سورياهم تابعة وسوريانا سيدة

لم تكن مسيرات التأييد العرمرمية الحاشدة، التي قام بها المواطنون السوريون في معظم المحافظات يتيمة، وأغلب الظن أنها ستعمّ الجمهورية بأسرها لسبب جوهري عنوانه النهج الممانع، والكرامة القومية، والسيادة الوطنية، والسياسة الحكيمة، والاقتصاد الانتاجي، والأمن والاستقرار الموفوران في المدن السورية، حتى خلال هذه الأزمة، أكثر من بعض المدن الأميركية التي تنتشر فيها الجريمة المنظمة وتسبح المافيات الكبرى وتعمّ «ديمقراطية» الغاب وأوبئة الحداثة اللاإنسانية.

المسيرات السورية لم تَلْفِتِ الولايات المتحدة الأميركية ولا حلفاءها الأوروبيين، كما أن الدعم الشعبي الكاسح الذي يحظى به الرئيس بشار الأسد لا تراه العين المجردة… الحولاء، لأن ما تراه واشنطن وتل أبيب هو البنْية النووية الافتراضية في سورية. ولذا يجري اختراع ملف «نووي» للابتزاز الساديّ المكشوف، الذي يمارس التعتيم الاعلامي الكامل على المنشآت النووية «الإسرائيلية» المقامة أصلاً بقرار أميركي وتغطية انحيازية شبه إجماعية من دول المعايير المزدوجة الفضّاحة التي لا تقيم وزناً للحقيقة ولا للقيم ولا للصدق ولا للانسانية ولا لشرعة الأمم المتحدة. لذلك ينام القادة الغربيون عن الشوارد النووية «الإسرائيلية» لأن هذا النوم من «عدّة الشغل» المطلوبة في السياسة الدولية المنحازة وفي لعبة الأمم. هم يريدون سوريا كياناً تابعاً. والشعب السوري ـــ شعبنا يريدها أُمّ السيادة كما كانت أُمَّ الحضارة.

لقد صَدَقَتِ المستشارة الاعلامية والسياسية للرئاسة السورية أن بلادها لا تطلب رأي أحد من الخارج في الداخل السوري، وأن دمشق غير معنية بتقديم كشْف حساب عن أعمالها وخططها لتثبيت الإنجازات والتقدم نحو إنجازات جديدة. لكن التساؤل الذي يقفز إلى الذهن ويتضمن بين طياته جوابه هو: ألا يعرف الأميركيون أو نُخَبهم على الأقل أن معظم رؤسائهم هم أقل ميلاً إلى الإصلاح وأبعد مسافةً عن الشعب من الرئيس السوري، الاصلاحي بامتياز والشعبيّ بتفوق والملمّ بتفاصيل بلاده وحياة شعبه أفراحاً وأتراحاً؟ أليس هو الرافل بالسيادة، بينما يتعثر الآخرون بالتبعية؟

إنهم ـــ قطْعاً ـــ عارفون لكنهم متجاهلون. والمعرفة تحتاج إلى الأخلاق ليتاح تطبيقها. وحتى يحين موعد الموحيات الأخلاقية على فاقديها ستظل سورية دولة مقاومة، ذات سيادة، متشبثة بحقوقها الثابتة في الوحدة الداخلية، والأمن والأمان، والنهوض والازدهار، وتحرير الأرض المغتصبة، والتطلع إلى المدى الأرحب من المستقبل:
حماةَ الديار عليكم سلامْ
أَبَتْ أن تُذَلَّ النفوس الكرامْ

السابق
بري: جلسة الثقة الأربعاء إذا تسلّمتُ البيان الوزاري السبت المقبل
التالي
ما بين الأعناق والأعماق