النهار: دمشق ستنسى أن أوروبا على الخريطة وواشنطن تستوضح المعارضة رؤيتها لما بعد الأسد

رداً على الضغوط التي يمارسها الاتحاد الاوروبي على النظام السوري كي تتوقف عن القمع العنيف للتظاهرات المطالبة بالاصلاح والتغيير، صرح وزير الخارجية السوري وليد المعلم، غداة الخطاب الذي ألقاه الرئيس بشار الاسد، بان على اوروبا الكف عن التدخل في الشأن السوري، معتبراً ان اوروبا تستهدف لقمة عيش المواطن السوري، الامر الذي يوازي الحرب. وأضاف: "سننسى ان أوروبا على الخريطة". وحمل بشدة على فرنسا، وحض الزعماء الاتراك على اعادة النظر في موقفهم من سوريا، مؤكداً حرص دمشق على أفضل العلاقات مع الجارة التركية.وفي المقابل توصلت دول الاتحاد الاوروبي إلى حزمة جديدة من العقوبات تستهدف اربعة كيانات مرتبطة بالجيش السوري وسبعة افراد بينهم ثلاثة ايرانيين مرتبطين بقمع الاحتجاجات. أما واشنطن، فإنها تواصل اتصالاتها مع المعارضة السورية وقد رأت في خطاب الاسد والمؤتمر الصحافي للمعلم دليلاً واضحاً على عمق المأزق الذي وصلت إليه القيادة السورية.

واشنطن
وقد كثف المسؤولون الاميركيون أخيرا اتصالاتهم مع نظرائهم في فرنسا وتركيا، لمناقشة الاوضاع المتفاقمة في سوريا وامكان تنسيق المواقف للتأثير ليس فقط على قرارات الرئيس الاسد، بل ايضا على قوى المعارضة واقطابها، والتي يعترف هؤلاء المسؤولون بانها لا تزال ضعيفة ومشرذمة وفي حاجة الى رص الصفوف وايضاح رؤيتها لحقبة ما بعد الاسد.

وأفادت مصادر مطلعة انه وقت يجري السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد اتصالات واسعة مع شخصيات سورية معارضة، يعتزم المسؤولون في واشنطن توسيع دائرة اتصالاتهم مع شخصيات المعارضة السورية في الخارج، للاطلاع على طروحاتهم وتوقعاتهم، وكذلك للتركيز على بعض القضايا والمبادئ ومن ابرزها صون الطبيعة السلمية للمعارضة والاحتجاجات، ونبذ الشحن الطائفي والمذهبي والتشديد على ضرورة صون الوحدة الوطنية.

ويرسم المسؤولون الاميركيون المعنيون بالشأن السوري صورة قاتمة لحاضر نظام الاسد ومستقبله، ويشيرون الى ان قوات الجيش السوري تعاني ضعف المعنويات والارهاق والافتقار الى الموارد المادية لمواصلة عملياتها ضد التظاهرات التي عمت كل المناطق الجغرافية في سوريا، الامر الذي فرض على الجيش تحديات لوجستية ليس مؤهلا لتحملها على خلفية وضع اقتصادي صعب للغاية.

وأوضحت ان قوات الجيش المنتشرة في انحاء البلاد والتي تنتقل من منطقة الى اخرى بشكل مستمر منذ منتصف اذار، تواجه ازمة امدادات ابرزها انحسار المحروقات، الامر الذي وضع القيادة السورية في حال يائسة ارغمتها على اللجوء الى العراق "للحصول على مشتقات نفطية بأسعار مخفوضة". ولاحظت بسخرية ان المسؤولين السوريين "يتوددون الان (الى رئيس الوزراء العراقي) نوري المالكي، الذي كانوا في السابق يشككون حتى في شرعيته".

ويرى المسؤولون ان خطاب الاسد والمؤتمر الصحافي للمعلم أبرزا بشكل واضح عمق قلق القيادة السورية من العزلة الاقليمية والدولية التي تعانيها سوريا الان، بعد تفاقم الانتقادات الاميركية والاوروبية (والفرنسية تحديدا) لها، وبعدما فقدت حليفتها العربية قطر، وتكاد تجازف كليا بعلاقاتها المتشعبة والجديدة مع تركيا، وهي التي كانت من أبرز الانجازات الخارجية للرئيس الاسد.

وقال مسؤولون اميركيون إن هذا ما يفسر موقف تركيا الراهن، والذي يهدف الى الضغط على الاسد للتخلي عن بعض اقطاب النظام السوري الذين يستهدفهم غضب المتظاهرين السوريين، مثل ابن خاله رامي مخلوف، وشقيقه ماهر الاسد. ووفقا لهؤلاء المسؤولين لا يزال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يعتقد انه اذا قبل الاسد بشروطه، ومنها السماح للاسلاميين بالنشاط الحزبي في سياق قانون جديد للأحزاب الى اصلاحات أخرى، فانه يمكن ان يحافظ على نظامه بصيغة معدلة.
أما بالنسبة الى مواقف ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما من سوريا، فيقول المسؤولون الاميركيون إن ثمة اقتناعا واسعا في واشنطن بأن الاسد "حتى لو نجح في البقاء في السلطة في المستقبل المنظور"، لم يعد في الامكان "اعتباره قائدا فعالا يمكن التعامل معه". كما يرفض هؤلاء المقولة أو الاتهام الموجه الى ادارة اوباما بأنها لا تريد قطع شعرة معاوية المشدودة جدا مع الاسد، بحجة انها تفضل التعامل "مع الشيطان الذي نعرفه على الشيطان الذي لا نعرفه".

السابق
One way ticket
التالي
14 آذار في المعارضة: الخريف العـربي… وداعاً