زواج المتعة لممارسة الجنس بالحلال

زواج المتعة

زوّجتك نفسي على المهر المعلوم وقدره 10 آلاف ليرة لبنانية لمدة ساعة واحدة”
“قبلْتُ الأمر”.

وأصبحت عايدة زوجة خليل. دخلا الغرفة، و…
ما إن نطقت عايدة (38 سنة) بهذه الكلمات، حتى أصبحت زوجة “موقتة” لخليل المتزوج والأب لخمسة أولاد. يتزوجان لساعة من الزمن، لا تزيد دقيقة واحدة. ينشغلان بممارسة الجنس وفي عقل كل منهما يقبع هاجس الوقت، مخافة ان تغافلهما اللذة ويتخطيا عتبة الساعة المتفق عليها في العقد، ويقعا في فخّ الزنى و”فوبيا” الحرام.

تعرّفتْ على خليل (47 سنة) قبل أربع سنوات أي بعد سنة من طلاقها. لم يعدها بالزواج، ولم يناقشا الموضوع قط. ولما كان “رجلاً ملتزماً لدينه يخاف الله، ولا يعصيه بارتكاب المحرمات”، عرض عليها عقد زواج المتعة، لإقامة علاقة جنسية بـ “الحلال”. كانت عايدة ملمّة بماهية هذا العقد من محيطها وصديقاتها، فراقتها الفكرة رغم جهلها بكل التفاصيل، فالمهم عندها ان تكون مع خليل في وضع حميمي وألا تغضب الله في الوقت عينه. هي امرأة محجبة وأم لفتاتين محجبتين أيضاً، وتربت منذ صغرها على فكرة “الحلال والحرام، وما يجوز وما لا يجوز”. وهذا ما ظهر جلياً خلال عقدهما الأول، إذ كانت مترددة وخائفة ومتوترة. لكنه عمد الى اقناعها قائلاً بأن “ما نفعله حلال، ولن يعاقبنا الله عليه”، فهدأت شيئاً فشيئاً وكان بينهما ما كان.

الى اليوم هي على هذه الحال، تلتقيه في بيت صديقه مرة أو مرتين شهرياً. ينطقان بالعقد، يمارسان الجنس، يدفع لها “أجرها” الذي يراوح من 10 آلاف الى 20 ألف ليرة وينصرفان.

“أعرف ان وضعي صعب، فحياة المرأة المطلّقة مليئة بالاضطراب، إذ إن الحاجة الجنسية لا تنفكّ تلح عليّ، لكن الشرع أوجد الحل عبر زواج المتعة”. وتختم: “لم أرتكب عملاً ما يغضب الله، وانا راضية ومكتفية ومقتنعة بما أفعل، ولا أختار أياً كان لأكون زوجته، ولا ينقص حياتي رجل، وانما العيش مع بناتي”.

تبلغ هدى (اسم مستعار) 37 سنة، وقبل 12 سنة زوّجت نفسها لعلي “على مهر قدره 500 ليرة لمدة نصف ساعة”. لم يرم العقد الأول بينهما الى إقامة علاقة جنسية، وانما اقتصر على تبادل القبل وملامسة الأيدي. لم يكن علي شديد الالتزام دينياً، لكن هدى اشترطت اجراء العقد معه لتبادله قبلة أو مجرّد مصافحة.

ومع الوقت تطوّرت العلاقة بينهما، وطلبت منه الزواج، الا انه رفض لكونه متزوجاً وأباً لستة أولاد، اضافة الى وضعه المادي المتردي، مما أدى الى انفصالهما مرات عدة، الى ان توصّلا الى حل مفاده ان يتزوّجا موقتاً “حتى الله يفرجا”، فكان زواج المتعة. وهكذا سلمت نفسها وجسدها له في مقابل 20 ألف ليرة وأحياناً الف ليرة، إذ “هدف هذا الزواج ليس مادياً، وانما أسمى من المال بكثير”، على حد تعبيرها.

تقر هدى بأنها ليست سعيدة في حياتها، ولكن الخيارات محدودة أمامها. لقد ضاع عمرها وهي تنتظر علي، ولن تتراجع الآن بعد كل تلك السنوات. وتقر أيضاً بأنها اعتادت عليه، ولم يعد بإمكانها الاستمرار من دون ممارسة الجنس معه. “انا لا ألومه ولا ألوم نفسي، لأنني أؤمن بأن قدري مكتوب وانا لا أفعل أي شيء بغير مشيئة الله”. وتتابع: “هو من جعلني امرأة، انه زوجي أمام الشرع، ولا أشعر بالخجل أمامه وأتعامل معه كما لو كان زوجي الدائم والى الأبد”.

لم أزل قاصراً… فهل يجوز لي؟

أحبت أحلام (14 سنة) محمداً وهو في الـ27 من العمر. كانت تعيش أياماً هادئة وروتينية الى ان دخل حياتها. بعد فترة وجيزة من علاقتها به تفاجأ الجميع بارتدائها الحجاب، هي التي لطالما رفضت الفكرة مؤجلة إياها “الى ما بعد الزواج وانجاب الأولاد”. سرّ والداها بالأمر، ولاسيما ان ابنتهما “تركت حياة الاستماع الى الأغاني والطيش والرفقة الصاخبة والتزمت خط الله”، لكنهما ما كانا يعلمان بأن ابنتهما الصغرى التي لم تبلغ بعد سنّ الـ15 وافقت على الزواج الموقت عبر عقد المتعة من شاب اقتحم حياتها فجأة ليشترط عليها إما الالتزام للدين وارتداء الحجاب وممارسة الجنس معه بإجراء العقد، وإما الانفصال نهائياً، مما يعني القضاء عليها ورميها على طريق اللاعودة، كما قالت. ترددت كثيراً في بادئ الأمر، فهي لا تعلم عن زواج المتعة سوى اسمه فقط.

أما محمد فلم يخض معها في التفاصيل وإنما اكتفى بالقول: “هو الحب بالحلال، لن يسقط علينا غضب الله، وسنكون معاً مرتاحي الضمير من ارتكاب المعصية”. “لعل عبارة “سنكون معاً” هي أكثر ما استرعى انتباهي وشجعني على القبول”، تقول أحلام. وتضيف: “أحبه الى درجة تجعلني أقبل كل شروطه ولا أعتبرها أوامر أو واجبات، فحياتي بدأت معه، وأنا سعيدة بذلك رغم أنني أفضل لو لم يكن بهذا القدر من الالتزام الديني، ولكن لا بأس فأنا راضية به كما هو”. وتختم: “سمعت من صديقاتي في المدرسة بأن زواج المتعة لا يجوز ان يُعقد على قاصر من دون موافقة الأب، ولكنني لم أطلعه على الأمر مخافة ان يتركني، وانا لا أستطيع الاستمرار من دونه”. أما المهر، فكانت تحصل على مبالغ متفاوتة بحسب “التيسير”، والمبلغ الأكبر كان 50 ألفاً إذ تزامن مع نهاية الشهر الشهر وحصوله للتو على راتبه.

عرض عليها زواج المتعة… فرفضته

لطالما أعجبها ابرهيم (25 سنة)، شاب عازب “جميل الخَلق والخُلق” كما تراه، وبعد أشهر من “التلميح”، اعترفت له بإعجابها. وما ان عرض عليها زواج المتعة حتى رفضت وقررت الاختفاء من حياته.

بين سارا (22 سنة) وابرهيم فروق عدة. هي علمانية، متحررة، وتؤمن بالتعايش بين كل المذاهب، أما هو فمتديّن وذو عقيدة أيديولوجية تجعله يرى الفخر كل الفخر ليس بكونه لبنانياً وانما لأنه شيعي. ورغم معرفتها السابقة بذلك، لم تكف عن الاعجاب به “من دون معرفة السبب”، مما ولّد صراعاً في داخلها بين ما تريده بقناعتها وما يفرض نفسه على حياتها بقوّة لا تدري مصدرها. وتوصلت الى ان مصارحته بحقيقة مشاعرها هي خشبة الخلاص من المعاناة والصراع. لم يتفاجأ كثيراً بالأمر إذ كان شبه مرتسم على ملامحها، وانما هي التي تفاجأت عندما قال هكذا ومن دون مقدمات: “أتقبلين عقد زواج المتعة معي؟ هذا كل ما عندي لأقدمه، ولا شيء آخر أعطيكِ إياه!”. لطالما رفضت ما سمته “بدعاً يتوارثها المتدينون ويجعلونها أساس حياتهم”، فكيف بها تتخلى عن مبادئها التي بنتها بقناعتها الحرة؟ “وكأن قناعاً سقط عن وجهي فجعلني أرى الأمور بشكل أوضح”، تقول واصفة شعورها عندما سمعت عرض الشاب الذي ظنت أنه “أرقى” من ان يتقدّم بطلب كهذا. وتتابع: “تغيّر شعوري فجأة تجاهه، “يمكن نزل من عيني”، فآثرت الانسحاب بعدما أدركت –ولو متأخرة- أن كلاً منا ينظر الى الحياة من زاوية مختلفة كل الاختلاف عن الأخر”. وتختم: “لم تزل صورته أمامي، ولكن ما ان أسترجع كلماته، حتى أنسى كل شيء”.

ما هو زواج المتعة؟

زواج المتعة أو الزواج الموقت حقيقة قائمة في المجتمع الاسلامي الشيعي. ولكنه لا يزال يثير الأسئلة حول ماهيته والظروف التي ينشأ فيها. وهنا عرض لتفاصيل هذا الزواج وفقاً لرأي المرجع الشيعي الراحل السيد محمد حسين فضل الله في مقابلة أجرتها معه مجلة “لها” بتاريخ 4-6-2003، والذي نُشر على الانترنت كمرجع للباحثين في هذا المجال. فزواج المتعة أوجد حلاً لمشكلة المرأة التي قد لا تملك فرصة الزواج الدائم. ولما كانت الحاجة الجنسية تلح على الانسان بشكل أو بآخر، والأوضاع المادية والاجتماعية الصعبة تمنعه من الزواج، جاء الزواج الموقت المسمى زواج المتعة باعتباره تلبية لحاجة جنسية طبيعية وضرورية عند الانسان كالطعام والشراب.

بالنسبة الى المسلمين، لا بد من قانون يضبط كل علاقة مع الجنس الآخر لتكون خاضعة للتشريع الاسلامي، وزواج المتعة أحد هذه القوانين. لذلك يرى المسلمون الشيعة ان هناك أسساً شرعية، علمية، وفقهية لتشريع المتعة مستشهدين بما جاء في النص القرآني: “فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم في ما تراضيتم به من بعد الفريضة ان الله كان عليماً حكيما” (النساء، الآية 23). ويتفقون مع المسلمين السنّة في ان المتعة ليست من الطروحات الحديثة، وانما شرّعت في عهد النبي، ووجدت منذ كان الفقه الاسلامي. ونقطة الخلاف بين المذهبين تكمن في اعتبار أهل السنّة والجماعة انه لا يوجد نص صريح في القرآن يحل هذا الزواج، فيعتبرونه محرماً على قاعدة ان النبي أباحه ثم نسخه، فأصبح من خلال ما يعتقدونه من نسخ، علاقة غير شرعية. ويبرر علماء السنّة ذلك بأن الرسول حلل زواج المتعة أيام الحروب والغزوات التي قادها المسلمون ضد الكفار، إذ سقط الكثير من الأزواج وترملت النساء، وكان على النبي إيجاد الحل الناجع لهذه المشكلة، فكان زواج المتعة. أما اليوم فتغيرت الأحوال، وأصبح الزواج سهلاً، إضافة الى انتفاء سبب تحليل المتعة. الا ان علماء الشيعة يرفضون هذا التفسير، ويعتبرون العقد حلالاً مستندين الى المبدأ العام في الاسلام: “ان حلال النبي حلال الى يوم القيامة، وحرامه حرام الى يوم القيامة”، عازين تحريمه الى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وليس الى الرسول عندما قال “رسول الله حلله وأنا أحرمه وأعاقب عليه”، مستشهدين بالحديث الشريف: “لولا نهي عمر عن زواج المتعة ما زنى إلا شقي”. (النهاية للطوسي، الجزء 2)، ومشددين على ان الهدف الأساسي منه هو سد الطريق أمام الانحراف الأخلاقي، وفتح باب الحلال في وجه الذين لا يستطيعون الزواج الدائم.

شروطه وضوابطه

لزواج المتعة شروط يجب ان تكتمل، وفي حال عدم اكتمالها يعتبر زنى. هو عقد شفهي، شروطه الشرعية ان تكون المرأة بلا زوج، وبالغة وراشدة. ويُشترط على الزوج البلوغ والرشد أيضاً. وفي حال غير المتزوجة أو القاصر، يجب أخذ إذن ولي أمرها، وفي وضع الأرملة لا داعي للإذن. كما يفترض عقد زواج المتعة توفّر المهر الذي قد يكون مالياً أو ذا قيمة مالية أو شيئاً معنوياً كالصلاة ركعتين لله. والمهر لا بد منه والا بطُل العقد، وهو لا تحديد له، أي ان الاتفاق بين الرجل والمرأة هو شريعة المتعاقدين، علماً ان المادة 221 من قانون الموجبات والعقود تنص على “ان العقود يجب ان تفسر وفقاً لقواعد العدل والانصاف”، والمبدأ العام الذي يحكم العقود بين الافراد هو “ان العقد شريعة المتعاقدين”.

الا أن زواج المتعة لا يعطي الزوجة حق الميراث، في حين ان لأبنائها من هذا الزواج جميع حقوق أبناء الزوج الدائم، إذ انهم ينتسبون اليه. كما يفرض على المرأة العدّة الشرعية بعد انقضاء مدة الزواج وهي دورتان شهريتان أو 45 يوماً إذا كانت لا تحيض. وفي ما خص الفترة الزمنية، فإنها ترتبط بإرادة الطرفين، أي يمكن ان تكون خمس دقائق أو 50 سنة!

في حال الحمل؟

إذا حصل حمل يكون المولود شرعياً مئة في المئة، متمتعاً بكل الحقوق القانونية والشرعية، ومساوياً لإخوته من الزواج الدائم (في حال كون الأب متزوجاً) بكل المسائل المتعلّقة بالميراث والحقوق. وهنا تجدر الاشارة الى ان بعض المحاكم الشرعية في البحرين كانت تحرص على تسجيل هذا الزواج في دائرة النفوس الحكومية، وجرت محاولات مماثلة في لبنان ولكنها لم تتوصل الى نتيجة، فكان مصيرها الفشل.

لمن يحق العقد؟

يحق للرجل ان يقيم أكثر من زواج متعة مع أكثر من امرأة على غرار تعدد الزوجات في الاسلام حتى من دون علم زوجته، ولكن لا يحق للمرأة ذلك بسبب تحديد أبوة الولد الذي ينسب الى والده. اضافة الى انه لا مانع لرجل متزوج ولو بأربع ان يعقد زواج المتعة إذا كان في حال سفر أو كانت زوجته مريضة. ويمكن شخصاً ان يعقد هذا الزواج لخمسين سنة مثلاً، وان ينجب الأولاد، ويظل زواجه ضمن اطار الزواج الموقت. وفي ما خصّ المرأة، فالشرع لا يجيز التمتع بالفتاة الكافرة ولا بذات البعل (الزانية)، ولا بغير المطلقة، ولا ممن هي على ذمة شخص آخر، ولا ممن هي في عدّة الطلاق أو عدّة الوفاة، كما انه لا يحق للأرملة ان تعقد زواج متعة آخر قبل ان تعتدّ. فضلاً عن ان العقد يجوز عبر الهاتف.

السابق
هل باتت للامتحانات الرسمية مربّعات أمنية؟
التالي
سعودي يدوّن رقم هاتفها انتقاماً