تحجيم إيران دون قتال!

بعد اغتيال الراحل رفيق الحريري بسبعة أيام في 2005 التقى جورج بوش مع نظيره الفرنسي جاك شيراك، صاحب العلاقة الشخصية مع رفيق الحريري، اجتمع الزعيمان السابقان على العشاء بالعاصمة البلجيكية، بروكسل.
قال بوش لشيراك: أريد معاقبة سوريا بشكل فوري على اغتيال الحريري، وعلى سماح دمشق للإرهابيين بالمرور للعراق من الحدود السورية. فقال له شيراك، صديق المغدور رفيق الحريري: «دعنا نساعد لبنان، وبذلك نكون قد عاقبنا سوريا»! مضيفا أن سوريا تمارس قوتها في بيروت، وإذا تم إخراجها من هناك يقوى لبنان، ويضعف النظام السوري، وبالفعل اتفق الزعيمان وساعدا لبنان، فخرج بشار الأسد عام ، وبعد اغتيال الحريري بفترة قصيرة، وأعلن بخطاب أمام مجلس الشعب السوري أن أخطاء قد اقترفت في لبنان، وأعلن انسحاب الجيش السوري من لبنان، واليوم وبعد قرابة سنوات تثور سوريا على نظام الأسد!

إنها السياسة، التي تعد الحروب إحدى أدواتها، وليست كل أدواتها، فحكمة شيراك تفوقت على حماسة بوش، حيث حقق بالسياسة ما هو أفضل من تحقيقه بالسلاح، ويكفي تأمل الوضع العراقي المتردي اليوم، فالتدخل الأميركي للإطاحة بصدام لم يكن بالنضج الكافي، خصوصا لما يسمى باليوم التالي، أو مرحلة ما بعد النظام، ولذا نجد أن مشكلات العراق مزمنة، وأهمها التدخل الإيراني.

وعليه، فإن إعادة نظام الأسد إلى داخل حدوده فرضت عليه مواجهة مشكلات بلاده الحقيقية، مما أوصله لمواجهة شعبه، ولذا فإن أفضل وضع للقضاء على الخطر الإيراني اليوم هو إعادة إيران إلى داخل حدودها الطبيعية، وكما قلت في مقابلة على قناة «العربية»، قبل قرابة خمسة أيام: إن سقوط نظام الأسد يعني انهيار السياسة الخارجية الإيرانية، ومنذ عهد الثورة الخمينية، فإن الثورة الإيرانية، وحتى قبل نجاحها، قامت على تحالف يهدف بشكل أساسي لتشكيل محور طهران – دمشق – بيروت، ويضاف له اليوم بغداد.

وعليه، فالمفروض اليوم، ومع الزلزال السياسي الذي يضرب المنطقة، وتحديدا سوريا، أن يكون السعي الدولي هو لإعادة إيران إلى داخل حدودها الطبيعية، وذلك من خلال إصلاح الوضع السياسي المختل، والخرب، في العراق، بحيث يكون العراق للعراقيين، بكافة مشاربهم، وليس لإيران، وتحجيم إيران هناك، مثلما حجمتها قوات «درع الجزيرة» في البحرين، واليوم نجد أن ثورة السوريين تنذر بتحجيم إيران أيضا، وبقوة مثلما قلنا أعلاه.

فعندما يتم تحجيم إيران لداخل حدودها، ستواجه شعبها الذي يعاني من نسبة عالية من البطالة، ناهيك عن أن الشريحة العريضة فيه هي من صغار السن المقتنعين بفشل نظام الثورة الخمينية أصلا، خصوصا في ظل أوضاع اقتصادية متردية، وصراعات سياسية واضحة بين النخب الحاكمة بطهران.

إعادة إيران إلى حدودها، وقصقصة أجنحتها الثورية الخارجية من خلال إصلاح الوضع اليوم بالعراق، ودعم الشعب السوري، من شأنه أن يقود إلى إنهاء الخطر الإيراني من دون إطلاق رصاصة واحدة، ومن شأنه حماية العراق ومن دون أن تضطر القوات الأميركية للبقاء هناك. فهل يستغل أوباما، والقوى النافذة بالمنطقة، هذه الفرصة؟
هنا السؤال!

السابق
إطــلاق حملــة “ألــف” لمناهضــة التعذيــب
التالي
الانوار: قوى 14 آذار: نحمّل رئيسي الجمهورية والحكومة مسؤولية الحالة العونية