناجحات وقادرات وطموحات منخرطات بفاعلية في الحياة العامة. وإن أرادت الحكومة اللبنانية الجديدة أن تتواصل مع كلّ المواطنين، فسيكون ذلك صعباً من دون تمثيل النساء على أعلى المستويات السياسية، لأن حسّهن المهني وحكمتهن ضروريان ببساطة. إلا أن الرئيس (نجيب) ميقاتي وعدني باختيار العديد من النساء في التعيينات القادمة في المناصب الإدارية العليا، بما في ذلك السفيرات. وفي استطاعة النساء اللبنانيات الاعتماد على التزام الاتحاد الأوروبي، وسنواصل دعم المجتمع المدني والسلطات بهدف حصولهن على المكانة التي يستحققنها.

كيف يكون ذلك؟ ما هي المعايير التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي لتنفيذ مشاريعه الخاصة بالجندرة في لبنان؟

الجندرة مسألة مدرجة في صلب برامج الاتحاد الأوروبي؛ لأن المساواة بين الرجل والمرأة قيمة أساسية من قيم الاتحاد الأوروبي. وهي بذلك في صلب جميع برامجه، مهما كانت أداة التمويل أو قطاع التدخل. وبالنسبة إلى المشاريع التي تهدف خصوصاً إلى التطرّق إلى مجالات مرتبطة بحقوق المرأة، تطلق المفوضية الأوروبية في بروكسل دعوات شاملة إلى تقديم العروض لتمويل مشاريع من هذا القبيل موجّهة إلى المجتمع المدني (أي المنظمات غير الحكومية التي لا تتوخى الربح). ولبنان معني بهذه الدعوات إلى تقديم العروض، والمشاريع التي يستفيد منها تديرها بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان. كذلك يستفيد من مشاريع إقليمية خاصة بالنساء تشمل العديد من البلدان في منطقة المتوسط.

 موّلتم عدداً من المشاريع في لبنان، فهل أنتم راضون عن نتائجها؟

الجندرة من المسائل ذات الأولوية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. ونحن نقرّ بأنها مسألة معقدة لأنها تتعلق بسلوكيات وأحكام مسبقة بالغة التجذّر في المجتمع. لذلك تتوقف نتائج تدخّل الاتحاد الأوروبي على مجموعة من العوامل:
ــ أولاً، التزام شريك المجتمع المدني. وهنا من البديهي أن يكون المجتمع المدني اللبناني واعياً جداً لإشكالية الجندرة في لبنان، وملتزماً بفاعلية في هذا المجال.
ــ كذلك، من المؤكد أن يتوقف نجاح هذه المشاريع على التزام السلطات. على سبيل المثال، إن القانون الخاص بالعنف الأسري الذي اعتمده مجلس الوزراء في عام 2010، بدأ العمل على وضعه وانتُهي منه في عام 2009 من خلال مشروع موّله الاتحاد الأوروبي ونفذته جمعية «كفى عنف واستغلال». غير أن التنفيذ ما زال معلّقاً نظراً إلى ضرورة تصديق مجلس النواب عليه. إلا أن الاتحاد الأوروبي سيستمر في مساعدة المجتمع المدني اللبناني في عمله وفي معالجة هذه المسألة في إطار حواره السياسي مع لبنان. ويحدونا أمل كبير في أن يعتمد مجلس النواب هذا القانون في القريب العاجل.
وفي الوقت الراهن، لدينا خمسة مشاريع متعلقة بالجندرة يجري تنفيذها وتبلغ قيمتها الإجمالية نحو 3 ملايين يورو.
هذه المشاريع هي مشروع «تحسين ظروف عمل النساء العاملات في المجال الطبي في لبنان»، مشروع «سيداو من النظري إلى التطبيقي»، مشروع «تعزيز المشاركة الاقتصادية والعامة للنساء في لبنان»، مشروع «معالجة عدم المساواة بين الجنسين بالنسبة إلى اللاجئات الفلسطينيات في لبنان»، مشروع «تعزيز العمل مع الرجال والفتيان لإنهاء العنف ضد النساء في الشرق الأوسط». ونحن راضون على طريقة تنفيذها، وآخر مثال في هذا الإطار نجاح حملة التوعية الخاصة بالمادة 16 من اتفاقية (سيداو).

 ما المشاريع التي تعتزمون تمويلها في المستقبل؟

نعدّ في الوقت الراهن برنامجاً لسنة 2012 يتناول حقوق الإنسان في لبنان ونتطلع فيه إلى إدخال عنصر يهدف إلى المساواة بين النساء والرجال. وستُحدَّد أولويات المواضيع بالتشاور مع الأطراف المعنية ومع الأخذ في الاعتبار استراتيجية المساواة بين النساء والرجال (2010 ـــــ 2015) التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي في 21 أيلول 2010. وهي مقاربة تهدف إلى إدخال بعد المساواة بين الجنسين في جميع سياسات الاتحاد الأوروبي ونشاطاته (توحيد مسائل الجندرة).
وستطلق المفوضية الأوروبية في شهر تشرين الثاني 2011 دعوة إلى تقديم الاقتراحات الدولية بموازنة مقدارها 30 مليون يورو عن موضوع «تقوية حقوق المرأة وحمايتها وتعزيزها وتمكين المرأة الاجتماعي والاقتصادي»، وفي إمكان المنظمات غير الحكومية اللبنانية التي لا تتوخى الربح تقديم الاقتراحات في إطار هذه الدعوة.
.

السابق
أبناء العرقوب يحيون الذكرى الـ 44 لاحتـلال مـزارع شبعـا غــداً
التالي
فتّش عن المادة 3