السفير: فتـوى لبـنانيـة ـ دوليـة للمحكمـة والميقاتي أسعى لطرابلس منزوعة السلاح

تجاوزت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بنجاح الاختبار الاول الذي خضعت له بالذخيرة الحية، وتحولت تجربة طرابلس، التي أُريد لها ان تحرق اصابع الحكومة ورئيسها، الى معمودية نار لهما.
وفي حين عادت الحياة الطبيعية الى نقاط التوتر في عاصمة الشمال، تناقش اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري، خلال اجتماعها غداً، مسودة بيان وضعها الرئيس نجيب ميقاتي، فيما سجلت إشارات إيجابية الى احتمال إيجاد معالجة قريبة لمسألة استقالة الوزير طلال إرسلان، وخصوصا بعد الاعتذار الذي قدمه الى رئيس الحكومة.
ويُتوقع ان يعقد اليوم أول اجتماع وزاري ـ أمني برئاسة ميقاتي للبحث في الخطوات الميدانية التي تم إنجازها شمالا وتلك التي ستنفذ تباعاً، وهو سيضم وزيري الدفاع والداخلية وقائد الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي.
وبينما افادت المعلومات ان الجيش إضطر الى سحب وحدات من الجنوب لإحكام قبضته على الوضع في طرابلس، أكد وزير الداخلية مروان شربل لـ« السفير» انه تم ضبط الارض في المدينة، مشيراً الى ان هناك قراراً سياسياً كبيراً وجدياً بمنع التفجير الأمني فيها، لأن أي «خربطة « من هذا النوع ستحمل الكثير من المعاني والدلالات.
ميقاتي: لماذا أثارهم كلامي؟
في هذا الوقت، قال الرئيس ميقاتي لـ«السفير» إن الوضع في طرابلس بات تحت السيطرة، مشيراً الى ان الجيش اللبناني يؤدي دوره كاملا على الارض بالتعاون مع قوى الامن الداخلي. وأكد ان لا تفرقة بين جبل محسن وباب التبانة، مضيفا: لا مساومة بتاتاً على السلم الاهلي والأمن.
وأكد انه يؤيد ان تكون طرابلس مدينة منزوعة السلاح، قائلا: هذا ما أسعى اليه وهذا هو طموحي من الاساس، وبالتالي فإن من يعتقد انه يسجل عليَّ نقطة من خلال هذا الطرح هو مخطئ وواهم.
وحول مطالبة تيار المستقبل له بتوضيح كلامه حول دور المعارضة في أحداث طرابلس، قال: لقد تعمدوا اجتزاء كلامي في طرابلس لافتعال قضية ليست موجودة.. أنا لم أتهم تيار المستقبل أصلا وليس من طبعي ان أوجه اتهامات الى أحد من دون أدلة، وهذا ما يستخلصه بشكل جلي كل من تابع مؤتمري الصحافي، وأنا لا أعلم لماذا أثارهم موقفي بهذه الطريقة، وفي كل الحالات لن أدخل في جدال بهذا الصدد.
وعلمت «السفير» ان ميقاتي، الذي التقى مساء امس الاول، المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، التقى ايضاً رئيس فرع المعلومات في قوى الامن العقيد وسام الحسن، وكانت تعليماته للرجلين «ان الامن خط احمر، وانه لا بد للقوى الامنية والعسكرية ان تأخذ دورها كاملا في بسط الاستقرار في كل احياء طرابلس، وان لا تمييز بين حي باب التبانة وجبل محسن، كما لا تمييز بين مواطن طرابلسي وآخر».
بري: فرصة كبرى
من ناحيته أبلغ الرئيس نبيه بري «السفير» انه من حسنات الحكومة
الجديدة انها أمسكت سريعاً بالوضع الامني في طرابلس ومنعت تفاقمه بفعل القرار السياسي الحازم الذي أعطي للجيش كي يضرب بيد من حديد، مشيرا الى انها لو لم تكن قائمة، لكانت الاشتباكات قد استمرت وقتا أطول.
واعتبر ان امام هذه الحكومة فرصة كبرى لتحقيق إنجازات هامة، على مختلف الصعد، داعيا الى تركها تعمل بدلا من التلهي بسجالات لا طائل منها. ورأى ان الحكومة لن تمارس الكيدية والتشفي بحق خصومها، بل هي لكل لبنان، ولن تميز بين مواطن وآخر، لافتا الانتباه الى ان القانون يجب ان يكون المعيار الوحيد في تعاملها مع كل الاطراف وكل الملفات. ودعا الى فتح كل ملفات الفساد من دون استثناء، مبديا الاستعداد لفتح دفاتر مجلس الجنوب، وإذا وجدوا شيئا مخالفا للقانون، فلتأخذ العدالة مجراها.
جنبلاط: الحماية بالحوار
وقال النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» انه تم تجاوز قطوع طرابلس بفعل الاستدراك السريع من قبل القيادات التي أدركت خطورة الموقف، ولكن من دون الوصول الى حوار جدي بين كل الاطراف فأنا أخشى من ان يبقى الوضع معرضا للاهتزاز.
وأضاف: بعد إنجاز البيان الوزاري، ينبغي ان نعود الى طاولة الحوار الوطني الذي وحده يمكن ان يحمينا من الانزلاق الى الفتن والاضطرابات.
وتابع: من حيث المبدأ، الحكومة هي المكان الطبيعي للحوار، لكن، وبما انهم يدّعون انها حكومة لون واحد، فإنه من الممكن إعادة إحياء طاولة الحوار لمناقشة كل الهواجس والامور الخلافية، أما سلاح المقاومة، فمن المفترض البحث في استيعابه داخل الدولة في الظرف المناسب، بعد تحرير الارض من الغجر الى شبعا وكفرشوبا.
البيان الوزاري
الى ذلك، تعقد اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري اجتماعاً ثانياً لها غداً، لمناقشة مسودة بيان، وضعها الرئيس ميقاتي ويُفترض ان يوزعها اليوم على الوزراء أعضاء اللجنة، ليتسنى لهم تحديد ملاحظاتهم عليها.
وقال ميقاتي لـ«السفير» انه وضع أمس اللمسات الاخيرة على مشروع البيان، مشيرا الى انه سيقترح فيه مقاربة معينة لمسألة المحكمة الدولية، كي ينطلق النقاش منها، «ولكنني لن أفصح عنها احتراما لسرية المداولات، ومنعا لاستباق الصياغة النهائية».
وعلمت «السفير» أن ميقاتي وبالتشاور مع الوزير علي حسن خليل ومع المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل والوزير غازي العريضي والوزير شكيب قرطباوي، وضع صيغة للفقرة المتعلقة بالمحكمة، من شأنها أن ترضي مكونات الأكثرية من جهة وتطمئن فريق المعارضة من جهة ثانية، وتنتج صدى ايجابيا عربيا ودوليا، بالنظر الى أهمية هذه الفقرة وحساسيتها.
وأكد الرئيس بري لـ«السفير» انه يشجع الاسراع في صياغة البيان الوزاري، آملا في الانتهاء منه في موعد لا يتجاوز نهاية الشهر الحالي، للتعويض عن التأخير الكبير في تشكيل الحكومة.
ورداً على سؤال عما إذا كان يتوقع عودة معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» الى البيان الوزاري، أجاب: هذه المعادلة باقية باقية باقية، إلا إذا وجدنا ما هو أفضل منها، والأرجح اننا لن نجد أفضل منها، لأنها معادلة واقعية وموضوعية ويجب التمسك بها، إذ هناك بالفعل ترابط عضوي بين الجيش والشعب والمقاومة، وكل دائرة من هذه الدوائر تتكامل مع الاخرى.
وبينما تتصدر التعيينات الادارية جدول أولويات الحكومة الجديدة، بعد نيلها الثقة، عُلم ان البيان الوزاري سيعيد التشديد على آلية التعيينات التي أقرها مجلس الوزراء السابق برئاسة الرئيس سعد الحريري، منعاً للعودة بالنقاش حول هذا الامر الى نقطة الصفر.
إعتذار ارسلان
الى ذلك، علمت «السفير» ان الاعتذار الذي قدمه النائب طلال إرسلان عن تهجمه الشخصي على الرئيس ميقاتي، فتح الطريق امام معالجة استقالته من الحكومة، ويبدو ان خيار عودته اليها قد ارتفعت اسهمه في الساعات الاخيرة، حيث سجل تحرك لـ«سعاة الخير» في هذا الاتجاه، وعلى أكثر من خط، وسط بروز مؤشرات أولية الى احتمال نجاح هذا المسعى.
ورحبت اوساط ميقاتي بموقف ارسلان، مكتفية بالقول: الاعتراف بالخطأ فضيلة، ومن الجيد ان الوزير ارسلان عاد الى ثوابت وأدبيات الأمير مجيد رحمه الله.
وإذا تعثرت عودة إرسلان، فإن حقيبة الدولة ستُسند الى مروان خير الدين، بعدما سبق ان تبلغ الاول من عين التينة ان النائب أنور الخليل لم يعد يعترض على توزير خير الدين.

السابق
حمّل الحزب العربي الديموقراطي مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية في طرابلس فيقول زهرمان الشارع الطرابلسي يغلي نتيجة ممارسات حزب الله
التالي
14 آذار: ضائقة شعارات