الحريري خارج السمع.. والسنيورة يتصدَّر المواجهة

لم تكن إطلالة رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة الأخيرة من مدينة صيدا سوى إعلان بداية عهد جديد لتيار المستقبل في الحياة السياسية يتربع السنيورة فيه وحيداً في قمرة القيادة، من دون المشاركة الميدانية للمرة الأولى لرئيس الحكومة السابق سعد الدين الحريري الخارج عن السمع والموجود حالياً في فرنسا.

فور تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي استحضر لقاء سياسي على عجل ليحاضر فيه السنيورة، وليكون بمثابة نقطة الانطلاق لخطة عمل السنيورة الجديدة ودوره الجديد في قيادة تيار المستقبل، والتي من المتوقع أن تعمم هذه اللقاءات على كل المناطق التي يتواجد فيها تيار المستقبل، تمهيداً لإعادة استنهاض القاعدة الشعبية بعدما أصيبت بخيبات عديدة كان آخرها الخروج المدوي لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري من القصر الحكومي بالإسقاط للمرة الأولى في تاريخ نادي رؤوساء الحكومة .

ورسمت إطلالة السنيورة الذي كان قد زار الولايات المتحدة الأميركية في أوائل شهر أيار المنصرم لوضع اللمسات الأخيرة على مستقبله الجديد، العناوين السياسية المتجددة لحركة «المستقبليين» في ظل غياب الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري عن الحضور، وإن كان دم الرئيس الراحل رفيق الحريري هو العنوان الثابت لدى التحركات الاستنهاضية لتيار المستقبل، إلا أن العودة إلى نغمة التحريض المذهبي بطرق مختلفة شكلت مرتكزاً للمواقف السياسية الجديدة للعهد السنيوري.
أما موقف تيار المستقبل الذي أعلنه السنيورة من الأحداث التي تجري في سورية فكان الأخطر على كل المستويات عندما قال «إذا كنا قد رددنا وأعلنا سابقا اننا لم ولا ولن نتدخل في الأحداث الجارية في سورية، التي نحترم توق مواطنيها الى الحرية والاصلاح فإننا نلفت عناية من يعنيهم الأمر، الى أن كَمَّ الأفواه والانحياز واستعمال القوة لن نوافق عليه، فلبنان كان وسيبقى بلد الحريات واحترام حقوق الإنسان ولن نسمح بتحوله أداة للقمع وفرض الرأي والتضييق على الآخرين». يطرح تساؤلات كبيرة وعديدة عن دور تيار المستقبل في تلك الأحداث أكان من جهة تقديم الدعم المادي أو المعنوي للقوى والحركات المناوئة لسورية.

لم يكتف السنيورة بتلك الإطلالة من أجل تثبيت موقعه الجديد بل تعداه إلى سلسلة إجراءات تنظيمية ومالية قام بها داخل تيار المستقبل، منها إعادة صرف قسم من الميزانيات المادية لعدد من مسؤولي المنسقيات وبعض الكوادر بالإضافة إلى تشكيل بعض اللجان الاستشارية له في المناطق.

علامات الرضا على وجه آل الحريري كانت بادية لتسلم السنيورة دفة القيادة، لا سيما بعد إخفاقات الرئيس السابق سعد الدين الحريري السياسية والمالية، من أجل تخطي هذه الإخفاقات والتي خلفت في ثنايها إشكالات عائلية حريرية . فضلاً عن عدم وجود أي اسم ضمن «البيت الحريريّ» قادر على تسلم زمام الأمور.

برأي أحد المصادر السياسية المتابعة لمسيرة آل الحريري السياسية لم تكن هذه الإخفاقات وحدها هي التي أقصت الحريري الإبن عن قيادة التيار سياسياً، ولا حتى التنازلات السياسية التي قدمها الحريري لسورية لدى تراجعه عن اتهامها بمقتل أبيه.
ويضيف: «هنا يبرز التساؤل بقوة هل أصبحت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية على قناعة بأن سعد الدين الحريري ليس رجل المرحلة وإنما فؤاد السنيورة هو الأقدر على تحمل المسؤولية».
ويتابع المصدر: ربما يكون اختيار السنيورة لهذه المرحلة نابع من تجارب عديدة أبرزها «صمود» السنيورة في القصر الحكومي، كما يعتبر بأنه الأجرأ على التفاخر بموقفه المنحاز والمتناغم مع مصالح الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية في المنطقة كما حصل في مؤتمر الخرطوم في العام 2006.

السابق
اللواء: ميقاتي يطمئن العرب لمصير المحكمة … ويكثّف إتصالاته مع حزب الله وبري
التالي
البناء: الأسد يدفع الإصلاحات إلى أيلول ويرفض الإتفاق مع المسلحين