السيدا ينتشر والأهالي لا يثقفون أبناءهم جنسياً

كشف وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة المستقيلة سليم الصايغ أمس عن معطيات «مخفية» في موضوع انتشار فيروس المناعة المكتسبة (السيدا) بين اللبنانيين، والأهم بين طلاب المدارس.
وأشار الصايغ خلال حفل إطلاق الطبعة الأولى من كتاب منظمة الأمم المتحدة للطفولة، «يونيسف» «حقائق للحياة»، الى أن بعض الجمعيات الأهلية التي تساهم الوزارة في تمويلها رصدت إصابات بفيروس «السيدا» تصل إلى عشرين في المئة بين تلامذة بعض المدارس، وبالتحديد من عمر 14 إلى 18 سنة.
وشدد الصايغ على أن الرقم لا يعمم على المدارس اللبنانية، لكن النسبة رصدت في بعضها فقط.
ويشير كلام الصايغ، بما حمله من معطيات تعلن للمرة الأولى، إلى أهمية كتاب «حقائق للحياة» الذي أطلقته «اليونيسف» أمس، بهدف توفير معلومات وحقائق أساسية تفيد العائلة، بالتعرف إلى سبل الوقاية من المشاكل الصحية والحصول على المعارف السليمة المرتبطة بها.
وجاء الفيلم القصير «أصوات من الشارع» الذي حول آراء اللبنانيين عن الأمومة والرضاعة الطبيعية، والصحة الإنجابية وتجنب الأمراض المعدية، والوقاية من الحوادث.. وغيرها ليعطي فكرة عن حجم المعلومات المغلوطة التي يعرفها المواطنين وتؤثر على حياتهم.
مهنا صبية لا تريد أن تعيش تجربة الأمومة لأنها لا تريد أن تفسد شكل جسدها وثدييها، وهنالك شاب يعتبر أنه «مش محتاج للواقي الذكري» لأنه «محصن»، وتلك المرأة التي لن ترضع طفلها لأنها «مش فاضية». أما الأم التي تعرف عن نفسها ب«المتعلمة» فتقول أنها تقطع أي حديث مع ابنتها عن الأمور الجنسية لكي «لا تتفتح»..
وعليه، أكدت المديرة الإعلامية في «اليونيسف»، مكتب لبنان، سهى بساط البستاني أن الكتاب الذي تعتمده المنظمة في العديد من مكاتبها في العالم، «ضروري في لبنان بناء على معطيات ميدانية نتجت إثر مشاورات مكثفة مع 58 خبيرة وخبيرا تعاونت معهم «اليونيسف» في سبيل «لبننة» الكتاب».
يقع الكتاب في تسعة وعشرين فصلاً، وبني على أسس حقوق الإنسان، واتفاقيتي حقوق الطفل، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ويخرج من نمط عمل «اليونيسف» المتركز على ألأطفال بالدرجة ألأولى، وصحة المرأة لارتباطها بصحته وبحياته، ليتطرق إلى تمكين المرأة، وإن بصورة أفقية تحول دون تحويل الكتاب إلى منشور خاص بالمرأة فقط، من ممارسة حقوقها والمطالبة بها.
ولعل الأهم من إصدار الكتاب الذي شكل تحدياً لمكتب «اليونيسف» في بيروت على مدار ثلاث سنوات، هو كيفية إيصال المعلومات التي يحويها إلى الشرائح المستهدفة، وبالتالي الحؤول دون هدر الجهد البشري والمادي والخبراتي للمشروع.
تشير بستاني إلى أن «اليونيسف» بصدد إطلاق مشروع تجريبي لإيصال معلومات «حقائق للحياة»، وصولاً إلى وضع دليل تدريبي للأشخاص الذين سيكونون صلة الوصل بين المنظمة وبين الفئات المستهدفة.
وأكدت مسؤولة التنمية المحلية في «اليونيسف» جمانة ناصر ل«السفير» أن المشروع التجريبي لإيصال المعلومات سيبدأ في عكار، وبالتحديد في بلدات وادي الجاموس ودير دلوم – زوق المقشرين وفنيدق، حيث تنخرط البلديات الثلاث في مشروع «المجتمعات الصديقة للطفل».
وسينتقل إلى عكار فريق من الجامعة ألأميركية ليعمل مع موظفي «اليونيسف»، والمجموعات النسائية والاجتماعية المشكلة في البلدات الثلاث. وسيشرح فريق العمل، وفق ناصر، بالتعاون مع الجمعيات المعنية، مضمون الكتاب للعائلات والأسر المستهدفة، وسيكون نقاش حول الوسيلة ألأنجع لوصول المعلومة، وفهمها.
وسينتج عن اللقاءات وضع دليل تدريبي للعاملين الاجتماعيين ولأعضاء الجمعيات العاملة في المجتمعات المحلية، ولمن تنتدبهم البلديات لأنشطة التوعية الملازمة.
يبدأ الكتاب من المعطيات التي تشير أن عدداً كبيراً من النساء يعتقدن أن الإشراف على الحمل من قبل طبيب مختص أمر مبالغ فيه، ليخصص فصله ألأول حول «الأمومة المأمونة» وكيفية تفادي حدوث المشاكل المحتملة، وصولاً إلى ضمان ولادة طفل سليم، من أم سليمة. ويتضمن فصل ألأمومة المأمونة عرضاً لحالات الحمل الخطرة، وعلاقتها بوفاة الأمهات والأجنة أو ترك تشوهات عقلية وجسدية، والمشاكل التي يمكن تخطيها بالوقاية، وكيفية التعاطي مع عوارض الحمل وتسممه، والأهم القلق النفسي المصاحب وأسبابه والوقاية منه، وضرورة المباعدة ما بين حمل وآخر.
ويركز فصل الرضاعة الطبيعية على فائدتها ليس فقط على صحة الطفل، وإنما على صحة الأم وتجنيبها الكثير من الأمراض، وتحسين علاقتها مع الطفل، وكيفية الرضاعة السليمة، وموانعها والمدة المثالية، وكيفية فطم الطفل.
وبعد خمسين صفحة مخصصة للأمومة والرضاعة، يخصص الكتاب فصلاً لنمو الطفل البدني والعقلي واللغوي والاجتماعي والانفعالي، ليقدم خريطة طريق للأهل حول كيفية توفير البيئة المناسبة لذلك، مفنداً المهارات المكتسبة، ودلائل وجود أي مشكلة.
ويتوجه الفصل الخامس إلى الأهل الذين يهملون تلقيح اولادهم، وتأثير ذلك على صحة الطفل وحرمانه من المناعة المكتسبة، مع جردة باللقاحات الضرورية.
ويدخل كتاب «حقائق للحياة» من باب تغذية الطفل من عمر ستة اشهر ولغاية خمس سنوات، ليحدد مظاهر سوء التغذية عند ألأطفال وتسببها بأمراض نفسية وجسدية، بالإضافة إلى المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالأطعمة الجاهزة وتلك البيتية.
والتزاماً بشرح بديهيات المشاكل التي يتعرض لها الطفل يفرد الكتاب فصلاً للإسهالات الحادة وعوارضها والوقاية منها وسبل معالجتها، وضرورة استشارة الطبيب.
ومن فصل الحوادث المنزلية، يبدو أن الانتباه وعدم إهمال الطفل يجنبان العائلة الإصابات والحوادث التي يؤدي بعضها إلى عاهات دائمة أو إلى موت الطفل. ويفصل الكتاب في حوادث الحروق والجروح والاختناق والسقوط والغرق والكهرباء والتسمم على أنواعه، بالإضافة إلى طرق الوقاية منها وكيفية التصرف لدى وقوعها.
وتشير ذيول الإصابة بالأنفلونزا والأمراض التنفسية الشائعة إلى خطورة إهمالها حيث تؤدي في حال تفاقمها إلى التهاب الرئة وهبوط في الضغط والتهاب في الكبد والكلى وإصابة في صمامات القلب، وكيفية الوقاية منها.
ومن الأنفلونزا إلى نظافة ألأسنان وكيفية تنظيف لثة الرضيع ومن ثم أسنانه وتعويد الطفل على نظافة فمه مع عرض لمخاطر إهمال الفم وتسببه بأمراض كثيرة.
ونجد في باب النظافة الشخصية عرضاً للأمراض الناتجة عن إهمالها، مع شرح مفصل لمبادئها وشروطها لنمو سليم للطفل، بالإضافة إلى مبادئ تنظيف المسكن والتخلص من النفايات.
ويقدم الكتاب دليلاً للعائلات حول فوائد المياه وكمياتها ومظاهر تلوثها وكيفية المحافظة على سلامتها، وطرق تعقيمها بأشعة الشمس.
وبعد الرياضة وعلاقتها بالنمو والتغذية خلال فترة المراهقة، يدخل الكتاب في المواضيع الحساسة في تنشئة ألأجيال، ويقدم ربما، في ظل غياب التربية الجنسية في المدارس، معلومات علمية حول التغيرات النفسية والجسدية التي يشهدها المراهق، وضرورة التعامل معها بوعي لأنها «تحدد شخصية الفرد مستقبلاً». كما يجب على الأهل إيصال المعلومة للمراهق بالتدريج الذي يتناسب مع سنه. وعليه يوسع هذا الفصل في تعريف التغييرات التي تطرأ على المراهق ورصدها وتوعية الأهل على رصد مظاهرها.
ويتعاطى الكتاب مع الصحة الإنجابية والجنسية «كحالة من الرفاه الكامل بدنياً وعقلياً واجتماعيا في ما يتعلق بالجهاز التناسلي ووظائفه وعملياته.
ويطال الفصل الصحة الجنسية من مرحلة المراهقة وكيفية تعريفهم إلى أجسادهم ووظائف الأعضاء بطريقة علمية، وصولاً إلى علاقاتهم مع الشريك والحماية من الأمراض، انتهاء بالوصول إلى علاقة زوجية صحية وسليمة، وتنظيم الأسرة.
وخلافاً لما هو سائد عند بعض العارفين بخطورة الأمراض المنقولة جنسياً وعلى رأسها السيدا، يعرف الكتاب افراد العائلة على 21 نوعاً من الالتهابات المنقولة جنسياً، وعلى علامات الإصابة بها ومخاطرها وانتقالها وعدواها.
وبالإضافة إلى ابرز قواعد السلوك الوقائي، يخصص الكتاب حيزاً توعوياً حول الواقي الذكري، بالإضافة إلى تعريف السيدا وعوارضه وسنوات المرض ومراحله والصعوبات والأمراض المرافقة، وطرق انتقاله.
وبما أن الدراسات تؤكد ان 61.9 في المئة من النساء المصابات بعدوى «السيدا» التقطن العدوى من أزواجهن، يذكر الكتاب المرأة بحقها بمناقشة أمر الممارسة الجنسية مع زوجها في حال الشك بسلوكياته، وبضرورة إعلامها في حال إصابته.
ويركز «حقائق للحياة» على الكحول والمخدرات وضرورة متابعة الأهل لأبنائهم ومصادقتهم للتعرف إلى مشاكلهم تفادياً لوقوعهم فريسة للإدمان.
ويبحث الكتاب في دوافع الإدمان النفسية والاجتماعية، والعوامل المسببة، كما يرشد الأهل إلى التعرف على عوارضه، والأدوات التي قد يقتنيها المدمن والمشاكل الجسدية والنفسية والاجتماعية والسلوكية المصاحبة.
وفي حين يشير الكتاب إلى أن الصحة النفسية للفرد تحدد طريقة تعامله مع نفسه وكيفية شعوره تجاه الآخرين وكيفية مواجهته مطالب الحياة، يرشد الأهل إلى التعرف إلى الإصابة بالضغط النفسي والاكتئاب وبعض الطرق التي تخفف منه.
وفي باب العنف يوعي الكتاب الأسرة على مصادر الخطر التي تهدد الطفل، من ألأسرة نفسها عبر العنف على أنواعه أحيانا، وعبر التحرش الجنسي من الأقارب والمحيطين، وبأنواع التحرش الجنسي ومعاناة ألأطفال ودور الأهل ودلائله واساليب توعية الأطفال.
قدم للكتاب مديرة الإعلام في اليونيسف-لبنان سهى بساط البستاني وتحدث فيه كل من مديرة اليونيسف ألإقليمية شهيدة أظفر وممثلة المنظمة في لبنان آنا مارسا لوريني وسفيرة النيات الحسنة لليونيسف في المنطقة الفنانة نانسي عجرم والوزير سليم الصايغ.  

السابق
ما لم يُدركه الحريريون
التالي
يوميات مقاتل مــن أســرار تشــي غيفــارا