المجلس النسائي يردّ اعتبار غيابه عن الحكومة

إذا نجح «المجلس النسائي اللبناني» في خطوته «العاجلة»، كما وصفها، التي سيردّ بها على تغييب النساء عن التشكيلة الحكومية، فقد يصحّ القول «ربّ ضارّة نافعة». ذلك أن الردّ «العملي والسريع» الذي صوّتت له «الحركة النسائية» إثر اجتماعها أمس كان مطالبة الحكومة بتضمين بيانها الوزاري الفقرتين الآتيتين:

أولاً: «تحقيق المساواة بين المواطن والمواطنة، وترسيخ القيم الديموقراطية في العائلة والمدرسة والمجتمع»،

وثانياً «إلغاء التمييز في القوانين اللبنانية، وإقرار القوانين التي تطالب بها منذ سنوات إلى اليوم، ومنها الكوتا النسائية 30% في المجلس النيابي والمجالس البلدية عند تعديل قانون الانتخابات، قانون العنف ضد المرأة، وقانون الإعلام والإعلان والحضانة، والمساواة في قوانين الضمان الاجتماعي والاقتصادي».

التزام الحكومة بهاتين الفقرتين، قد يغني عملياً عن وجود وزيرات في الحكومة يأتي بهنّ زعيم الطائفة أو العشيرة، كما عبّرت إحدى الحاضرات. السيدة التي كانت آخر المتحدّثات العشرين خلال الاجتماع، قالت للسيدات الغاضبات لأن السياسيين لم يعيروهنّ اهتماماً: «انظرن إليهم. إنهم يتشاجرون على منصب وزير دولة. ماذا سنستفيد إذا اختاروا عشر وزيرات، كلّهن سيأتون بهنّ من عشائرهم؟». وتوجهت بالحديث إلى الوزيرة السابقة منى عفيش، التي كانت مشاركة في الاجتماع، وأبدت استعدادها لدعم المجتمِعات في الخطوات التي يقرّرن السير بها: «ما «تواخذني» الوزيرة عفيش، لكنها كانت تقول لي الآن إنه لم يكن عندها مكتب. ما جدوى وجودها في الحكومة؟ الاسم والمنصب ليسا مهمَّيْن، المهم هو المشاركة في السلطة التنفيذية».
الفكرة نفسها عبّرت عنها سيدة أخرى: «الوزير يأتي ويذهب، القوانين هي الثابتة. علينا أن نطالب بالثوابت، أن تكون عيننا على قانون الانتخابات وعلى التعيينات الإدارية».

السيدات يدركن هذه الحقائق، لكنهن يدركن أيضاً أن الفساد السياسي والطائفي في لبنان لا يلغي حقهن في المشاركة السياسية، وفي أن يكنّ في الحكومة كما في مجلس النواب. لذلك أكّدت رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية ليندا مطر أهمية الاجتماع الذي عقد أمس، من خلال القول: «نحن لا نستجدي مواقع من أحد، نحن نستنكر ونسجّل موقفاً، نخبر السياسيين أن عليهم أن يخجلوا من أنفسهم» تقول. والاستنكار يعني موقفاً حاسماً يتمثل مبدئياً في الرسالة التي استقرّ رأي المجلس على توجيهها إلى الرؤساء الثلاثة، إضافةً إلى لجنة صياغة البيان الوزاري.

اقتراحات أخرى ناقشتها المجتمعات، كان أبرزها توقف النساء عن العمل خمس دقائق احتجاجاً على الطريقة التي عوملت بها المرأة. وقد أُلّفت لجنة لتطوير هذا الاقتراح، إذ قد يشمل المواطن والمواطنة، وقد يأتي على شكل احتجاج في الساحات العامة مع إطلاق أبواق السيارات. هذا الاقتراح الذي قدّمته حياة أرسلان، بدأته بمطالبة نصف وزراء الحكومة بالاستقالة إفساحاً في المجال أمام النساء.

من الأفكار التي طُرحت تنظيم اعتصام أمام مجلس الوزراء، أو خلال جلسة الثقة، لكن البحث فيها تأجل في انتظار نتائج الخطوات الأولى «وكي لا ندعو إلى اعتصام من دون أن نكون واثقات من قدرتنا على إنجاحه، فنفشل» تقول شعراني، وخصوصاً أن الحضور في اجتماع الأمس لم يأت على قدر التوقعات. فمن أصل نحو 1500 دعوة وزّعت على مختلف منظمات المجتمع المدني وفعالياته ووسائل الإعلام للتداول في وضع خطة لمواجهة تغييب المرأة في تأليف الوزارة الجديدة، لم يلبّ الدعوة أكثر من 100 شخص، من بينهم رجلان فقط.

مقاطعة الانتخابات النيابية؟

لم تكن الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة مجرد اقتراح عابر على لسان سيدة واحدة طلبت الكلام، بل كرّرته أكثر من مشاركة في اللقاء أمس، حيث ألقيت مواقف من قبيل: «علينا أن نقاطع كلّ لائحة لا تتضمن مرشحات نساء»، «إذا لم يتضمن القانون الانتخابي كوتا نسائية يجب أن نقاطع»، هذا على الرغم من محاولة رئيسة المجلس النسائي اللبناني أمان شعراني إعادة الحوار إلى موضوعه الرئيس «اقتراحات مباشرة للردّ على تغييب السيدات عن التشكيلة الحكومية الحالية».
يذكر أنّها ليست المرة الأولى التي تشهر فيها السيدات مقاطعة الانتخابات سلاحاً سياسياً للمطالبة بحقوقهن، وإن كنّ لم يمارسنه يوماً. فهل يكنّ جديات هذه المرة؟

السابق
54% معدل الإشغال في بيروت خلال 14 عاماً
التالي
الكلاب تقرأ أفكار أصحابها!