الجمهورية: أبرز عناوين البيان الوزاري والكونغرس لوقف المساعدات المالية عن لبنان

ارتاحت الحكومة الجديدة من همّ شكلياتها، فأخذت الصورة التذكارية وشكّلت لجنة البيان الوزاري، مؤكّدة لنفسها أنها صناعة لبنانية مئة في المئة ومن دون أي تدخلات خارجية، وفق ما نقل عن رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي شكر لرئيس المجلس النيابي نبيه بري مساعدته في تسهيل ولادة الحكومة، وللرئيس نجيب ميقاتي "طول صبره"، لكنّه تنبّه "إلى افتقار الحكومة إلى العنصر النسائي".

وأزالت الحكومة همّها الثاني ألا وهو غياب الوزير طلال أرسلان، في وقت حضرت ملائكته عبر الاتصالات الرسمية التي أجريت لحل عقدته، وأفضت إلى الاتفاق على توزير نسيبه مروان خير الدين.

لكنّ الشكليات لم تلجم في الواقع المخاوف التي تسود لبنان منذ الإعلان عن حكومة اللون الواحد، ولم تهدّىء من روع المواطنين الذين ذهبت بهم حال القلق إلى توقعات سوداوية لا تبشّر بكثير من الخير، في وقت دعت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي إليانا روس لهيتينين إلى التأكد من أن لا أموال أميركية تتوافر لحكومة حزب الله التي تشكلت في لبنان. وقالت في هذا السياق: "على مدى سنوات حذر أعضاء الكونغرس من أنّ الحكمة تقضي بعدم تمويل حكومة لبنانية يشارك فيها حزب الله"، مضيفة: "كان واضحا أن نفوذ حزب الله ينمو، وأن السلطة التنفيذية ليس لديها استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع هذا الواقع ولا خطة طوارئ لمنع المساعدة الأميركية من الوقوع في الأيدي الخطأ".

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تعتبر أن التشكيلة الحكومية في لبنان جاءت مخيّبة للآمال.

وقالت مصادر دبلوماسية لبنانية لـ"الجمهورية" إنّ السفارات الأجنبية في لبنان تلقّفت أمس وبسرعة بيان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بعد لقائه الوزير فيصل كرامي عن حكومة تعتمد في بيانها الوزاري انتصارات المقاومة وثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، وأرسلته بالبريد السريع إلى حكومات بلادها في إشارة سلبية إلى أنّ حكومة نجيب ميقاتي باتت تحت المجهر الدولي على كل المستويات السياسية والدبلوماسية في ضوء الأحلاف القائمة في المنطقة والعالم.

وفي غياب الرئيس سعد الحريري، يتسلّم ميقاتي مهامه في رئاسة الحكومة التاسعة صباح اليوم، حيث تغيب التشريفات الرسمية المتروكة لما بعد نيل الحكومة الثقة حسب أوساط الأخير.

وسيكون الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي سهيل بوجي ورؤساء المصالح والدوائر في استقباله، قبل أن يدخل مكتبه حيث يبدأ لقاءاته باجتماع عمل.

وقالت مصادر حكومية مطلعة إنّ فريق الحريري أفرغ محتويات مكتبه منذ فترة طويلة ونقل إلى بيت الوسط مجموعات من الملفات القليلة التي كانت في مكتبه الخاص ذلك أنه لم يكن يحتفظ بالكثير منها في السراي ومعظمها يحفظ في مكتبه الخاص في بيت الوسط ولدى مستشاريه وأعضاء فريق

العمل المعاون له.

كما أخليت مكاتب المستشارين الذين كانوا في تصرّف الحريري، وتوزّعت مجددا خلال الساعات القليلة الماضية على فريق ميقاتي ومستشاريه جميعا.

وفي العاشرة صباحا يرأس ميقاتي الاجتماع الأول للجنة الوزارية المكلفة وضع مسودة البيان الوزاري في السراي، حيث من المقرر أن يبدأ البحث انطلاقا من مسودة بيان أنجزها فريق العمل الخاص به لا يتعدى 3 صفحات فولسكاب قابلة للتوسع في المناقشات، ويحتوي في جزء منه على فقرات سمّيت من "الثوابت في البيانات الوزارية السابقة" وتحت عناوين عدة، منها السياسي والاقتصادي والأمني والقضائي والعدلي والعناوين الأمنية إضافة إلى فقرات تتصل بالقطاعات الاقتصادية والإنتاجية وهي عناوين خصّص لها فريق ميقاتي أكثر من فريق من مؤسّساته ومكتبه الخاص ركّزت على سلسلة من العناوين في كل المجالات والميادين.

وقالت مصادر اطّلعت على جوانب من التحضيرات، إنّ البيان سيكون شاملا، ولن يوفر أي ملف أو عنوان بصيغة متجددة تأخذ في الاعتبار المستجدات الإقليمية والدولية.

وفي الجزء المخصّص للعلاقات الخارجية، سيؤكد التزام لبنان القرارات والاتفاقات الدولية واحترامها، على أن يبقى موقف الحكومة من المحكمة الدولية موضع تشاور حتى اللحظة الأخيرة قبل إعلان البيان الوزاري.

وسيتمنّى ميقاتي على اللجنة تكثيف اجتماعاتها لبت البيان في أسرع وقت ممكن، آملا في أن يكون جاهزا نهاية الأسبوع المقبل، في وقت يتزامن مع انتهاء أعمال التسليم والتسلّم في الوزارات كلها ليطلب ثقة المجلس النيابي على أساسه.

عناوين البيان الوزاري

بالتوازي، أضاءت مصادر متابعة على أبرز عناوين البيان الوزاري والتي ستركز على: التزام الطائف، تأكيد معادلة الجيش والشعب والمقاومة، تعزيز العلاقات بين لبنان وأشقائه العرب وفي مقدّمهم سوريا، رسم خطة دفاعية لمواجهة أي عدوان إسرائيلي، إصدار قانون انتخابي عصري وجديد يلبّي طموحات اللبنانيين، الشروع في التعيينات الإدارية لملء الشواغر، تعزيز الرقابة والمساءلة والمحاسبة، العمل على وضع الحلول للأزمة الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية وحلّ أزمة الكهرباء، إصدار المراسيم التطبيقية لقانون النفط الذي أقره المجلس النيابي منذ سنة ليتمكن لبنان من استخراج النفط والغاز من مياهه الإقليمية.

إلتزام القرارات الدولية بما فيها القرار 1701، والتعاون مع الأمم المتحدة لمساعدة لبنان على ترسيم الحدود المائية.

بالتزامن، كشف مصدر بارز في قوى 8 آذار لـ"الجمهورية" أنّ خطة عمل الحكومة ستتناول في جزء أساسي منها القضايا المعيشية والاقتصادية والمطلبية والتركيز على قانون انتخابي جديد وإعادة تركيبة الدولة على الأسس القانونية والدستورية وإلغاء كل الخروقات التي حصلت.

وإذ حدّد أبرز عناوين البيان الوزاري بتأكيد دور المقاومة والاستراتيجية الدفاعية المرتكزة على معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وبتأكيد احترام القوانين الدولية، أبدى الاستعداد للانفتاح على الخارج إذا أراد التعاون مع لبنان من دون أي شروط سياسية تفرض عليه.

دخول إسرائيلي

وفي الانتظار دخلت إسرائيل على خط الحكومة، فأملت، حسب بيان الخارجية الإسرائيلية، في "أن تحافظ الحكومة اللبنانية الجديدة على حال الهدوء على الحدود بين البلدين، وأن تسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي وتطبيق القانون على طول حدودها". أضاف: "تنتظر إسرائيل من الحكومة اللبنانية أن تطبّق قرارات مجلس الأمن وخصوصا الـ1701 وتحلّ كل الملفات المعلقة عن طريق المفاوضات والاحترام المتبادل".

حركة جنبلاط

في هذا الوقت، وبعدما اطمأنّ إلى مسار الأمور، تحرّك النائب وليد جنبلاط في رفقة الوزير غازي العريضي في اتجاه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، ليؤكدا "ضرورة التعاون الوثيق بين مختلف مكوّنات الحكومة الجديدة من أجل ضمان نجاحها".

ثم تحرّك جنبلاط في اتجاه فردان، والتقى ميقاتي في حضور: الوزراء العريضي، وائل أبو فاعور، علاء الدين ترو ونقولا نحّاس.

وفيما أدرجت مصادر مواكبة حركة جنبلاط في إطار تعزيز دوره في التركيبة الجديدة وتأكيد خياره، وصف الأخير الحكومة بأنها "حكومة إئتلاف وطني عريض ليست مفروضة من الخارج أو من لون واحد كما يقال، متنوعة متعددة فيها كل الآراء الديمقراطية، وعلى الآخرين أن يقبلوا بتداول السلطة، لا أكثر ولا أقل".

هجوم 14 آذار

وعلى المقلب الآخر من النسيج السياسي اللبناني، استكملت المعارضة هجومها على "حكومة العصر الحجري" و"حكومة الوصاية غير المنقّحة ولو بوجوه مختلفة"، كما وصفها الدكتور سمير جعجع "لارتباطها كليا بالنظام السوري"، ما يشكّل أسوأ خيار استراتيجي للبنان في الوقت الحاضر.

من جهتها، أعلنت قوى "14 آذار" أنّها "ستواجه هذه الحكومة ومَن وراءَها من موقع المعارضة"، معتبرة "أنّ وظيفة الحكومة الجديدة هي إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 14 آذار 2005، إلى زمن الوصاية البائدة وإدخال لبنان في منظومة إقليمية منتهية الصلاحية وفي طريقها إلى الانهيار".

ودفاع 8 آذار

وفي المقابل، قال مصدر بارز في قوى 8 آذار لـ"الجمهورية": ليس همّنا أن يصدقوا إذا كانت الحكومة لبنانية مئة في المئة، فوظيفتهم الأساسية التشويش على البلاد وإلقاء التهم جزافا ومهما قدّمنا إليهم من أدلّة ومنطق وبراهين لن يمشي الحال معهم، وهذا آخر همّنا. ما يهمّنا هو أن تنال الحكومة الثقة لتنطلق عجلة العمل وتعالج هموم المواطن الحياتية في شكل أساسي وأن تتصدى للمؤامرة السياسية.  

السابق
لا خوف على سورية في سبيل الوطن.. لا نهاب الزمن
التالي
البناء: شبيبةُ سوريا حماةُ الديار