اللواء: ميقاتي في مواجهة القرار الإتهامي بقرار حكومي ملزم

لا يمكن وصف الخلاف المتوقع حول صياغة هيكلية البيان الوزاري، والذي شهدته اول جلسة للجنة الوزارية، والتي ضمت بطريقة استنسابية وزيرين اليها، الا انه يأتي في سياق لعبة طويلة من <عض الاصابع> بين <الكوكتيل السياسي> الذي أتى بالحكومة، على وقع اخطر انقسام داخلي، وفي ظل غياب دعم عربي منشود ووسط تلويح دولي بفرض حظر اقتصادي ومساعدات على لبنان، وعلى خلفية ضغط <الجيوبولتيكا> على المحيط اللبناني، سواء من الشمال، حيث تشكل الاحداث في تركيا علامة تأثير مباشر على صناعة السياسة المحلية في لبنان، او من الجنوب حيث دفعت اسرائيل مناورات <تحوّل -5> الى الواجهة في توقيت مريب، لم تقنع معه محاولات التطمين الاسرائيلية من ان تلك المناورات ليست موجهة ضد لبنان وسوريا·
وفيما يتصدى الرئيس نجيب ميقاتي وفريقه الوزاري الى جانب فريق الرئيس ميشال سليمان بدفع الشبهة عن الحكومة، ومحاولة تلميع الصورة الباهتة التي سبقت ولادة الحكومة الحالية وتلاحقها، بالتأكيد انها ليست كيدية ولا انتقامية ولا استئثارية، وليست في مواجهة مع المجتمع الدولي ولا العربي ولا مع المعارضة اللبنانية، يعكف فريق <حزب الله> على تركيز جهوده لمواجهة اية تطورات خطيرة تأتي من جبهة الجنوب او من جبهة الشمال·

وفي حين يراجع الرئيس نبيه بري تجربته في توليد الحكومة على <أريكة> تشبه استراحة المحارب، مراجعاً الانتقادات الوفيرة للتضحية بوزير شيعي لحساب وزير سني، هو فيصل عمر كرامي الذي وصفه عمه معن في مؤتمر صحفي شكل انقساماً داخل العائلة الكرامية، بانه <الوزير الشيعي السادس>، يكثف النائب ميشال عون مع فريقه الوزاري تحضير ملفات مالية وقضائية وادارية لفرضها على جدول البيان الوزاري وجلسات مجلس الوزراء، قبل الثقة بالحكومة وبعدها·

وفي هذا الخضم بدا الرئيس ميقاتي وهو يعلن الخطوط العريضة لسياسة حكومته عبر شاشة L.B.C ليل امس متعباً، وكأن الحكومة على ابواب عامها الثاني، ضارباً اخماساً بأسداس حول اية خطوة تكون الانفع على قاعدة المعالجة بالصدمة، قبل ان يداهمه استحقاق القرار الاتهامي وكامل ملف المحكمة الدولية·

ميقاتي ومع انه رفض استباق هذا القرار المتوقع صدوره في نهاية الشهر الحالي، إلا ان الرئيس ميقاتي اعلن انه حيث يصدر القرار تجتمع الحكومة وتأخذ القرار المناسب بهذا الموضوع، بما يؤكد التزامات لبنان الدولية، وفي الوقت نفسه السلم الاهلي فيه، في اشارة الى ما يمكن ان يحمله من اتهامات او تسمية اشخاص محددين، لكي يكون القرار الاتهامي ملزماً للجميع·

لكن اللافت ان رئيس الحكومة نفى ان يكون لديه اجندة زيارات خارجية الى اية دولة عربية او غربية، باستثناء إشارته إلى زيارة تركيا بعد الثقة، مؤكداً استعداده لزيارة القطبين الشمالي والجنوبي من أجل خلاص لبنان·

وأوضح أن زيارته للمملكة العربية السعودية كانت فقط من أجل تأدية العمرة، ولم يتسن له الوقت للاتصال بأي مسؤول، باستثناء شكر المراسم الملكية على الرعاية والخدمة المميزة له، لافتاً النظر إلى أن الاتصال بالمسؤولين السعوديين دائم وضروري، ويخطئ من يظن انه يمكن أن يكون هناك رئيس للوزراء في لبنان من دون علاقة جيدة مع المملكة العربية السعودية، لأنها دائماً في القلب، مشيراً الى أن علاقته بالرئيس سعد الحريري لها طابعان: شخصي، حيث لا يوجد اي حقد أو ضغينة، وسياسي، حيث له الحق في ان يكون في المعارضة لانها ضرورية لإصلاح اي أمر في الحكم، لافتاً الى انه عندما دخل السراي في العام 2005 كان ظل (الرئيس الشهيد) رفيق الحريري موجوداً في المكتب، لكن الأمر بات مختلفاً، وكان هناك شعور بالرهبة مذكراً بالشعار الموجود على باب السراي: <لو دامت لغيرك لما آلت اليك>·

وأشار إلى أن تشكيل الحكومة هو أفضل من الفراغ، نافياً القول بأن الاتصال الذي تمّ بين الرئيس سليمان والرئيس بشار الاسد هو الذي أدى إلى تسريع الولادة، مقسماً بأنه شكّل الحكومة مساء الأحد، وانه أبلغ الرئيس سليمان في اليوم التالي أي الاثنين بأنه لن يخرج من القصر قبل تأليف الحكومة، واصفاً اتهام فريق 14 آذار بأن الحكومة سورية، بأنه مثل المثل اللبناني الشائع: <عنزة ولو طارت>

· كاشفاً <بأن الحكومة ستطرح موضوع التجديد لحاكم مصرف لبنان في اول جلسة بعد نيلها الثقة، لكنه رفض الكشف عن سبل معالجة استقالة الوزير طلال ارسلان، معتبرا ان الكلام الذي قاله في حقه <غير لائق بهذا البيت السياسي العريق>، متسائلا عما اذا كانت هناك اي مادة في الدستور تنص على ان الحكومة اللبنانية تعتبر مستقيلة في حال سقط اي نظام مجاور، وذلك في اطار تعليقه على مسؤول يربط بقاء الحكومة ببقاء النظام السوري·

اول صدام في اللجنة اما في شأن ضم الوزيرين جبران باسيل ووليد الداعوق الى لجنة صياغة البيان الوزاري، فقد اوضح الرئيس ميقاتي ان عضو اللجنة الوزير شربل نحاس اقترح انضمام الوزير باسيل، فيما بادر احدهم باقتراح ضم وزير الاعلام ليكون مقررا للجنة، مشيرا الى انه اتصل بالرئيس سليمان وبحث معه الموضوع، فوافق رئيس الجمهورية من دون حاجة الى عقد مجلس الوزراء·

وعلمت <اللواء> ان اللجنة شهدت في اولى جلساتها امس نقاشا مستفيضا في شأن ما اعتبره عدد من الوزراء استبعاد وزير الطاقة والمياه عن عضويتها، انتهى الى قرار ضم كل من باسيل والوزير الداعوق·

وقال مصدر واسع الاطلاع لـ <اللواء؛ ان هذا النقاش الذي اتسم بوجه من وجوه الحدية، معطوفاً على نقاش أقل حدية شهده اجتماع الحكومة اول من امس، بدا انه بمثابة استمرار للتوتر في العلاقة بين رئيس الحكومة وافرقاء من قوى الموالاة، كتكتل الاصلاح والتغيير·

وتحدث عما سماه <تذبذب في عامل الثقة> بين اكثر من فريق داخل الحكومة، هو بمثابة <استمرار مقنّع للعلاقة غير الصحية التي شابت مرحلة ما قبل تشكيل الحكومة، ولا سيما بين الرئيس ميقاتي و<تكتل الاصلاح والتغيير>· واشار الى ان هذه المسألة سترخي بظلالها على مسار عمل الحكومة·

الى ذلك، قال مصدر وزاري لـ <اللواء> ان النقاش في البيان الوزاري لا يزال في مراحله الاولى، متوقعا ان يحتاج الانتهاء من وضع المسودة النهائية للبيان نحو 10 الى 15 يوما· ولفت الى ان العناوين السياسية شبه محسومة نظرا الى انه سيتم الاقتباس من البيان الوزاري لحكومة سعد الحريري في ما يتعلق بالمقاومة والقرارات الدولية، وسيتم اعتماد صيغة عامة وحمّالة أوجه في ما خص المحكمة الدولية، تركز على احقاق العدالة والاستقرار في آن، على ان يبقى الموقف النهائي من المحكمة رهناً بنص القرار الاتهامي·

وتحدث عن حاجة الى بعض الوقت في ما خص العناوين الاقتصادية والاجتماعية، وخصوصا في ما يتعلق بالعناوين العريضة كالخصخصة والهيكلة والانماء، لافتا الى ان ملفي الاتصالات والطاقة سيكونان الاكثر حضورا على هذا المستوى، الى جانب المطالب الحياتية، من دون ان يستبعد في هذا الاطار ان تكون الاولوية لقرار حكومي بزيادة الاجور <لكي يتمكن المواطن من ان يعيش بالراتب الذي يتقاضاه> بحسب الوزير محمد الصفدي·

واوضح المصدر ان اللجنة لم تغص في تفاصيل البيان، وبقيت في الاطر العامة والعناوين· واتفق على ان يكون البيان مقتضبا ولن يتعدى الست صفحات، ولن تستغرق صياغته اكثر من اسبوعين على ابعد تقدير·

واكد المصدر على ان البيان لن يدخل في موضوع المحكمة الدولية، وانما سيشير اليها من خلال تأكيد إلتزام لبنان بالشرعية الدولية والالتزام بالعدالة، وانه سيكون بنفس الروحية السياسية لبيان حكومة الحريري، لافتا الى انه خلال اجتماع اللجنة قسمت المواضيع المطروحة الى اقسام، وسيقدم كل وزير معني مطالعته في الجزء الذي يعني اطار عمله لتناقش هذه الافكار في الاجتماع التالي الذي تقرر بعد ظهر يوم الثلاثاء المقبل·

السابق
الإعتدال ···في مواجهة اللون الواحد!
التالي
لبنان في بطن التأزم السوري