البناء: خطة «مستقبلية» مزدوجة للتشويش وتحضيرات لتحركات في الشارع ضد الحكومة

تبقى الساحة السياسية الداخلية بانتظار إنجاز الحكومة لبيانها الوزاري لكي تنال على اساسة ثقة مجلس النواب، لتنطلق بعد ذلك في ورشة عمل واسعة تتناول جملة كبيرة من الملفات المتراكمة من الحكومات السابقة على الصعد الاقتصادية والمالية والحياتية والإنمائية. وهو ما اشارت اليه قيادات قوى الأكثرية الجديدة في المرحلة الأخيرة.

ورغم ان مصادر بارزة في الأكثرية تؤكد ان فريق «14 آذار» سيصعّد من حملته ضد الحكومة وقوى الأكثرية بهدف منعها من معالجة الملفات التي راكمتها حكومات الحريري والسنيورة. مراهنا بذلك على الاميركي وعلى حصول متغيرات في المنطقة. الا ان المصادر تبدو واثقة من ان كل هذه «الجعجعة» لن تثني الحكومة ومن ورائها قوى الأكثرية الجديدة على تحصين البلاد سياسيا وامنيا. وفي الوقت نفسه الدفع باتجاه معالجة الكثير من الملفات التي ستطرح بقوة بعد حصول الحكومة على ثقة المجلس النيابي.

وعلى خط موازٍ، يبدو واضحا ايضا ان سورية استطاعت تجاوز اكثر حلقات المؤامرة خطورة، بحيث تأكد ذلك من خلال المؤتمر الصحافي الأخير لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي تحدث بثقة عالية عن الوضع في سورية، وعن قدرة القيادة فيها على معالجة اسباب الأزمة التي عصفت بالبلاد. بعد ان كان الرئيس بشار الأسد قد وضع خارطة طريق للمستقبل من خلال خطة شاملة للإصلاح، وفتح الأبواب امام حوار وطني تشارك فيه كل مكونات الشعب السوري.

ووفق مصادر دبلوماسية عربية واسعة الاطلاع، فإن الوضع في سورية يسير نحو مزيد من الاتجاهات الإيجابية، على رغم امكان بقاء بعض الاحتجاجات كل يوم جمعة. وتقول المصادر ان هذه الاتجاهات الإيجابية تبدو واضحة من خلال الآتي:
1 ـ وقوف الشعب السوري خلف قيادته وهو ما يلمسه السفراء الغربيون المقيمون في سورية، حيث يكتشفون يوما بعد يوم ان الذين يقومون بتحركات ضد مسيرة الدولة هم نسبة قليلة جدا، ولذلك تعمد المجموعات المسلحة الى الاعتداء على المواطنين والقوى المسلحة لإثارة المجتمع الدولي ضد سورية وقيادتها.

2 ـ ان خطاب الرئيس الأسد الاخير وبعده المؤتمر الصحافي للوزير المعلم، يؤكدان ان لدى سورية الكثير من الأوراق التي لم تستخدمها حتى الآن، كما تأكد ايضا ان الإصلاح يسير وفق الأجندة السورية وليس وفق الأجندة الغربية، رغم كل محاولات الابتزاز التي يقوم بها الغرب ضد سورية.

3 ـ لقد تأكد ان الرهان على إضعاف سورية قد سقط نهائيا، كما ان الرهان حتى على حصول تغيير شكلي في الموقف السوري من الثوابت القومية غير وارد بالنسبة الى القيادة هناك، وعبثا يسعى الاميركي والغرب الى إحداث تغيير في هذه الثوابت بدءا من موقف سورية من المقاومة والصراع العربي ـ «الإسرائيلي».

4 ـ ان الذين زاروا بعض العواصم الغربية بما في ذلك واشنطن وباريس أخيرا يلاحظون وجود تباينات في المواقف الغربية من الوضع في سورية وبالاخص بين واشنطن وباريس، حيث تبدو الاخيرة تتحرك على وضع بعض المصالح الخاصة لبعض المسؤولين فيها بدءا من وزير الخارجية آلان جوبيه الذي لديه طموحات رئاسية.

ورغم ذلك، تعتقد المصادر الدبلوماسية ان الحلف الجهنمي الذي اعد المؤامرة ضد سورية لن يستسلم بسهولة، ولذلك لا يزال يستخدم ما تبقى لديه من أوراق سواء عبر تحريك بعض الذين يسيرون وفق الأجندة الأميركية والغربية، او من خلال ما تبقى من مجموعات مسلحة في بعض المناطق خاصة على الحدود التركية، وإن من خلال التحريض والادعاءات التي تفبركها بعض وسائل الإعلام المرتبطة بهذا المشروع، ولذلك ترجّح المصادر حصول تحركات محدودة في بعض المناطق اليوم الجمعة، بالترافق مع اعتداءات تقوم بها عناصر مسلحة ضد المدنيين والقوى الأمنية بهدف تجييش حكومات الدول الغربية وإعلامها ضد سورية.

«تيار المستقبل» والتدخل في شؤون سورية
وفي هذا السياق، كشف مصدر أمني مطلع لـ «البناء» عن معلومات موثقة تملكها جهات امنية وسياسية لبنانية، تشير الى قرار اتخذه تيار المستقبل لمواكبة الارتكابات الأمنية التي تطاول الشعب السوري، بتحركات متزامنة في لبنان تحت شعار دعم المعارضة السورية وإسقاط النظام في سورية. ولذلك بات متوقعا ان يكون كل نهار جمعة موعدا للاضطرابات الأمنية في سورية، بمواكبة التحريض من لبنان. كما ان التيار المذكور اتخذ قراره بتقديم كل ما يستطيع تقديمه بغية خلق أجواء إعلامية وشعبية مناهضة للاستقرار في سورية.

لكن المصدر ابدى أسفه لسكوت السياسيين عن الخرق الدائم للدستور اللبناني وللقانون ولوثيقة الوفاق الوطني (الطائف) التي تدين وتجرّم كل من يوجه الاساءة الى رئيس دولة اخرى، اضافة الى المسؤولية القضائية التي تترتب على الذين يضربون بالاتفاقيات والمعاهدات الموقعة بين لبنان وسورية عرض الحائط. لكن المصدر ابدى ارتياحه الى عقم هذه المحاولات في ظل الاستقرار الحكومي والامني الذي تشهده البلاد، محذرا مخالفي القوانين والدستور من عواقب أفعالهم التي تضر بالمصلحة الوطنية اللبنانية قبل اي شيء أو طرف آخر.

وتنفيذا لهذا المخطط الذي وضعه «تيار المستقبل» يتوقع ان تشهد طرابلس اليوم الجمعة مسيرات في بعض المناطق، وقد تحصل تحركات في مناطق اخرى بالتنسيق والتكامل مع قوى في فريق «14 آذار» ومع تنظيمات سلفية معروفة التوجه السياسي.
ضبط أسلحة

أمنيا، أعلنت وكالة الانباء السورية «سانا» أمس ان الاجهزة الامنية في محافظة اللاذقية شمال سورية ضبطت شحنة كبيرة من الأسلحة المهربة حاولت مجموعات نقلها من قرية خربة الجوز التابعة لمنطقة جسر الشغور الى محافظة اللاذقية.
وذكرت (سانا) ان الاجهزة الامنية في المحافظة ألقت القبض على المهربين والشحنة قبل وصولها الى العصابات المسلحة والتي كانت ستمارس القتل والترويع ضد المواطنين فيها حيث تقوم قوى الأمن في المحافظة بملاحقة من تبقى من فلول هذه العناصر لتقديمهم الى العدالة وإنزال العقاب العادل بهم».

وعرض التلفزيون السوري صورا للاسلحة والذخائر المضبوطة والتي تضم انواعا مختلفة من القناصات والبنادق المتطورة.

فريق «14 آذار» والحملة ضد الحكومة
أما في الشق الداخلي اللبناني، فإن مصادر سياسية مختلفة تلتقي عند التأكيد ان واشنطن تدفع حلفاءها في «14 آذار» الى توتير الوضع السياسي الداخلي، وحتى الذهاب نحو افتعال احداث ومشاكل على الارض بهدف ليس فقط عرقلة عمل الحكومة ومنعها من معالجة الاستحقاقات الداهمة، بل السعي الى إسقاطها وصولا للعودة الى الهيمنة على مقدرات البلاد. وهذا الامر اكده رئيس «القوات» سمير جعجع امس عندما أعلن بوضوح ان «فريقه سيستخدم كل الوسائل والطرق لإسقاط الحكومة».
وكشفت المصادر ان بعض قيادات «14 آذار» التي زارت باريس أخيرا واجتمعت مع رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، وضعت خطة تصعيد لهذه الغاية ستبدأ في تنفيذها منذ مثول الحكومة امام مجلس النواب لنيل الثقة، حيث سيتحدث عدد من نوابها في جلسة الثقة عما يسمونه «حكومة سورية وحزب الله» وسيعملون على تصعيد التوتير السياسي تمهديا للقيام بتحرك على الارض مترافقا مع تظاهرات واعتصامات.

مصادر الأكثرية
لكن مصادر سياسية في قوى الأكثرية الجديدة تؤكد انها مدركة الى أهداف ومرامي فريق «14 آذار» ومن وراءه في واشنطن وغيرها من عواصم تسعى الى إبقاء لبنان ورقة تساوم بها في بازار المساومات الاقليمية. وقالت ان فريق «14 آذار» الذي ما زال يراهن على إضعاف سورية لن يألو وسيلة في سبيل إبقاء لبنان تحت الوصاية الاميركية من خلال إسقاط حكومة ميقاتي والعودة الى رئاسة الحكومة.

إلا أن المصادر تجزم بأن كل هذه المحاولات ستبوء بالفشل كما فشلت المحاولات السابقة. وبالتالي فالحكومة لن تتوقف عند محاولات عرقلة عملها ودورها بل ان هذا الامر سيدفعها الى مزيد من التصميم في سبيل إخراج البلاد من مجموعة الأزمات التي أدخلها فيها الحريري وفريقه، مشيرة الى ان الرئيس ميقاتي يشعر ان هناك من يعمل على إجهاض تجربته في رئاسة الحكومة، وهو بالتالي لن يقف متفرجا. وإن كان سيبقى بعيدا عن الكيدية والانتقام.

وأوضحت المصادر، انه بمجرد ان تنال الحكومة الثقة ستعمل على معالجة العديد من الملفات بدءا من الملف الاداري حيث ستعمد في اول جلسة لها الى ملء بعض المراكز الاساسية بدءا من حاكمية مصرف لبنان الى المديرية العامة للأمن العام والجمارك ورئاسة اركان الجيش.

نصرالله يتحدث اليوم
وفي هذا السياق، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عند الثامنة والنصف مساء اليوم عبر شاشة «المنار» وسيلقي كلمة مباشرة يتناول فيها آخر التطورات المحلية والإقليمية.

لجنة صوغ البيان الوزاري
في هذا الوقت، عقدت اللجنة الوزارية المكلفة إعداد صيغة البيان الوزاري اجتماعها الرابع بعد ظهر امس في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وعلم من مصادر وزارية ان اللجنة ناقشت المسودة الثالثة التي اعدها الرئيس ميقاتي وصيغت نهائيا بنود عمل الوزارات وبرامجها وبقي موضوع الشأن المالي والاقتصادي حيث طرحت عدة صيغ على ان يعد الصيغة النهائية لهذا الشق وزير المال محمد الصفدي، وعلى ان يصار الى اعادة قراءة المسودة الكاملة يوم الاثنين المقبل. وعلم في هذا السياق، ان بند المحكمة الدولية لم يجر التطرق اليه يوم امس. وان كانت المصادر الوزارية قد أوضحت ان الصيغة لهذا الموضوع جاهزة لكن لم تطرح للمناقشة امام اللجنة.
وقال مصدر وزاري لـ «البناء» انه يتوقع ان تنهي اللجنة اعمالها يوم الاثنين.

وردا على سؤال توقع المصدر عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الاربعاء المقبل، واذا ما سارت الامور في هذا الاتجاه فإن جلسة مجلس النواب ستكون في مطلع الاسبوع الذي يلي الاسبوع المقبل.
يشار الى ان مهلة الشهر تنتهي في 12 تموز المقبل.

السابق
السفير: تنشر أبرز مضامين البيان الوزاري: تفادي المحكمة واحترام الالتزامات و«الحقيقة»
التالي
الجمهورية: ترحيل البيان الوزاري إلى الاثنين انتظاراً لبند المحكمة والأمم المتحدة تدعو لبنان الى احترام التزاماته الدولية