أضعف الإيمان – «الحريرية» خروج بلا عودة؟

طوال تاريخ لبنان السياسي، كان حكم الوزارة بإرادة سنية كاملة. اليوم وجد السنّة أنفسهم في المعارضة، وأصبح «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» يتفضلون عليهم بمقاعد الوزارة. هذا التغيّر التاريخي أربك بعض السنّة، فاستعار بعض نواب «تيار المستقبل»، لغة المعارضة السابقة. واستبدل الوخز، و «فشة الخلق»، بالعمل السياسي، وبات يتصرف بطريقة تنافي تقاليد الطائفة، وأهداف ما كان يسمى «الموالاة».

تطرف خطاب جماعة «14 آذار» مؤشر الى حال ارتباك، فضلاً عن أن بعضها يتصرف باعتبار الحكم ملكية مطلقة، وهو غير مصدّق انه اصبح خارجه. وعوضاً عن تطوير موقع المعارضة وخطابها، ونقلها من دور التعطيل و «المماحكة» والتوتير، نجد انه استعار اساليب أسلافه، وتخلى عن بناء حالة لبنانية تستهدف حل مشاكل المواطن، وتحويلها الى اداة ضغط، وبات يتصرف على طريقة من اغتصِب حقه. ومثلما تلبس بعض نواب «الحريرية» دور المعارضة القديمة في تكريس الاصطفاف الطائفي والمذهبي، نجده يسعى اليوم إلى إفساد نهج الحكم، من خلال تحريض أصحابه الجدد على ممارسة السلوك عينه.

الأرجح ان حال الاستفزاز التي تتحكّم بتصرف بعض أركان المعارضة الجديدة، ناتجة عن خشيته من معاودة تشكيل طبقة «السنّة السياسية» التي احتُكِرت منذ العام 1998. فالظروف السياسية التي تمر بها سورية والمنطقة، ربما تعفي حكومة نجيب ميقاتي من التزامات محلية وإقليمية ما يسمح لها بالاستمرار، وكسب ثقة اللبنانيين، وجماهير الموالاة السابقة، ما يعني بالتالي استمرار ابتعاد اركان نظام «الحريرية» الخاسر، وخلق حضور سنّي جديد في الحكم، فضلاً عن ان القدح في زيادة تمثيل سنّة الشمال، على حساب سنّة بيروت وصيدا، أثار جدلاً مناطقياً، غير معروف سابقاً بين ابناء الطائفة. وهو يمكن ان يُستثمَر ضد «تيار المستقبل»، ويسمح للغبن المكبوت، بسبب الاحتكار، بالخروج من الصدور الى الألسنة.

لا شك في ان تقاليد الطائفة السنّية لم تعتد صورة السياسي الذي يستبدل الهزيمة بالأمل والثقة بالنفس، وإذا استمر بعض «تيار المستقبل» في حال الارتباك، والإصرار على الاحتكار، فإن عبارة رئيس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، عن خروج بلا عودة لـ «الحريرية» ستتحقق.

السابق
الانباء: 14 آذار التقت الحريري في فرنسا وجنبلاط يحذّر من تصفية الحسابات مع سورية
التالي
سوريا: أزمتا المعارضة والخارج