اللواء: رفض عون لإدراج المحكمة في البيان يحرج بعبدا والسراي وحزب الله منشغل بالمناورات الإسرائيلية ··· والإتحاد الأوروبي يحذّر من تجاوز القرارات الدولية

تسعى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الى تمرير بيانها الوزاري في ظروف غير مؤاتية، لا محلياً ولا اوروبياً ولا دولياً، فضلاً عن غياب المظلة العربية، معتمدة على الكتمان من جهة، والاقتضاب من جهة اخرى، لئلا تتفجر القنابل الموقوتة في وجهها قبل انجاز البيان وجلسة الثقة·
وتفرض مناورات <تحول -5> الاسرائيلية اضافة الى احتدام الاشتباك السوري – الاوروبي – التركي على خلفية ما يصفه خصوم سوريا من اوروبيين واتراك <درجة مفرطة في استخدام القمع ضد المواطنين>، نفسها بقوة على المناخ السياسي و<حزب الله> على وجه التحديد، المنشغل بمراقبة الوضع في سوريا عن كثب، والمفترض ان تكون قيادته العسكرية، تجري بالتزامن مع المناورات الاسرائيلية، مناورات في مختلف مناطق الجنوب والبقاع، كما كان يحصل في السنوات السابقة، تحسباً لأية عملية غدر اسرائيلية تعيد خربطة الاوراق في لبنان وعموم المنطقة·

ويدرك الرئيس ميقاتي، الحريص على علاقات عربية متوازنة وعلاقات اقليمية تراعي مصالح لبنان، لا سيما بين ايران وتركيا، فضلاً عن عدم خلق اية تباينات مع الاتحاد الاوروبي او الولايات المتحدة، ان تدوير الزوايا لا يكفي وحده للسير على <الرمال المتحركة> خاصة وان المعارضة الجديدة الممثلة بقوى 14 آذار تقذف بكل كبيرة وصغيرة في وجه رئيس الجمهورية والحكومة، مثل ما حصل امس، عندما حمّل النائب السابق فارس سعيد، رئيس الجمهورية والحكومة مسؤولية ما وصفه الحالة المرضية للنائب ميشال عون، رافضاً محاولتهما التنصل مما يدلي به عون، محملاً اياهما ايضاً <مسؤولية تعزيز وضعه على رغم خطورة تهديداته>·

ورسمت المواجهة السياسية والاعلامية التي ارتفعت نبرتها بين عون وقوى 14 آذار، وتحديداً تيار <المستقبل> على خلفية مواقف عون الاخيرة، ورد مكتب الرئيس سعد الحريري عليها، ملامح مواجهة شرسة للمرحلة، قد تظهر اولى مفاعيلها العملية في جلسة مناقشة البيان الوزاري، المتوقعة في الايام الاولى من شهر تموز المقبل، فيما لو استمرت لجنة صياغة البيان على وتيرة العمل السريعة واليومية من دون معوقات·

وتشير المعلومات الى ان نواب المعارضة يحضرون عدة كاملة للعمل لشن اوسع هجوم على الحكومة التي يعتبرونها من صنع <حزب الله> وسوريا، التي نفت، امس، على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم اي علاقة لبلاده في تشكيلها، باعتبار ان لا وقت للرئيس بشار الاسد للتدخل في الشأن اللبناني، مردداً عبارة الرئيس ميشال سليمان، في أوّل جلسة لمجلس الوزراء بأن الحكومة صناعة لبنانية مائة في المائة>·

14 آذار ولفتت هذه المعلومات إلى أن قيادات 14 آذار تعتزم عقد اجتماع موسع قبيل جلسة الثقة، على غرار اجتماع <بريستول-2>، قد يُشارك فيه الرئيس الحريري، في إطار التحضير لمعركة مواجهة الحكومة في المجلس، حيث سيكون هناك حضور طاغ لنواب المعارضة، الا أن معلومات أخرى قالت أن وفداً من الأمانة العامة سيتوجه إلى باريس في غضون الايام المقبلة للقاء الرئيس الحريري مجدداً والذي فوّض قيادة تيّار <المستقبل> التنسيق مع فرقاء المعارضة في كل ما يتعلق بتحضيرات المواجهة التي تتطلب المزيد من رص الصفوف، وربما أحياناً التضحيات، على حد ما نقل عن لسان الحريري لوفد الأمانة العامة الذي زاره في باريس قبل أيام والذي ضم النائب مروان حمادة والنائبين السابقين فارس سعيد وسمير فرنجية·

وكشف مصدر مطلع على لقاءات باريس مع الرئيس الحريري أن الاجتماعات تمخضت عن الاتفاق على <تشكيل خلية مهمتها إدارة الموقف السياسي اليومي لهذه القوى في إطار المعركة المفتوحة مع حكومة حزب الله وسوريا في لبنان بغية اسقاطها>·

كما كشف المصدر أن قوى الرابع عشر من آذار بدأت ورشة تفكير مكثفة بشأن الصورة التي ستظهر فيها كقوة معارضة للمرة الأولى بعد انتخابات العام 2005 وذلك من خلال <منبر مجلس النواب خلال جلسة منح الثقة>·

ولفت المصدر إلى أن النقاشات الغنية الجارية تطال <تحديد عناوين المعركة السياسية المقبلة وكيفية التعامل معها بدءاً من موضوع ولادة الحكومة وسياقات هذه الولادة اكان السياق المحلي أي سلاح حزب الله وخيانات بعض النواب لأصوات ناخبيهم أو السياق الإقليمي، أي الدور السوري الحاسم في تسريع هذه الولادة>· كما يطال النقاش تحديد <طبيعة الموقف الذي سيتخذ من رئيس الجمهورية في ضوء المواقف التي يعتبرها البعض داخل قوى الرابع عشر من آذار انها تنم عن تناغم مفاجئ وملحوظ بين الرئيس سليمان وعون>·

وقال أن قوى 14 آذار تناقش عدداً من السيناريوهات التي ستعتمد في الجلسة وبينها ثلاث· إما المقاطعة التامة وإعلان هذه المواقف من خارج البرلمان وإما تحويل جلسة الثقة إلى مناسبة 14 اذارية تعيد ترسيم الموقف السياسي لها مع مغادرة قاعة المجلس لحظة التصويت وإما سيناريو ثالث يشبه الثاني مع حجب الثقة عن الحكومة·

وعلم أن اجتماعاً تناول بعض هذه العناوين ناقشته قيادات قوى 14 آذار في اجتماع ضمها ليل أمس·

البيان الوزاري اما بخصوص أعمال لجنة صياغة البيان الوزاري، فقد أكّد مصدر وزاري مشارك في اللجنة لـ?<اللواء> أن المناقشات اتسمت بالجدية والهدوء، وأن اللجنة انتهت من مناقشة مسودة البيان الوزاري التي قدمها الرئيس نجيب ميقاتي، لافتاً إلى ان رئيس الحكومة سيعمل على صياغة نص البيان بصيغته النهائية اليوم لنعود ونناقش النص معدلاً·

وكشف المصدر أن اللجنة لم تتطرق إلى موضوع المحكمة الدولية لأنها في الأصل غير موجودة في المسودة، موضحاً أن الرئيس ميقاتي قد وعد بتقديم نص لكنه لم يقدمه إلى الآن وعندما يحصل ذلك نناقشه·

وقال: <اذا انتهينا اليوم من مناقشة النص المعدل وإذا أصبح نص المحكمة جاهزاً يبقى أمام اللجنة جلسة أو جلستين على ابعد حد قبل رفع مشروع البيان إلى مجلس الوزراء>·

وأشار إلى أن كل وزير قدّم أفكاراً حول وزارته، ولم يتم التطرق إلى المواضيع السياسية في اجتماع الأمس·

ولفت إلى أن أحد الخيارات المطروحة لقانون الانتخاب الجديد هي النسبية، مؤكداً أن هناك مرحلة لوضع هذا القانون حددت قبل عام من حصول الانتخابات النيابية أي في العام 2012·

وأبلغ وزير آخر مشارك في اللجنة <اللواء> أن النقاش الذي استغرق زهاء 4 ساعات أمس، دار حول السياسة الاقتصادية للحكومة من خلال ما عرضه الوزراء من اقتراحات متصلة بعمل وزاراتهم، مشيراً إلى أن النقاش طال لأنه كانت هناك وجهتا نظر بالنسبة إلى هذه السياسة، انتهى إلى إقرارها، بالإضافة إلى توجهات الحكومة على الصعيدين الاجتماعي والانمائي·

أما بالنسبة إلى موضوع المحكمة، فقد أوضح الوزير الذي لم يشأ الكشف عن اسمه، أن البحث لم يصل إليه، ولم يتناوله الاجتماع لا من قريب ولا من بعيد، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة يحتفظ بنص جاهز عنده حول المحكمة يتضمن استجابة للواقع اللبناني وللمتطلبات الدولية، ولا سيما بعدما صدر عن مجموعة الدول الأوروبية التي اجتمع بها الرئيس ميقاتي أمس، من بيان أكد على <أهمية اعتماد هذه الحكومة على بيان وزاري يدعم التزامات لبنان الدولية، ولا سيما المتعلقة بالقرارين 1701 و1757 (الخاص بإنشاء المحكمة) وضرورة متابعة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عملها من دون عوائق وبتعاون السلطات اللبنانية>، مجدداً التأكيد على <الأهمية التي يعلقها الاتحاد الأوروبي على العمل المستقل والديموقراطي للمؤسسات اللبنانية>·

وبحسب المعلومات، فأن الدبلوماسيين الأوروبيين أبلغوا الرئيس ميقاتي، بما يشبه طلباً بالغ الأهمية أهمية تضمين البيان بنداً واضحاً لا يحتمل اللبس، يؤكد الالتزام الجدي بالمحكمة والقرارات الدولية، بعد توارد معلومات إلى حكومات هذه الدول تؤشر إلى إمكان عدم ذكر المحكمة بالشكل المناسب، خصوصا بعد مواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والنائب عون اللذين سبق ان ابلغوا رئيس الحكومة اعتراضهما على ذكر المحكمة في البيان، باعتبار ان اي نص مهما كان ملتبساً او <حمال أوجه> هو بمثابة اعتراف بها·

وكشفت معلومات خاصة بـ <اللواء> ان ممثلي <حزب الله> وعون، كانوا ناقشوا هذا الموضوع، مع الرئيس ميقاتي، مؤكدين تحفظهم على ايراد اي اشارة الى المحكمة، لسبب ابلغوه صراحة لرئيس الحكومة، وهو ان حكومة الوحدة الوطنية <طارت> بسبب هذه المحكمة، ولذلك لا يجوز للحكومة التي جاءت بعدها ان تتبنى نصاً لحكومة سقطت من اجله، وانه اذا كان لا بد من نص يجنب الرئيس ميقاتي الاحراج فليكن باستبدال المحكمة بعبارة <العدالة والحقيقة>·

وتضيف المعلومات، انه لهذا السبب تجنب الرئيس ميقاتي او اختار ابقاء الفقرة الخاصة بالمحكمة خارج مسودة مشروع البيان، وتركها لاتصالات يجريها مع المعنيين، ولا سيما مع الرئيس بري وعون و<حزب الله>، بالتوازي مع اجتماعات اللجنة للتوافق على صيغة توازن بين التزامات لبنان الدولية واستقراره الداخلي·

ولم تستبعد هذه المعلومات احتمال الوصول الى مخرج يقضي باحالة بند المحكمة الى هيئة الحوار الوطني، باعتباره نقطة خلافية، جانب موضوع السلاح، على الرغم من انه سبق لهيئة الحوار ان اقرت بند المحكمة بالاجماع في اول جلساتها في العام 2006، قبيل حرب تموز، مشيرة الى ان الدخول الاوروبي على خط مناقشات البيان الوزاري أرخى بثقله على اللجنة، خصوصاً وان الطلب الذي قدمه السفراء الاوروبيون حمل لهجة لا تخلو من التحذير·

وقالت ان المعضلة تكمن في ان قيادتي حزب الله وعون ومعهما الرئيس بري لم يوافقوا على اقتراح ميقاتي تأكيد الحكومة في بيانها <الالتزام بكل القرارات الدولية، بما فيها قرار المحكمة، مع اقران ذلك بشرط عدم اضرار هذا الالتزام بمصلحة واستقرار وامن لبنان·

ورجح مصدر وزاري ان يصار نتيجة هذه الاتصالات الى توافق على صيغة انشائية تحفظ ماء وجه الرئيس ميقاتي ضمن طائفته، معربا في الوقت عينه عن ثقته بأن الصيغة ستغلب في نهاية المطاف كفة العدالة على كفة المحكمة، بمعنى انه حتى ولو ذكرت المحكمة بالاسم فستكون مقرونة ومشروطة بمفردة العدالة·

السابق
(البناء)
التالي
هل يملك الغرب تصوراً لما يريده من سورية؟