مصروف الطالب الجامعي يتجاوز الحد الادنى للأجور!

"لا أعلم لماذا تبخلون عليّ بالمال، فزميلي استأجر له أهله شقة قرب الجامعة بـ1200 دولار اضافة الى مصروفه الشهري الذي يبلغ نحو ألف دولار. واذا احتاج الى شيء اضافي يتصل بهم. أما أنتم فتعيّرونني بأن الـ500 دولار لا تكفيني". يرد عليه زميله بأن مصروفه الشهري لا يتجاوز الـ300 دولار. يسأله الاول: "كيف تعيش، أو هل إنت عايش؟".

للمصروف اليومي حيز مهم في حياة الطالب الجامعي الذي لا يعمل ويأخذ مصروفه من أهله لتغطية حاجاته الأساسية ومستلزماته الأكاديمية. وإذا كانت طريقة إنفاق كل طالب مصروفه تختلف وفق المبلغ المحدد له شهرياً، فإن البعض يستغله في إنفاقه كاملاً لـ"الطلعات" والترفيه، فيما ينفق البعض الآخر جزءاً منه على خدمات الهاتف والكماليات، ويلتزم آخرون انفاقه على الضرورات الشخصية.

يقارب معدل مصروف مهى بيضون الشهري نحو 500 دولار، تقول: "أغلب مصروفي أنفقه على المواصلات، والبدل المرتفع للمكالمات الهاتفية". تتابع بيضون تحصيلها العلمي في الجامعة اللبنانية – دراسات عليا في الصحافة، وهي لا تتكلف الكثير من المال على المشاريع (Projets)، وخصوصاً الكتب، "لأنها متوافرة في مكتبة الجامعة". ومع كل هذه التسهيلات "لا يكفيني المبلغ الذي أحصل عليه شهرياً، وأنا لست مبذرة ولا أتسوّق كثيراً كسائر الفتيات إلا في المناسبات أو عند الضرورة".
ورغم ان والديّ مهى يعملان، إلا ان الوضع المادي للعائلة متوسط الحال، وهي تخجل من طلب المزيد لتلبي كمالياتها، "علماً أن عائلتي لا تبخل عليّ في شيء أحتاج اليه".

ولأن علي عوده (26 سنة) يعتمد على نفسه في تحمّل نفقات التزاماته الضرورية ما بين قسط الجامعة وقسط السيارة ومصاريف أخرى، إلا ان راتبه الشهري بالكاد يكفيه: "أصرف ما يعادل 1200 دولار شهرياً من دون إعانة الأهل". وعوده في سنته الاولى ماجستير في إدارة الاعمال في الجامعة الأنطونية، ومن حسن الحظ أنه موظف. يؤكد رداً على سؤالنا: "طبعاً لا أزال أسكن مع عائلتي وكل شيء مؤمّن لي، إن لجهة وجبات الطعام والمنامة وغير ذلك"، مضيفاً: "كل هذا وأنا لا أسدد اياً من الفواتير المترتبة علينا مثل الكهرباء والمياه…".

ولا يخفي ان شعوراً بالإحباط ينتابه أحياناً بسبب الضغط المعيشي "الذي يجبر الطالب على أن يُضحي بالكماليات لتأمين الاساسيات".

تقول ريما كشيان (21 سنة) التي تدرس هندسة اتصالات في سنتها الثالثة إن الأولوية لديها للتنزه والخروج مع صديقاتها، لكن "الطلعات في حاجة الى ميزانية كبيرة شهرياً، خصوصاً ان أسعار المطاعم والمقاهي باتت مرتفعة". وتصر ريما كونها تعيش المرحلة الجامعية على الاستمتاع بأوقات فراغها مع زميلات الدراسة "لأن هذه الايام لن تعوّض لاحقاً". وتقسّم مصروفها الذي قدرته بنحو 600 دولار شهرياً، اضافة الى المطاعم، على فواتير الهاتف الخليوي والمواصلات والألبسة، مشيرة الى انها "لا تستطيع مقاومة أزياء جميلة تلفتها في الاسواق التجارية".

أما راشيل صافي التي تدرس علوم الكومبيوتر، فتنفق جزءاً من مصروفها الشهري على الطعام خارج المنزل، اضافة الى تكاليف الهاتف الخليوي، وتدخر الباقي لشراء الحاجات الضرورية. تشرح: “لا أتوجه الى الاسواق إلا حينما أكون في حاجة فعلية الى شيء ما، وألتزم مصروفاً محدداً قدره 600 دولار، وأتصرف في حدوده".

وترى صافي أن حصولها على بدل المصروف شهرياً أفضل كونه يوفر مساحة من الحرية في التحكم وشراء الحاجات، ولكن يعيبه احتمال إنفاق كامل المبلغ في أول الشهر والبقاء بلا مال حتى نهايته، "فالامر يتطلب وعياً شديداً من جانبنا". وعندما لا يكفيها مصروفها، تمدها والدتها بزيادات استثنائية قبل نهاية الشهر لمعرفتها بالظروف الحياتية.

وفي حين ينصب اهتمام خالد طالب في مصروفه الشهري على شراء الكتب والإصدارات والمراجع والمواصلات والقليل من الترفيه، يقول: “لا يتعدى مصروفي 500 ألف ليرة شهرياً كوني أسكن مع عائلتي. وأحياناً يتجاوز 400 و500 دولار لسداد التزامات ضرورية. طالب في السنة الاخيرة اعلام في جامعة سيدة اللويزة، ويوضح أن للمصروف أهمية كبيرة جداً بالنسبة الى الشاب والفتاة "فهو يمدنا بالحرية لاختيار ما نريده والتصرف كيفما نشاء"، ويضيف: “مصروفي أنفقه على المواصلات والرحلات السريعة وارتياد المطاعم في أوقاع متقطعة". ويزيد متحسّراً: "طبعاً لا أستطيع أن أدخر منه شيئاً".

اكثر من الحد الادنى للأجور!

يبلغ الحد الادنى للأجور 500 الف ليرة لبنانية، وهو مبلغ لا يكفي اي طالب جامعي لتأمين الحد الادنى من الحياة العادية، اي بدل النقل والهاتف ومتوجبات ضرورية اخرى. يذكر ان الحد الأدنى السابق للأجور كان 300 ألف ليرة، ولم يكن يكفي لتوفير مصروف شخص بمفرده.

بطاقة خاصة بالطلاب؟

اقترح الوزير الشهيد بيار الجميل بطاقة خاصة بالطلاب في الجامعات على غرار دول العالم المتقدم، لكن الفكرة لم تبصر النور معه او مع غيره، علماً ان البطاقة توفر اسعارا خاصة مخفوضة لكل من يحملها. وهو مشروع ربما على وزير الشباب والرياضة او على وزير التربية في الحكومة الجديدة ان يتبناه.

كافتيريا الجامعة للتجارة؟

في كل جامعات العالم تكون الكافتيريا أحد مرافق الجامعة المدعومة مالياً من الادارة لتوفير خدمة للطلاب، على عكس لبنان حيث يتم تلزيمها كمرفق تجاري، تفيد منه الشركة الملتزمة وادارة الجامعة على السواء، ودائماً على حساب الطالب.

السابق
شبكـة الإنترنـت..ألا تتعـب؟
التالي
رميت نفاياتي